مال واقتصاد

بعد انخفاض أسعار النفط .. الاقتصاد الخليجى‮ ‬فى ‬مأزق

تساؤلات ومخاوف عديدة‮  ‬حول مستقبل اقتصاد الدول الخليجية أثارتها أزمة انهيار أسعار النفط التى تعد أطول موجة هبوط أسعار منذ الأزمة المالية العالمية‮  ‬فى شهر‮ ‬يونيو‮‬2008‭‬ .

تعد السعودية والإمارات والكويت وقطر والعراق والبحرين وسلطنة عمان من أكثر الدول التى قد‮  ‬تتأثر بأزمة انهيار اسعار النفط نظرا لاعتمادها شبه الكلى على تصدير النفط كمصدر أساسى للدخل القومى وهذا حدث بالفعل فالسعودية مثلًا التي‮ ‬ظلت المنتج الأول للنفط على مستوى العالم لعقود ماضية،‮ ‬شهدت عجزًا في‮ ‬موازنتها العامة في‮ ‬عام‮ ‬2009‮ ‬بعد الأزمة المالية العالمية،‮ ‬بسبب انخفاض الطلب على النفط،‮ ‬حيث بلغ‮ ‬العجز بالموازنة السعودية كنسبة من الناتج المحلي‮ ‬الإجمالي‮ ‬6‭.‬1‮ ‬٪،‮ ‬وفي‮ ‬الإمارات‮ ‬8‭.‬3‮ ‬٪‮..‬

ورغم انخفاض الأسعار الرهيب فى سوق النفط خرج وزير النفط السعودي‮ ‬علي‮ ‬النعيمي‮ ‬الى العالم معلنا ان بلاده لن تتدخل لإنعاش أسعار النفط بخفض الانتاج حتى لو انخفضت إلى‮ ‬20‮ ‬دولارا‮  ‬للبرميل بهدف‮  ‬الدفاع عن حصص السوق المخصصة لهم مهما كان الثمن وذلك فى تحد شبه صريح للدول التى قامت بإنتاج بترول من حقول صخرية مرتفع التكلفة وهو الأمر الذى قد‮ ‬يستغله لرفع الاسعار مرة أخرى فى العالم‮ .‬

‮»‬الأهرام الاقتصادى‮« ‬سألت الخبراء ما‮  ‬هى الأسباب الرئيسية لانخفاض أسعار النفط فى العالم‮  ‬؟ وماهى التوقعات الجديدة خلال العام القادم ؟ وكيف تتشابك السياسة مع الاقتصاد فى قطاع النفط ؟

فى البداية‮ ‬يقول سيد عويضى الخبير الاقتصادى والمحلل الفنى لأسعار الذهب والبترول أن الأسباب الرئيسية لانخفاض النفط هو كثرة المعروض خاصة بعد بدء امريكا فى انتاج البترول الصخرى رغم تكلفته العالية الا انها بالاضافة لأنتاجها الطبيعى حققت اكتفاء ذاتىا من النفط و خرجت من سوق الاستيراد وتلك الانخفاضات كانت متوقعة فى حال وصول امريكا لهدفها من الاكتفاء الذاتى من النفط بعد محاولاتها العديدة للوصول الى ذلك اما تأثير هذا الانخفاض على المستوى العالمى فأعتقد انه لن‮ ‬يسبب انهيارات اقتصادية حيث ان انخفاض اسعار النفط‮ ‬يصب فى الاساس فى صالح اقوى اقتصاد على مستوى العالم و هو الاقتصاد الامريكى و ليس العكس‮ ‬،‮ ‬كما ان انخفاض اسعار الطاقة بصفة عامة‮ ‬يصب فى صالح الاقتصاد حيث‮ ‬يخفض من تكلفة عنصر اساسى من عناصر الانتاج‮ .‬

وأضاف أن التأثير سيكون بالاساس على الدول التى‮ ‬يعتمد اقتصادها بشكل اساسى على النفط كدول الخليج و تلك الدول ايضا لديها من الفوائض ما‮ ‬يجعلها تتحمل انخفاض عوائد النفط لسنوات‮ ‬،‮ ‬ربما المتأثر الاكبر من هذا الانخفاض هى روسيا و هذا ما ظهر على انهيار عملتها امام الدولار‮.‬

اما من الناحية الفنية فأوضح عويضى أن الانخفاض السريع و المتوالى و العنيف لأسعار النفط‮ ‬يرجح لدينا فكرة ارتداده سريعة ايضا و خاصة ان النفط قد وصل لمستوى‮ ‬50‮ ‬دولا اى اقل من نصف قيمته قبل شهور قليلة و هذا‮ ‬ينبىء عن بيع مبالغ‮ ‬فيه تدخلت فيه سيكولوجية المتعاملين السلبية تجاه الاحداث و لذلك نتوقع ارتداده للنقط لأعلى من حدود‮ ‬50‮ ‬دولا اعلى او اقل قليلا منه نحو مستوى‮ ‬75‮ ‬دولار و الثبات هناك لفترة حتى تتضح الرؤية‮  ‬فيما‮ ‬يتعلق بانتهاء الأزمة للدول المنتجه خاصة أن تلك الدول تستهدف اسواقا اخرى مؤثرة فى الاقتصاد مثل الأسواق الآسيوية و الصين‮ .‬

ويرى محمد الغبارى محلل اقتصادى‮  ‬أن دول الخليج تعتمد اعتماد رئيسي‮ ‬على البترول كمورد للدخل،‮ ‬و انخفاض البترول أو النفط لأدنى مستوياته منذ‮ ‬5‮ ‬سنوات ونصف قد وضع كثير من الدول الخليجية في‮ ‬وضع قلق أمام مستقبل أسعار النفط‮ ‬،‮ ‬ولكنى أتوقع ان انخفاض النفط بالوقت الحالي‮ ‬لن‮ ‬يستمر طويلا وسيتعافى قريبا حيث هذا هو حال الأسواق المالية في‮ ‬شتى منتجاته سواء أوراق مالية أو نفط أو معادن ثمينة فلكل هبوط نهاية ولابد من الصعود والعكس صحيح،‮ ‬لذا من المتوقع أن‮ ‬يستقر أسعار النفط وربما قريبا سنجد أسعار أفضل مما عليه الآن وأتوقع أن الأسعار الحالية ستكون مطمعا للمضاربين والمتاجرين في‮ ‬البورصات العالمية للشراء في‮ ‬النفط بهذه الأسعار المتدنية‮.‬

وأضاف أنه رغم‮   ‬القوة الاقتصادية لبعض الدول الخليجية التى قد‮  ‬تمكنها من تحمل تذبذبات النفط السلبية المؤقتة إلا أن هذا مرهون على الوقت الزمني‮ ‬لهبوط النفط حيث فإذا استمر النفط في‮ ‬الهبوط ولفترة زمنية طويلة قد تضع اقتصاديات الدول الخليجية في‮ ‬وضع محرج وقد تتأثر بشكل كبير‮ .‬

وقال إن هناك تفاؤلا خليجيا بشأن استقرار النفط الخام رغم التوقعات السلبية التي‮ ‬تشير الى انخفاض الطلب على النفط مع استمرار تراجع الأسعار،‮ ‬حيث خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي‮ ‬على النفط عام‮ ‬2015‮ ‬بواقع‮ ‬230‮ ‬ألف برميل‮ ‬يوميا،‮ ‬مما قد‮ ‬يؤدى إلى التوقعات السلبية بشأن مستقبل اسعار النفط وبالطبع أثر هذا الخبر بشكل جوهرى على أسواق الأسهم لدول الخليج ولعل شاهدنا الهبوط الجماعي‮ ‬لأسواق الأسهم لدول الخليج وذلك بسبب عمليات البيع المحموم من المستثمرين بسبب تخوفهم أن حكومات الدول الخليجية تخفض من إنفاقها نتيجة انخفاض إيرادات تلك الحكومات وأيضا ربما‮ ‬يكون هناك تخوف أكثر في‮ ‬أن الحكومات تلجأ إلى رفع الضرائب لسد عجز إيرادات تلك الدول‮ .‬

وإذا افترضنا‮ – ‬والكلام مازال للغبارى‮ – ‬أن أسواق النفط سيستمر في‮ ‬الهبوط فلن تقف حكومات الدول الخليجية‮  ‬مكتوفة الأيدي‮ ‬بل ستسعى إلى خفض الإنتاج من النفط بموافقة من منظمة الأوبك مع العلم أن فينزويلا كانت تسعى لذلك بالاجتماع الأخير لأعضاء منظمة الأوبك ولكن باءت بالفشل‮.‬

‮ ‬نرى ايضا أن الحكومات الخليجية‮ ‬يجب أن تتحرك‮  ‬لوضع أنظمة وسياسات وخطط تحافظ على استقرارها الاقتصادي‮ ‬لمواجهة تأزم أسعار النفط ليكون لهم خطط بديلة لزيادة النمو الاقتصادي‮ ‬بعيدا عن الاعتماد على النفط كمورد أساسي‮ ‬للدخل القومي‮ ‬وتأخر أي‮ ‬دولة لإيجاد البديل سيعرضها حتما إلى تأزم وأضطراب شديد في‮ ‬إقتصادياتها ونرى أن أكثر الدول الخليجية تأثرا بموجة الهبوط للنفط البحرين وسبطنةعمان حيث أنها أكثر الدول الخليجية حاجة إلى رفع أسعار النفط ليصل إلى أعلى من‮ ‬100‮ ‬دولار للبرميل حتى تستطيع تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في‮ ‬الموازنة العامة‮ ‬،‮ ‬بينما تتمتع كلّ‮ ‬من السعودية وقطر والإمارات والكويت بوضع أفضل،‮ ‬نظراً‮ ‬لنضوج أنظمتها المصرفية المحلية وتطوّرها،‮ ‬ونفاذها إلى الأسواق الدولية على نطاق واسع،‮ ‬بالإضافة إلى صناديق الثروات السيادية الضخمة التي‮ ‬تحقّق عوائد استثمارية مرتفعة للغاية‮.‬

أما الدكتور فؤاد أبو اسماعيل‮  ‬أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر فيرى أن هناك لعبة سياسية مكشوفة وراء تعمد خفض الطلب العالمى على النفط‮   ‬وخفض الأسعار وذلك للضغط على الاقتصاد الروسى الذى‮ ‬يعد المصدر الأول للنفط فى العالم بسبب الاضطرابات السياسية بين امريكا وروسيا وقيام الاخيرة بضم جزيرة القرم اليها‮  ‬كما أنها قد تكون تعمدت خلال هذه الفترة الى استخدام مخزونها الاستراتيجى من النفط بدلا من الاستيراد‮  ‬للضغط على الدول الخليجية بتمويل الحرب ضد داعش الذى سيصب فى النهاية فى مصلحة الاقتصاد الامريكى عند شراء السلاح من مصانعها لمواجهة جماعات داعش‮ .‬

وقال‮: ‬إن خفض الانتاج العالمى من النفط لن‮ ‬يكون قرارا سهلا لأنها أمور فنية ترتبط بمعدلات تشغيل فلا‮ ‬يمكن للدول المنتجة‮  ‬فجأة اتخاذ قرار بتقليل ضغط ضخ البترول من الآبار على المدى القصير‮ .‬

وأوضح أن منحنى الاستهلاك العالمى من النفط شبه ثابت ومتوقع ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬ينخفض فجأة خاصة مع دخول فصل الشتاء فى الدول المستوردة للنفط وبالتالى فهناك ضغط على بعض الدول لزيادة المعروض فى السوق واما ان سعر البترول كان أساسا سعر متضخم ولا‮ ‬يعبر عن الطلب الحقيقي‮ .‬

وقال‮: ‬إن كل الدول التى تعتمد على سلعة معينة كمصدر للدخل القومى دائما ما تعد أكثر من ميزانية فى بداية السنة المالية تتواكب مع اى انخفاضات فى سعر هذه السلعة وبالتالى فإن دول الخليج لن تتاثر بهذه الانخفاضات على المدى القريب والعاجل‮  ‬وأتوقع الا تستمر هذه الأزمة فى العام الجديد وستعود الأسعار الى معدلها الطبيعى نظرا لتنامى الطلب العالمى‮ .‬

مقالات ذات صلة

مال واقتصاد

بعد انخفاض أسعار النفط .. الاقتصاد الخليجى‮ ‬فى ‬مأزق

تساؤلات ومخاوف عديدة‮  ‬حول مستقبل اقتصاد الدول الخليجية أثارتها أزمة انهيار أسعار النفط التى تعد أطول موجة هبوط أسعار منذ الأزمة المالية العالمية‮  ‬فى شهر‮ ‬يونيو‮‬2008‭‬ .

أكمل القراءة »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى