ضرائب

عدم خضوع عقد المقاولة لضرائب المبيعات

عدم خضوع عقود المقاولات للضريبة العامة على المبيعات.

استعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه إفتاؤها من عدم خضوع عقود المقاولات للضريبة العامة على المبيعات والذي شيدته على أساس أن المشرع في قانون الضريبة العامة على المبيعـــات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وضع تنظيماً شاملاً للضريبة العامة على المبيعات عين بمقتضاه السلع والخدمات الخاضعة للضريبة فأخضع السلع المحلية والمستوردة والخدمات التي أورد بيانها بالجدول رقم (2) المرافق للقانون لهذه الضريبة وجعل مناط استحقاقها مجرد بيع السلعة أو تأدية الخدمة من المكلف. كما حدد المشرع سعر الضريبة العامة على المبيعات بفئة 10%من قيمتها وذلك فيما عدا السلع المبينة في الجدول رقم (1) المرفق بالقانون فجعل سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل سلعة مدرجة به بينما أفرد الجدول رقم (2) للخدمات الخاضعة للضريبة وبيان سعرها. وناط برئـيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة أو تعديل سعرها. كما أجاز له تعديل الجدولين رقمي (1) و(2) المشار إليهما حذفا وإضافة وبسند من ذلك صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (77) لسنة 1992 بتعديل الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات وأضيف إليه خدمات التشغيل للغير بفئة ضريبية 10%. كما أن قانون الضريبة العامة على المبيعات عرف المفاهيم والمصطلحات الواردة بالمادة (1) منه تعريفاً عاماً وخص مفهوم الخدمة بأنها كل خدمة واردة بالجدول رقم (2) المرافق للقانون. بما يعنى أن المشرع قد عزف عن التعريف للخدمة بالمفهوم العام المجرد وشاء أن يضع لكل خدمة يرى شمول الضريبة لها اسماً تنفرد به على سبيل الحصر والتعيين في الجدول المرافق للقانون والذي يملك رئيس الجمهورية مكنة الإضافة إليه وتعديله. بيد أن هذه المكنة يتعين أن تكون في إطار ما رسمه المشرع بأن يكون بيان الخدمة بالتفريد العيني لها وليس بالتعريف العام المجرد الذي لم يشأ المشرع أن يسلك سبيله فيما يتعلق بتحديد الخدمة في تطبيق أحكام هذا القانون. وفي ضوء من ذلك ينبغي فهم قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1997 بما يحمله على الصحة ويبعده عن اللبس والغموض والتعريفات العامة بما مؤداه أن عبارة ” خدمات التشغيل للغير” المضافة إلى الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات بقرار رئيس الجمهورية آنف الذكر لا تشمل عقود المقاولات ودلالة ذلك أن المشرع بعد أن عين في الجدول رقم (2) المرافق للقانون آنف الذكر عددا من الخدمات التي تدخل في عموم خدمات التشغيل للغير مثل خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحي وخدمات التلكس والفاكس والنقل المكيف بين المحافظات وخدمات الوسطاء الفنيين لإقامة الحفلات العامة أو الخاصة صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (77) لسنة 1992 بإضافة خدمات التليفون والتلغراف المحلى وخدمات الاتصالات الدولية وخدمات التركيبات والتوصيلات التليفونية ثم أورد عبارة ” خدمات التشغيل للغير” كذلك – وهى عبارة تتسع لكل الخدمات المذكورة أنفا وبما مفاده أنه قصد بها سائر الخدمات المتعلقة بهذا النوع المشار إليه من قبل ومن ثم تخرج عنها عقود المقاولة إذ أنها ليست من جنس ما ذكر ولو قصد صاحب القرار إخضاعها للضريبة على المبيعات ما أعوزه النص على ذلك صراحة وأية ذلك أيضاً أنه صدرت قرارات تالية لرئيس الجمهورية بإضافة خدمات أخرى إلى ما يخضع للضريبة وهى تتعلق بتأجير السيارات والبريد السريع وشركات النظافة واستخدام الطرق والوساطة لبيع العقارات والسيارات ولو كان مقصد مصدر القرارات المذكورة هو عموم خدمات التشغيل للغير لما احتاج إلى إصدار القرارات المشار إليها ولما احتاج المشرع إلى ترديد ذات الخدمات المشار إليها خدمة.
وأن استبقاء مدلولات المفاهيم التي استخدمها القانون رقم (11) لسنة 1991 في ظل العمل بالتعديل الذي شمله القانون (2) لسنة 1997 يفيد انه وان كانت السلع المفروضة عليها الضريبة معرفة بالقانون ذاته تعريفا شمله نص المادة(1) من حيث إنها ” كل منتج صناعي سواء كان محليا أو مستوردا” وقد بقيت على تعريفها بعد العمل بالقانون (2) لسنة 1997 فان الخدمات لم يضع لها قانون ضريبة المبيعات تعريفا عاما يحيط بمدلولها كما وضع بالنسبة ” للسلع” وان أشار إليها في المادة(1) الخاصة بالتعريفات بأنها” كل خدمة واردة بالجدول رقم (2) المرافق” وبقيت الخدمات بعد العمل بالقانون رقم (2) لسنة1997 على حالها من الإشارة إليها لا بالتعريف العام ولكن بذكر المفردات العينية لنوع الخدمات التي يقدر المشرع شمول الضريبة لها فيدرجها باسمها في الجدول رقم(2) من القانون. وقد أكدت المادة (2) من قانون ضريبة المبيعات هذا الفارق فنصت في فقرتها الأولى على فرض الضريبة على السلع المصنعة محليا أو مستوردا” إلا ما استثنى بنص خاص ” فهي تفرض على عموم ما يعتبر سلعة ويدخل في مفهومها وتحيطه دلالتها ولا يستثنى إلا ما يرد بشأنه نص خاص يحدد نوع سلعة أو جنس سلع محددة على سبيل الحصر. أما الخدمات فأشارت إليها الفقرة الثانية من المادة ذاتها بان ” الضريبة تفرض على الخدمات الواردة بالجدول رقم (2)…..” أي بالتفريد العيني لكل من أنواعها. ومن ثم فان جوهر ما أنبني عليه إفتاء الجمعية العمومية بشأن الخدمات الخاضعة لأحكام قانون ضريبة المبيعات إنما يبقى على ما هو عليه. ولا ينال مما تقدم صدور حكم من محكمة النقض بجلستها المنعقدة بتاريخ 16 / 4 / 1998 في الطعن رقم 221 لسنة 67 القضائية وحكم من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 320 لسنة 45 القضائية بجلسة 4 / 6 / 2000 يحملان تفسيراً مغايراً لما انتهت إليه الجمعية العمومية حيث خلصا ــ بعد استعراض أحكام قانون الضريبة العامة علــى المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 – إلى انصراف عبارة ” خدمات التشغيل للغير ” في خصوص نشاط المقاولات إلى عنصر العمل وحده دون المواد المستخدمة التي تنظم الضريبة عليها الجداول الخاصة بالسلع متى كان هذا العمل يزاول على وجه الممارسة والتكرار وكان القائم به من المكلفين بتحصيل وتوريد الضريبة العامة على المبيعات.
ذلك أن الجمعية العمومية طالعت الحكمين المشار إليهما وارتأت أن هذا القضاء قد صح ــ في تقديرها ــ فيما إستفاده أولاً من أن المشرع وضع لكل خدمة ارتأى شمول الضريبة لها اسماً تنفرد به على سبيل الحصر والتعيين وهو ما يخرجها عن المدلول العام المجرد بما لازمه اعتبار مقصود المشرع من عبارة ” خدمات التشغيل للغير ” مدلولاً محدداً لخدمات معينة. كما أصاب القضاء المشار إليه في تأكيده على أنه لو كان مقصود المشرع من عبارة ” خدمات التشغيل للغير” مدلولاً عاماً ينصرف إلى عموم الخدمات لما احتاج الأمر إلى أن يخضع الخدمات الواردة بالجدول (ز) الملحق بالقانون رقم (2) لسنة 1997 للضريبة وهى الخدمات التي تتعلق بتأجير السيارات والبريد السريع وشركات النظافة واستخدام الطرق إذ أن هذه الخدمات الأخيرة تندرج تحت هذا المدلول العام ويتفق الاستخلاص المتقدم للقضاء المشار إليه مع ما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع المطرد في هذا الشأن اتفاقاً تاماً ويعد ترديداً له.
ولكن القضاء المشار إليه ذكر أن ” التشغيل للغير ” له معنى خاص هو المزاولة بالممارسة والتكرار وهنا يفترق عن رأى الجمعية العمومية ذلك أن المعنى اللغوي الذي تبناه لتلك العبارة يحيد عن هذا الاستنتاج فالعبارة لم تتضمن معنى يحمل تقييدها بالممارسة والتكرار الأمر الذي يكون معه القضاء المشار إليه قد خصصها بما لم تعرف الجمعية العمومية له أسباباً قانونية ولا مناهج فقهيه تقتضى هذا التخصيص كما أن المزاولة بالممارسة والتكرار لا تفرق المقاولة عن عقد العمل فأي عمل يمكن أداؤه على وجه المزاولة والتكرار دون أن يفيد ذلك خروجه عن طبيعة عقد العمل ودخوله في عقود المقاولة أو العكس.
ومن ناحية أخرى فان الرأي الذي تبناه هذا القضاء اقتطع من عقد المقاولة احد عناصره وجعله عقد عمل محض رغم أن عقد المقاولة طبقاً لنص المادة 646 من القانون المدني هو عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو يؤدى عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر وهـو يشتمل على نوعين من المعاملات أولهما صنع شيء وهذا هو الإستصناع في الفقه وهو يقوم على مستصنع وهو طالب الصنعة وصانع وهو من يقوم بتحضير المادة الأولية ويتولى العمل ومادة وهى محل العقد وثمن وهو المال الذي يدفعه المستصنع نظير المطلوب صنعه وهو قيمة المادة الأولية مع عمل الصانع. وهذا المعنى أكده ما جاء في المادة 647/2 من القانون المدني ” كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معاً “. وثانيهما أداء عمل لقاء أجر وهذا هو الإجارة على العمل في الفقه ويوضح ذلك ما ورد في المادة 647/1 من القانون المدني ” يجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التي يستخدمها ويستعين بها في القيام بعمله ” وحتى في هذه الحالة فان المقاول يلتزم بان يقدم على نفقته ما يحتاجه في إنجاز العمل من أدوات ومهمات إضافية حسبما نصت الفقرة (2) من المادة (649) من القانون المدني فهو لا يقدم جهد عمل خالصاً إنما يقدم عملاً ممزوجاً إما بمادة وإما باستخدام أدوات ومهمات تتبعه ولا تتبع رب العمل. فالاستصناع ضربُ من ضروب المقاولة وقد عرفته مجلة الأحكام العدلية في المادة 124 بأنه ” عقد مقاولة مع صاحب الصنعة على أن يعمل شيئاً “.
وفي حالة ما إذا قدم المقاول العمل والمادة فان النظر السابق أن العقد في هذه الحالة يصبح مزيجاً من بيع ومقاولة بحيث يقع البيع على المادة وتسرى أحكامه فيما يتعلق بها وتقع المقاولة على العمل وتنطبق أحكامها عليه يشطر العقد ذا الطبيعة الواحدة إلى علاقتين عقديتين متباعدتين بحسبانهما بيعاً وعملاً الأمر الذي يصعب تطبيقه عملاً على عقد واحد امتزجت فيه المادة بالعمل امتزاجاً تاماً بحيث أصبحا محلاً واحداً للعقد دون إمكان تخصيص أحدهما بحكم متميز لا يسرى على الآخر والحال أن صنيع المقاول لا يعد عملاً بالمعنى الاصطلاحي الذي يعرف به العمل في القانون المدني وفقه قانون العمل من كونه نشاط يجرى لخدمة آخر وتحت إدارته أو إشرافه طبقاً لحكم المادة 674 مدني وجوهر علاقة العمل أن يجرى تحت إدارة صاحب العمل أو إشرافه على خلاف عقد المقاولة الذي يخلو بطبيعته من هذا المفاد. بل ولا يجد هذا النظر مجالاً للتطبيق ابتداء من الناحية الضريبية حيث أن تجزئة العملية الواحدة إلى عمل ومادة ثم إخضاع العمل بعد تحديد نسبته في العملية للضريبة يثير من اللبس والغموض مالا يخفي عند تحديد وعاء الضريبة وهو ما سعى المشرع إلى تجنبه بتفريد الخدمات الخاضعة للضريبة العامة على المبيعات بوضع أسم لكل منها تنفرد به على سبيل الحصر والتعيين مع تحديد فئة الضريبة السارية عليه تحديداً قاطعاً حتى لا يدع مجالاً للاختلاف في تحديد الوعاء الخاضع للضريبة من خدمة إلى أخرى بحسب نسبة العمل الداخل فيها للعملية كلها وإلا أصبح زمام الضريبة بيد الجهة الإدارية تتولى تنظيم أوضاعها وتحديد وعائها وأسس تقديرها وبيان مبلغها والملتزمين أصلاً بأدائها والمسئولين عنها وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها وكيفية أدائها رغم أن كل أولئك منوط بالسلطة التشريعية وحدها طبقاً لنص المادة (119) من الدستور. هذا وقد اخضع القضاء المشار إليه عنصر العمل فقط في نشاط المقاولات للضريبة العامة على المبيعات بصرف عبارة خدمات التشغيل للغير إليه متى كان هذا العمل يزوال على وجه الممارسة والتكرار وهذا الشرط يخالف نص المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الذي قضى باستحقاق الضريبة بمجرد تحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين كما يخالف التعريف الذي أورده للمكلف والمتضمن من يؤدى خدمة خاضعة للضريبة دونما اشتراط أن يكون أداء الخدمة أو العمل على وجه الممارسة والتكرار فبمجرد أداء الخدمة الواردة بالجداول المرفقة سواء كان بصورة اعتيادية أو عرضية تستحق الضريبة.
وأخيراً فان ما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية من أن خدمات التشغيل للغير قصد بها الخدمات المتعلقة بهذا النوع المشار إليه من قبل وهى الاتصالات المحلية والدولية وتوصيلاتها ونحوها من خدمات التشغيل بمجال الاتصالات وتركيباتها هو ما يتفق ومنهج المشرع الضريبي عند فرض الضريبة بتحديد وعائها وسعرها بدقة يرتفع معها اللبس والغموض ويتفق أيضاً مع كون الأصل أن القاعدة القانونية الضريبية لا ينبغي عند التفويض في بيان مفرداتها أن تكون هذه المفردات التي شملها البيان من العموم والسعة بما تخضع معه أنشطة لم يشأ المشرع أن يخضعها للضريبة فإذا أغفل المشرع ذلك الأصل فيجرى تفسير القاعدة الضريبية بحيث لا يتوسع فيها ولا يقاس عليها وبما يحملها على اليقين ويبعد بها عن الشك والظن. وهى مبادئ لا تتفق وإخضاع خدمات التشغيل للغير نقلاً ومقاولات وحرفاً ومهناً وأعمالا وأنشطة ونحوها مما ينفسح له هذا العموم بالغ السعة والشمول للدلالة اللغوية للفظ ” خدمات التشغيل للغير ” الواردة بمحض نص أدرج بجدول الخدمات الخاضعة للضريبة المرفق بقانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه. وهو أمر لو أراده صاحب التشريع الضريبي لما أعوزه أن يؤكده بعبارة تحمل على اليقين إدراك هذا المفاد الضخم ولما احتاج صاحب القرار من بعد أن يصدر القرار رقم 295 لسنة 1993 بإضافة خدمات أخرى إلى ما يخضع للضريبة والتي تتعلق بتأجير السيارات والبريد السريع وشركات النظافة ولو كان يقصد من القرار رقم 77 لسنة 1992 عموم خدمات التشغيل للغير لما احتاج إلى إصدار القرار الأخير ولو أراد أن يعدل أياً من هذه الدلالات لفعل ذلك بمناسبة تعديله قانون ضريبة المبيعات وإصداره القانون رقم 2 لسنة 1997 ولكنه لم يفعل لا صراحة ولا ضمناً لا في نصوصه ولا في أعماله التحضيرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى