لماذا المعايير المحاسبية ؟
كل من يسمع بين الحين والآخر مقولة ” الحاجة أم الاختراع” ، وهي ملاحظة تؤكدها التغيرات في الحياة العملية ، وتسري هذه المقولة على التطور والتغيير في المحاسبة بصورة عامة وعلى نشوء معايير المحاسبة الدولية بصورة خاصة ، إذ يمكن – باختصار شديد – إرجاع نشوئها إلى احتياجات عصر العولمة : عولمة الاقتصاد وخصوصا عولمة أسواق المال ، الأمر الذي انعكس بدوره على عولمة المحاسبة ، فالمحاسبة أساساً هي لغة الأعمال language of business ولغة الاستثمارات على جميع الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية .
2. أسباب نشوء معايير المحاسبة الدولية
يمكن رصد محورين أساسيين استدعيا العمل على تنظيم المحاسبة دوليا :
أولاً- الحاجة إلى تقدم وإيجاد آلية لتطوير علم المحاسبة نفسه :
(1) ظهرت في منتصف سبعينيات القرن الماضي حاجة ملحة لتوحيد المعالجات المحاسبية واستبعاد النتاقضات القائمة في علم المحاسبة بين المحاسبات الوطنية في الدول المختلفة . فتعددت ونتاقضت المعالجات لنفس الظاهرة الشركة الواحدة من دورة محاسبية إلى دورة أخرى ( مخالفة مبدأ الثبات ) وكذلك الحلول التناقضة بين الشركات على المستوى الوطني ( مخالفة مبدأ قابلية البيانات المحاسبية للمقارنة ) ناهيك عن الاختلاف الكبير القائم على المستوى الدولي .
أمثلة عن التناقضات في المعالجات المحاسبية:
معالجة مشكلة الإيجار التمويلي: مرة يعتبر أصلاً وأحياناً مصروفاً دون ضوابط .
تقويم المخزون السلعي أخر الدورة ، فقد أحصت لجنة توجيه المعايير المحاسبية وجود 15 طريقة مختلفة للتقويم تؤدي إلى أرباح مختلفة .
وجود اختلافات كبيرة في شكل ومضمون القوائم المالية حتى في الدولة الواحدة .
(2) ظهرت اختلافات كبيرة في تحديد مفاهيم بنود القوائم المالية ، أي الافتقار إلى لغة محاسبية
تلقى قبولاً وطنياً ودولياً : مثلاً اختلافات في تحديد مفهوم الأصول أو المصروفات أو الخسارة ..
الأمر الذي أدى إلى إعداد ميزانيات وقوائم دخل متناقضة البيانات وغير قابلة للتوحيــد وعقد
المقارنات ، باختصار كانت بيانات تلك القوائم مضللة وتؤدي إلى قرارات خاطئة .
لتحقيق هذا الهدف ( استبعاد التناقضات ورفع مستوى نضج علم المحاسبة نفسه ) كونت ثلاث منظمات مهنية محاسبية في وقت متزامن تقريباً:
لجنة توجيه المعايير المحاسبية ASC في المملكة المتحدة عام 1969
مجلس معايير المحاسبة الأمريكي FASB في الولايات المتحدة عام 1973
لجنة معايير المحاسبة الدولية ASC عام 1973
ولقد تضافرت جهود هذه المنظمات الثلاث فأثمرت في البدء معايير محاسبية وطنية متماثلة حددت مضامين المصطلحات والمفاهيم المحاسبية وكذلك القوائم الماليةالدورية ذات الغرض العام ( الميزانية العمومية وقائمة الدخل وقائمة التدفقات النقدية وقائمة تغيرات حقوق المساهمين ) وأشكال عرضها والحد الأدنى من الإفصاح المحاسبي اللازم ، وتبعها بعد ذلك في خطوة تالية وضع وإعادة صياغة المعايير المحاسبية الدولية استناداً إلى سياسة التحسين المستمر CONTINOUS IMPROVEMENT وفق استراتيجية علمية تستند إلى إطار نظري أتفق عليه من المنظمات الوطنية الدولية السابقة الذكر لغرض تحقيق تقدم معرفي في علم المحاسبة ، وهو ما يمثل اللبنة الأساس في تطوير معايير محاسبية دولية .
ثانياً – انقتاح البورصات وأسواق المال عالمياً :
تماشياً مع الانفتاح الاقتصادي العالمي واستقطاب مزيد من الاستثمارات الخارجية فقد ألح المجتمع الاستثماري الدولي على ضرورة تحسين المعايير الدولية القائمة وإصدار معايير جديدة تنمي أداء ومستوى التبادل في أسواق المال . فخلال سنوات 1994 – 1999 تم الاتفاق مع الهيئة العالمية المشرفة على الأسواق المالية IOSCOعلى عدد من المعايير الشاملة الواجب إصدارها بغية اعتمادها وقبولها لأغراض متطلبات الأسواق المالية . وقد أصدرت اللجنة بالفعل المعايير الدولية التالية :
المعيار 30 : الافصاحات في البيانات المالية للبنوك والمؤسسات المالية المشابهة.
المعيار 32 : الأدوات المالية ، الإفصاح والعرض.
المعيار 39 : الأدوات المالية ، الإعتراف والقياس .
3. مزايا تطبيق المعايير المحاسبية الدولية :
(1) الدخول الى أسواق المال (البورصات) العالمية والعربية . فقد سمح تطبيق المعايير الدولية للشركات الأوروبية مثلا بالاستفادة من أسواق المال الامريكية خصوصا بورصة WALL STREET في تيويورك , وكذلك بدأت بوادر تداول بيني في أسواق المال للشركات المساهمة في دول الخليج , نظرا لكونها تعتمد عموما معايير المحاسبة والتدقيق الدولية في اعداد تقاريرها المالية.
(2) تحسين جودة المعلومات التي ينتجها النظام المحاسبي وفق المعايير الدولية ، الأمر الذي يرفع من كفاءة أداء الإدارة بالوصول إلى معلومات ملائمة لاتخاذ القرارات.
(3) ان تأسيس معايير محاسبية دولية تلقى قبولا عاما على المستوى الدولي يؤدي الى تأهيل محاسبين قادرين على العمل قي الأسواق العربية وحتى الدولية.
(4) توافر معايير دولية يسمح باعداد قوائم مالية موحدة للشركات المتعددة الجنسيات , مما يشجع على انفتاح أسواق المال الوطنية وزيادة الاستثمارات المالية والانتاجية عربيا ودوليا.
(5) بدأت دوائر ضريبة الدخل في كثير من الدول العربية (الأردن مثلا) تشترط تطبيق معايير المحاسبة الدولية في تقديم اقرارها الضريبي.
4. مجالات تطبيق المعايير الدولية
الشركات المساهمة: تلزم بتطبيق المعايير المحاسبية الدولية جميع الشركات المساهمة العامة التي يتم تداول أسهمها في هيئات أسواق المال ( البورصات ).
الشركات غير المساهمة: تنصح شركات القطاع الخاص غير المساهمة أن تطبق المعايير لما ستحققه من منافع على المستوى الإداري الداخلي وفي تعاملها مع المؤسسات المالية الوطنية والدولية .
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: يتجه مجلس معايير المحاسبة الولية إلى إقرار معيار خاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم ، فهو الآن بصدد إقرارها ويتوقع تقديمها خلال شهر تشرين الأول 2007 ، وهي معايير مبسطة تركز على احتياجات تلك المؤسسات . وهكذا سيكون للبلدان العربية إمكانية اعتماد وتطبيق المعايير المحاسبية الدولية العامة للمؤسسات الكبرى ومعايير مبسطة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
5. انتشار تطبيق المعايير المحاسبية الدولية
(1) أحرزت عملية وضع معايير المحاسبة الدولية في السنوات القليلة الفائتة عددا من النجاحات في تحقيق اعتراف واستخدام أكبر للمعايير الدولية لاعداد التقارير المالية.
(2) في عام 2002 أصدر الاتحاد الاوروبي تشريعا يقتضي من الشركات المدرجة في أوروبا تطبيق المعايير الدولية لاعداد التقارير المالية في بياناتها المالية الموحدة . وأصبح التشريع نافذ المفعول في العام 2005 وينطبق على أكثر من 7000 شركة في 28 بلدا, بما في ذلك فرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا والمملكة المتحدة. ويعني هذا التشريع أن تحل في اوروبا المعايير الدولية محل معايير ومتطلبات المحاسبة الوطنية كأساس لاعداد وعرض البيانات المالية الجماعية للشركات المدرجة في أوروبا.
(3) في أوروبا تتبنى المعايير الدولية لاعداد التقارير المالية 38 دولة في عام 2005 , بما في ذلك روسيا واكرانيا والدول الاسكندنافية.
(4) هناك توجه عام لتبني المعايير الدولية , ففي عام 2005 أصبحت هذه المعايير الزامية في بلدان عديدة في جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا والشرق الأوسط .
(5) يقدر أن أكثر من 70 دولة طلبت من شركاتها المدرجة في البورصات الوطنية تطبيق المعايير الدولية عند اعدادها وعرضها للبيانات المالية في العام 2005
(6) البلدان العربية التي تبنت المعايير الدولية لاعداد التقارير المالية هي : مصر , البحرين , الاردن , الكويت , لبنان , عمان , قطر , الامارات العربية المتحدة . يضاف لذلك أن بلدانا عربية أخرى تتبنى معايير محاسبية وطنية تمكس المعايير الدولية لاعداد التقارير المالية مثل السعودية ودول المغرب العربي والعراق.
6. معايير المحاسبة الدولية في سورية
(1) في القطر العربي السوري يتم رصد توجه عام لتبني هذه المعايير. فعلى المستوى الأكاديمي – تخصص المحاسبة – أدرجت جامعات القطر حديثا مساق ” المعايير المحاسبية الدولية ” , كما وتعتمد معايير التدقيق الدولية في أصول مراجعة االحسابات , الأمر الذي سيسمح بتأهيل محاسب كفء على المستوى العربي والدولي .
(2) مع اقتراب افتتاح هيئة سوق المال في سورية يتوقع أن تلزم الهيئة المشرفة على سوق المال الشركات المساهمة التي ستدرج في السوق بتبني المعايير الدولية لاعداد التقارير المالية بصورة رسمية , لأن ذلك سيسمح برفع كفاءة هذه السوق وانفتاحها على أسواق المال العربية والدولية .
(3) تعد المصارف وشركات التأمين الخاصة العاملة في سورية بياناتها المالية وفق المعايير الدولية بدءاً من عام 2006.
(4) تسعى وزارة المالية لتعديل النظام المحاسبي للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي بما ينسجم ومعايير المحاسبة الدولية .
(5) كان قانون الاستثمار رقم /10/ لعام 1991 قد أوجب على المستثمر تقديم ميزانية سنوية وحساب أرباح وخسائر مصدقة من قبل محاسب قانوني خلال /4/ أشهر من نهاية السنة المالية . وقد أتى المرسوم الخاص بالاستثمار رقم /8/ تاريخ 27/1/2007 فاستبدل النص السابق بمسك حسابات نظامية للمشروع وفق معايير المحاسبة الدولية وتزويد الهيئة بنسخة من الميزانيات الخاصة بالمشروع مصدقة من مكاتب وشركات تدقيق الحسابات المرخصة .
(6) إن جمعية المحاسبين القانونيين في سورية قد اعتمدت معايير المحاسبة والمراجعة الدولية .
استنتاج هام :
إن اعتماد المعايير المحاسبية الدولية يمثل اختيار استراتيجياً لا يمكن الرجوع عنه سواء بالنسبة :
للقطر العربي السوري ، نظراً للتحولات الاقتصادية العالمية ولانفتاح قطرنا على هذا العالم ، وكذلك للتقدم العلمي على المستوى الدولي ، وحرصاً على استقطاب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية .
لمستقبل المحاسبة والمحاسبين ومكاتب التدقيق والمدراء الماليين عموماً.
7. قائمة بالمعايير النافذة المفعول لعام 2006
ملاحظة هامة:
التسمية القديمة : 1973-2001 ” معايير المحاسبة الدولية ” IAS
التسمية الحالية : منذ 2001 ” المعايير الدولية لاعداد التقارير المالية ” IFRS
(1) أصدرت لجنة معايير المحاسبة الدولية /41/ معيارا , وفي اطار سياسة التحسين المستمر فقد قامت اللجنة باعادة صياغة وحذف بعض المعايير , بحيث بقي منها في عام 2006 فقط 31 معيارا نافذ المفعول.
وفيما يلي قائمة بمعايير المحاسبة الدولية IAS :
المعيار 1: عرض البيانات المالية .
المعيار 2: المخزون .
المعيار 7: بيان التدفق النقدي .
المعيار 8: السياسات المحاسبية والتغيرات في التقديرات المحاسبية والأخطاء .
المعيار 10: الأحداث بعد تاريخ الميزانية العمومية .
المعيار 11: عقود الأإنشاء .
المعيار 12: ضرائب الدخل .
المعيار 14: تقديم التقارير حول القطاعات .
المعيار 16: الممتلكات والمصانع والمعدات .
المعيار 17: عقود الإيجار .
المعيار 18: الإيراد .
المعيار 19: منافع الموظفين .
المعيار 20: محاسبة المنح الحكومية والإفصاح عن المساعدات الحكومية .
المعيار 21: آثار التغيرات في أسعار صرف العملات الأجنبية .
المعيار 23: تكاليف الاقتراض .
المعيار 24: الإفصاحات عن الأطراف ذات العلاقة .
المعيار 26: المحاسبة والتقرير عن برامج منافع التقاعد .
المعيار 27: البيانات المالية الموحدة والمنفصلة .
المعيار 28: المحاسبة والاستثمارات في المنشآت الزميلة .
المعيار 29: التقرير المالي في الاقتصاديات ذات التضخم المرتفع .
المعيار 30: الإفصاحات في البيانات المالية للبنوك والمؤسسات المالية المشابهة .
المعيار 31: الحصص في المشاريع المشاركة .
المعيار 32: الأدوات المالية : الإفصاح والعرض .
المعيار 33: حصة السهم من الأرباح .
المعيار 34: التقارير المالية المرحلية .
المعيار 36: انخفاض قيمة الأصول .
المعيار 37: المخصصات والالتزامات والأصول المحتملة .
المعيار 38: الأصول غير الملموسة .
المعيار 39: الأدوات المالية : الإعتراف والقياس .
المعيار 40: الإستثمارات العقارية .
المعيار 41: الزراعة .
(2) أصدر مجلس معايير المحاسبة الدولية IASB منذ عام 2001 /7/ معايير دولية لإعداد التقارير المالية IFRS . وهذه المعايير هي :
المعيار 1: تبني المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية للمرة الأولى .
المعيار 2: الدفع على أساس الأسهم .
المعيار 3: اندماج الأعمال .
المعيار 4: عقود التأمين .
المعيار 5: الأصول غير المتداولة المحتفظ بها برسم البيع والعمليات المتوقفة .
المعيار 6: استكشاف وتقييم الموارد المعدنية .
المعيار 7: الأدوات المالية : الإفصاحات .
الأستاذ الدكتور محمد رضوان حلوة حنان
أستاذ في جامعة عمان الأهلية – الأردن
محاسب قانوني
محاضرة ألقيت في غرفة تجارة حلب