درس مبسط فى المحاســبة تلعب دور أكبر في الحياة الاقتصادية

ان ما حدا بي لكتابة هذا المقال التعريفي والبسيط بالمحاسبة كنظام ووظائف سوء فهم أو عدمه لمسته من جانب بعض شاغلي الوظائف الهندسية والانتاجية خلال بعض المدخلات معهم وكانت آراؤهم عن المحاسبة كنظام لا تتعدى

ميكانيكية “المدين والدائن” ولمست من جانب بعضهم استخفافاً يصل الى درجة التهميش لدور المحاسبة. ولم ينقض وقت طويل على تلك المداخلة حتى التقيت مجموعة من الاكاديميين الاقتصاديين ومما ادهشني أنهم قد ذهبوا الى نفس خلاصة المجموعة السابقة أى أن المحاسبة لا تتعدى ميكانيكية المدين والدائن.
فان وجدنا العذر للمجوعة الأولى فإننا نجد صعوبة في ايجاد العذر للمجموعة الثانية والتي يفترض فيها المعرفة والالمام بدور المحاسبة الفاعل في الاقتصاد الوطني. واذا كان هذا هو حال الاقتصاديين فكيف يكون حال المجموعات المهنية والاكاديمية الاخرى التي تربطها صلة أقل بالمحاسبة والتي لا تعرف للمحاسبة دوراً يتعدى امساك الدفاتر أو الأوراق الالكترونية أو حساب المرتبات والأجور وربما الصرف من الميزانيات في أحسن الأحوال.
وكان من الاجدر أن أكتب هذه المقالة في صحيفة سيارة حتى يطلع عليها كثير من أهل المهن الأخرى ولكن نشرها عبر –المحاسبة- يهدف الى لفت نظر المحاسبين والمهتمين بالمحاسبة من اكاديميين ومهنيين الى رؤية قطاعات في المجتمع الى هذه المهنة. ومن ثم ما يجب عليهم القيام به من تنوير واعلام للاخرين بمهام المحاسبة ودورها السابق والحالي والمستقبلي.
وللحقيقة يجب أن أذكر أن مجموعة الاقتصاديين تلك وبعد مداولات ونقاش مستفيض سلموا بأن للمحاسبة دوراً في الدول المتقدمة والتي تحكم مهنة المحاسبة فيها نظم وأطر دقيقة ولكن تبقى مقولتهم صحيحة، كما زعموا، في الدول النامية التي لا توجد فيها مثلما يوجد في الدول المتقدمة من وسائل وموجهات تساعد المحاسبة في تحقيق أهدافها.
ولكن نود أن نقول بأن للمحاسبة دوراً أكبر في الدول النامية منه في الدول أو الاقتصاديات المتقدمة. وسنناقش هذا الدور فيما تبقى من هذه المقالة على محورين:

المحور الأول:
المحور التعريفي ونعرف فيه فروع المحاسبة الرئيسية.
المحور الثاني:
المحور الوظيفي ونبرز فيه دور المحاسبة في مستوى المنشآت والصناعة والاقتصاد القومي والمستوى الدولي في الدول المتقدمة وفي الدول النامية والأقل نمواً.
المحور التعريفي
ويمكن تقسيم المحاسبة وأغراضها الى اربعة أغراض.
الغرض الأول:-
إعداد تقارير داخلية روتينية للادارة بهدف ضبط تكاليف العمليات وتخطيط مستوى التكاليف، كما تساعد في قياس أداء الافراد والنشاطات.
الغرض الثاني:-
إعداد تقارير داخلية روتينية للإدارة للمساعدة في:
• تحديد ربحية كل منتج أو خدمة من المنتجات والخدمات.
• تحديد ربحية العمليات مع العملاء.
• تحديد ربحية واحدة من قنوات التوزيع.
• اتخاذ قرارات بخصوص توزيع المواد والتسعير.
الغرض الثالث:-
إعداد تقارير داخلية متعددة (غير روتينية) للأغراض الاستراتيجية والتكتيكية طويلة الأجل وبحث تبني منتجات جديدة وتحديد الموازنات الرأسمالية والحالات الخاصة والطارئة.
الغرض الرابع:-
إعداد التقارير المالية للأطراف الخارجية ذات الاهتمام وتشمل المستثمرين والهئيات الحكومية والأطراف الأخرى.
ولم تخرج المحاسبة الحديثة بفروعها المختلفة عن الإبقاء على هذه الأغراض الأربع – ومن أهم الفروع الرئيسية للمحاسبة المعاصرة ما يلي:
• المحاسبة الإدارية.
• المحاسبة المالية.
• محاسبة التكاليف.
فالمحاسبة الإدارية تغطي الأغراض الثلاثة الأولى. وقد عرفت المحاسبة الإدارية بأنها تقوم بقياس وتقديم بيانات ومعلومات مالية وغير مالية لمساعدة الإدارة في تحقيق أهداف المنشأة. أما المحاسبة المالية فتتكفل بتغطية الغرض الرابع أي أنها تقوم بتزويد الأطراف الخارجية بالمعلومات والبيانات عن الوضع المالي ونتائج عمليات المنشأة خلال فترة زمنية “محاسبية” معينة.
وأما محاسبة التكاليف فتشمل الفرعين السابقين، أي أنها عبارة عن محاسبة إدارية بالإضافة إلى جزء من المحاسبة المالية. أما كونها تشمل المحاسبة الإدارية فيمكن ملاحظته من أن الأغراض الثلاثة الأولى تعتمد على التكاليف أما ارتباطها مع المحاسبة المالية فيحدده مدى مساعدة التكاليف في مقابلة متطلبات الإفصاح للأطراف الخارجية.
وتضطلع بتطوير هذه الفروع عدة جهات يمكن اجمالها في:
• الهيئات والجمعيات المهنية الوطنية.
• الجامعات والمعاهد والأكاديميين.
• المنظمات الإقليمية والدولية.
دور المنظمات المهنية:
أما المنظمات والجمعيات المهنية فتضطلع بمهمة تطوير ومراجعة المبادئ والمعايير المحاسبية واستنباط معايير جديدة لمقابلة الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي المتغير قومياً وعالماً. كما أن هذه الجمعيات والمنظمات تقوم أيضاً بالإشراف على تدريب وترقية أعضاء المهنة وذلك بتنظيم الامتحانات ومنح شهادات الممارسة والإشراف على السلوك المهني والالتزام الاخلاقي لاعضائها المصرح لهم بممارسة المهنة المحاسبية، مالية كانت أم تكاليف، وأشهر هذه الهيئات على نطاق العالم معهد المحاسبين القانونيين الأمريكيين (aicpa) ومعهد المحاسبين القانونيين بانجلترا وويلز (icaew) في مجال المحاسبة المحالية وتتبع لهذه الهيئات معهد تعليمية مهنية وفروع في كثير من بلدان العالم. وكذلك الحال بالنسبة لمحاسبة التكاليف والمحاسبة الإدارية إذ توجد لها هيئات مماثلة كجمعية المحاسبين الإداريين التي ترعى شهادة المحاسبين الإداريين (cma) والمحاسبة الإدارية القانونية (icma) في بريطانيا وجمعية المحاسبين الإداريين (cma) التي تشرف على شهادة المحاسبة الإدارية في كندا.
وهنا في المملكة العربية السعودية بدأت الهيئة السعودية للمحاسبيين القانونيين نشاطها بصدور المرسوم الملكي رقم م/12 وتاريخ 13/5/1412هـ والذي نص في مادته التاسعة عشر على إنشاء الهيئة السعودية للمحاسبيين القانونيين، وهي هيئة تعمل تحت إشراف وزارة التجارة. ومن أبرز مهام هذه الهيئة مراجعة وتطوير واعتماد معايير المحاسبة والمراجعة ووضع القواعد اللازمة لامتحان الحصول على شهادة الزمالة وإعداد البحوث والدراسات وإصدار الدوريات والكتب ذات الصلة بالمحاسبة والمراجعة.
أما الجامعات والمعاهد والأكاديميون فيتمثل إسهامهم بصورة رئيسية في إعداد طلاب المحاسبة بأنواعها المختلفة وتقديم جرعات تدريبية نظرية وعملية في مجالات المحاسبة المختلفة، كما يمثل الأكاديميون رأس الرمح في عملية البحوث ومعالجة مشاكل التطبيق واستباط وتطوير الأساليب والطرق المحاسبية. كما يساهم الأكاديميون بشكل بارز في الجمعيات والهيئات المهنية ويشاركون في مشاريع تطوير المفاهيم والأطر المحاسبية.
أما الجمعيات والمنظمات الإقليمية والدولية فتحاول بإستمرار تحقيق التجانس في المعايير المحاسبية داخل أقاليم محددة مثل الرابطة الأوربية ومثل دول منظمة الخليج أو دولياً في شكل معايير دولية تمثل مصدراً للدول النامية والتي لا تستطيع تطوير معايير خاصة لها نسبة للمشاكل الفنية والمالية المحيطة بها.
المحور الوظيفي:
وفي هذا الجزء من المقال ننظر لمهام المحاسبة ووظائفها التي تخدمها في مستويات مختفلة وتشمل:
• مستوى المنشآت.
• مستوى الصناعة.
• المستوى القومي.
• المستوى الدولي.

مستوى المنشآت:
ففي مستوى المنشآت تساعد المحاسبة بصورة فعالة ورئيسية في القيام بوظائف مهمة لكثير من الأطراف داخل وخارج المنشأة منها:
(1) قياس الأرباح (أو نتائج أعمال المنشأة) خلال فترة زمنية محددة.
(2) قياس قيم الأصول المملوكة أو المستأجرة بصورة صحيحة وموضوعية.
(3) تقييم فعالية عمليات ونشاطات المنشأة والنمو أو التراجع في الإنتاجية.
(4) تقسيم التكاليف بشكل واضح وتحديد التكاليف التشغيلية وغير التشغيلية.
(5) تقييم فعاليات أقسام ووحدات المنشأة بصورة تؤدي إلى التوزيع الأمثل للموارد المتاحة في المنشأة بصورة تحقق الأهداف الرئيسية لها.