يعد التلاعب والغش في التقارير المالية من اهم الاسباب التي ادت إلى نشؤ لجان التدقيق في الشركات، وكانت الانهيارات والاخفاقات المالية في كبرى الشركات العالمية خلال الثلاثة عقود الماضية الدافع الاكبر امام الهيئات المهنية
والمنظمات والمشرعين للمطالبة والتوصية بتشكيل لجان التدقيق من أعضاء مجلس الإدارة على أن تحدد لها المهام والوجبات وكيفية تشكيليها، من اجل مساعدة المجلس في القيام بمسؤلياتة الاشرافية والرقابية، إذ تتولى لجنة التدقيق الاشراف على اعداد التقارير المالية ، وتعمل كحلقة وصل بين مجلس الإدارة وكل من المدقق الخارجي والداخلي بما يضمن لها الاستقلالية في اداء عملهم وتحسين اداء اعمالها، وينظر للجان التدقيق أحد العناصر المهمة في الحاكمية المؤسسية في الشركات وجدت لتلافي أوجه القصور التي تعاني منها شركات الاعمال المختلفة.
ارتبط ظهور فكرة لجان التدقيق في الولايات المتحدة بأزمة الكساد الاقتصادي الكبيرعام 1928 ،1929 ، وكان ضعف استقلالية مدققي الحسابات والمحاسبين من ضمن اسبابها (السقا، وابو الخير،2002 ) . وفي عام 1967 م أوصت اللجنة التنفيذية لمعهد المحاسبين الامريكي American Institute of Certificated Public Accountants(AICPA) بوجوب تشكيل لجان تدقيق في الشركات المساهمة العامة مكونة من اعضاء مجلس الإدارة الخارجيين، ويكون من مهامها حل المشاكل التي تنشأ بين المدقق الخارجي وإدارة الشركة وخاصة في النواحي المحاسبية وطريقة الافصاح عن المعلومات المحاسبية في القوائم المالية، وايضا حظي تشكيل لجان التدقيق عام 1972م اهتمام هيئة الاوراق المالية الامريكية بمطالبة الشركات بتشكيل لجان تدقيق والافصاح عنها، وذلك لضمان التحكم ومساعدة ادارة الشركة (سليمان، 2006).
إن انهيار شركة Penn Central Company في سبعينات القرن الماضي ، والكشف عن العديد من حالات الرشاوي التي تقدمها الشركات المساهمة في مجال التجارة الخارجية إلى المسؤولين الاجانب والتي على اثرها سن قانون مكافحة الممارسات الاجنبية الفاسدة، وتم حث هيئة الاوراق المالية وبورصة نيويورك أن توصي بتشكيل لجنة تدقيق في الشركات المساهمة العامة(دهمش، 2003) .
ففي عام 1978 م اصدر مجلس ادارة بورصة نيورك للاوراق المالية New York Exchange قرارا يلزم فيه الشركات الامريكية التي تتداول اوراقها في السوق انشاء لجان تدقيق مكونة من الاعضاء غير التنفذيين. ايضا في عام 1979م قررت لجنة تداول الاوراق المالية بالبورصة الامريكية American Securities ضرورة إستخدام لجان التدقيق في الشركات المسجلة بالبورصة (علي وشحاتة،2007). وزادت اهمية وجود لجان التدقيق في الشركات واتسع دورها بعد صدور قانون عن الكونجرس الامريكي يسمى قانون ساربينس – اوكسلي لعام 2002م (Sarbons Oxaly Act-2002) ، والذي قضى بوجوب بتشكيل لجان تدقيق في كل شركة عامة للرقابة على اداء المحاسبين القانونيين الذين يدققون القوائم المالية للشركات، وان تصدر ادارة الشركة ضمن تقاريرها المالية المنشورة تقريرا بعنوان تقرير الرقابة الداخلية.
وفي عام 1987م صدر تقرير لجنة تريد واي( Tread way commission, 1987 ) ،وقد أوصت اللجنة ضرورة انشاء لجان تدقيق للشركات المسجله اسهمها في بورصات الاوراق المالية الامريكية ، وأن يكون اعضاء لجنة التدقيق من الاعضاء غير التنفيذيين.وفي المملكة المتحدة صدر عام 1992 م تقرير لجنة كادبوري (Cadbury Committee,1992) الذي طالب بتشكيل لجان التدقيق المسجلة في بورصة لندن للاوراق المالية وتحديد مهامها وهي على النحو الاتي:
– تقديم التوصيات لمجلس الإدارة بشأن تعيين مدقق الحسابات الخارجي وأتعابة واستمراره وفصله.
– تدقيق القوائم المالية السنوية.
– مناقشة مدقق الحسابات الخارجي حول طبيعة التدقيق ونطاقة.
– تدقيق رسالة الإدارة.
– تدقيق نطاق الرقابة الداخلية في الشركة.
– تدقيق برنامج التدقيق الداخلي.
-تدقيق اية امور هامة قد تظهر خلال التدقيق الداخلي.
وفي عام 2002 م صدر قانون عن الكونجرس الامريكي يسمى قانون ساربينس – اوكسلي لعام 2002م (Sarbons Oxaly Act-2002) ، الذي قضى بوجوب تشكيل لجان تدقيق في كل شركة عامة، للرقابة على اداء المحاسبين القانونيين الذين يدققون القوائم المالية للشركات، وان تصدر ادارة الشركة ضمن تقاريرها المالية المنشورة تقريرا بعنوان تقرير الرقابة الداخلية.
أما في الاردن فقد اهتمت العديد من الجهات المعنية بوجود لجان التدقيق في الشركات الاردنية، وكانت بدايتها بتاريخ 2/1/1996 اذ الزم البنك المركزي الاردني البنوك بموجب مذكرتة رقم 7020/68 بتشكيل لجان تدقيق من بين اعضاء مجلس الإدارة، وفي عام 2000م صدر قانون البنوك رقم 28 وبه اصبحت البنوك ملزمة بتشكيل لجان تدقيق من الاعضاء غير التنفذيين (قانون البنوك، 2000). وفي عام 2004م أصدرت هيئة الاوراق المالية تعليمات إفصاح الشركات المصدرة والمعايير المحاسبية ومعايير التدقيق ، الزمت مجالس الإدارة في الشركات المصدرة تشكيل لجنة تدقيق من ثلاثة اعضاء من اعضائها الطبعيين غير التنفذيين، وحددت مهام وصلاحيات ومسؤليات لجان التدقيق لتعزيز الافصاح والشفافية في القوائم المالية ولدعم استقلالية المدقق الداخلي والخارجي مما ينعكس ايجابيا على سلامة ودقة البانات المالية المعلنة من الشركات (هيئة الاوراق المالية، 2004).
وفي هذا السياق اصدر المجمع العربي للمحاسبين القانونيين دليل حوكمة الشركات، وكان من ضمن ما ورد فيه وجود لجنة تدقيق ضمن الهيكل التنظيمي في كل شركة، والتي يتوقع منها أن تفرز نتائج ايجابية عن طريق الاشراف والرقابة وتقديم الدعم لإدارة الشركة التي اصبحت نشاطاتها أكثر تعقيدا وللمؤسسات المالية التي تتنوع الاطراف المعنية فيها(المجمع العربي للمحاسبين القانونيين، 2007)
وقد ساعدة كثير من العوامل على زيادة الاهتمام في تشكيل لجان التدقيق من أعضاء مجاس الإدارة غير التنفيذيين وأهم هذة العوامل ما يلي(علي، وشحاتة، 2007):
1-تزايد حالات الفشل المالي للعديد من الشركات و البنوك في الخارج، وتزايد حالات الغش والتلاعب بها، وزيادة رغبة هذه المؤسسات في تدعيم عملية الرقابة على أنشطتها والتإكد من سلامة تطبيق المبادىء المحاسبية.
2- زيادة الضغوط من جانب مستخدمى القوائم المالية على الشركات والبنوك لإظهار نتيجة أعمالها ومركزها المالي بصورة حقيقية وسليمه .
3- التناقض الموجود بين مدققي الحسابات الخارجيين وبين إدارة الشركة خاصة في مجال المحافظة على إستقلال مراجع الحسابات لإبداء الرآى الفني المحايد ، وبالتالي فوجود لجنة التدقيق في أى شركة يمثل حماية للمساهمين ويضمن تحقيق إستقلال مراجع الحسابات في عملية إبداء رأيه الفني المحايد في القوائم المالية .
4- الحد من حالات الغش والتلاعب وزيادة فعالية نظم الرقابة الداخلية، وتدعيم إستقلال مراجع السابات، وبالتالي تدعيم الثقة في عملية إعداد وتدقيق القوائم المالية خاصة في ظل إقتصاديات السوق والمنافسة ، حيث يعتبر الحصول على قوائم مالية سليمة يمكن الإعتماد عليها في إتخاذ قرارات الإستثمار أساس عملية التنمية وزيادة فعالية بورصة الأوراق المالية
5- حاجة أصحاب المصلحة في الشركات خاصة المقيدة بالبورصة إلى آلية إدارية تساهم في ضبط ورقابة آداء الإدارة كوكيل عنهم خاصة بشأن الغمور المالية والرقابية .
نستنتج مما سبق ان المطالبة بضرورة وجود لجنة التدقيق في الشركات المساهمة وسن تشريعات في بعض دول العالم هو تجاه عالمي جاء لمعالجة الخلل الموجود في ادارة الشركات وتعزيز حوكمتها.