تنمية بشرية

ضيق الصدر

ضيق الصدر

ضيق الصدر

( هل تشعر بضيق الصدر والهم أحيانًا وكيف تعالجه )

لأسباب كثيرة ولربما من دون أسباب منطقية واضحة أحيانًا ولا مقدمات قد يشعر البعض منا بهذه الحالة أحيانًا وقد تطرأ عليه في لحظات معينة وقد تلازمه لتكون ذلك الداء العضال الذي قد يصل به لا قدر الله إلى الاكتئاب والمشاكل النفسية الأخرى, ولا شك أن الإنسان مخلوق ضعيف قد يضعف أمام مشكلة معينة أو عوارض تعترضه أو همومٍ تصيبه فيتعرض لهذه الحالة ولكن هل هناك حل لهذه الحالة وهل هناك فئة من الناس يستطيعون الانتصار عليها وتجاوز أزماتهم بل والشعور بالراحة والسعادة مهما تفاقمت مشاكلهم وهمومهم تعالوا معنا نغوص في جوانب هذه المشكلة ونتعرف عليها ونحاول إيجاد حلول لها ( وكما عودناكم دائمًا سيكون هذا على ضوء الكتاب والسنة فكونوا معنا ,

إن القلب السعيد والصدر المنشرح لا شك أن هذا من دواعي بل من مقومات سعادة المرء فإذا ضاق الصدر واغتم صاحبه فلن يشعر بلذة السعادة ولا بحلاوة الدنيا قد يتساءل البعض وهل الدنيا حقًا حلوة وهل هناك سعادة أصلًا ؟ فكل منا يبحث عن السعادة من خلال منظوره هو أو من خلال ما يريده ويحتاجه في حياته وينقصه فيظن أن سعادته تكمن في إكمال هذا النقص, فالفقير يظن السعادة في المال والمحروم من الذرية يظنها في الأولاد ومن يبحث عن وظيفة معينة أو منصب معين يظن سعادته ستكتمل عندما يحصل عليها والمريض يظنها في الصحة وهكذا تعددت السبل والغاية واحدة ولكن يا ترى ما هي السعادة الحقيقية وكيف تجني السعادة وكيف تحصل على قلب منشرح وقد كبلتك الدنيا بهمومها ومتاعبها أو قد حرمت من ما يظنه البعض مقومات السعادة؟

لا شك أننا نبحث عن السعادة ولا شك هي مطلبنا جميعًا ولكن قبل أن نبحث عن السعادة ترانا هل بحثنا أولًا عن دليل يدلنا عليها ؟ هل عرفنا أي طريق نسلك لنصل إليها ؟ يخطئ البعض السبيل فلا يصل ويدر البعض أن الطريق من هاهنا فيصل . لا شك أن في تحقيق الأماني ونيل المطالب وبلوغ الغايات سعادة ولكن هل هي فعلًا سعادة حقيقية ؟ قال تعالى : {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14, فإلى من يظن السعادة في المال ألا ترى صاحب المال وهمومه ومشاكله ألا تراه كيف يهتم في نهاره كيف يجمعه و يأرق في ليله كيف يحافظ عليه , ألا تراه وقد شغلته هموم المال فنسي نفسه فما استمتع بماله ولا عاش حياته , وإلى من يظن السعادة في الذرية انظر حولك إلى بعض هؤلاء ممن رزقهم الله الذرية فما كانت ذرية طيبة بل وكان أولادهم ومشاكل أولادهم وهموم أولادهم هي ما يؤرقهم ويجلب لهم الهم الحزن والتفكير . وإلى من يظن السعادة في المنصب والشهرة ألا ترى كم يوجد حولنا من مساكين جروا وراء الكراسي والمناصب فلما نالوها أصبح كل همهم كيفية المحافظة عليها وباتت هي نفسها همًا يؤرقهم , ألم نسمع عن مشاهير وأثرياء أصابهم الاكتئاب , ألم نقرأ ونسمع عن مشاهير وأثرياء أنهوا حياتهم بالانتحار؟ ترى أكان بحثهم عن السعادة وهمًا , نعم لاشك , لم يسلكوا السبيل الصحيح للوصول إلى السعادة, السبيل الصحيح والذي يكمن في القناعة والرضا عن الله والرضا بالله والرضا عن كل مايأتي به الله فلو كان قلب المؤمن هكذا فسيجد بعد حلاوة الإيمان لذة القناعة وحلاوة الرضا وسعادة التسليم لله تعالى ,فالقلب بين يدي الله وهو يستشعر حاجته لقربه من الله فإن أنت أعطيته من لذة هذا القرب شعر بالسعادة والراحة وإن أنت حرمته ضاق وتعب وأتعبك , والمؤمن يأخذ بالأسباب التي يراها وسيلة بلوغ المنى ولكن لا تكون تلك الأسباب هي محط الرجاء ومعقد الآمال وإنما هي وسيلة أما محط الرجاء ومعقد الآمال فموصول بالله فالمؤمن السعيد راض بكل ما يأتي به الله لأنه يؤمن فعلًا أن الخير بين يدي الله والشر ليس إليه سبحانه, فما نراه في ظاهر الأمر شرًا قد لا يكون كذلك وما نظنه الخير ونسعى إليه قد لا يكون كذلك , فالله وحده سبحانه عالم الغيب وأخفى العالم المطلع على خفي الغيوب ويعلم ما يصلح حالك وما هو خير لك إن في حياتك الدنيا أو في حياتك الباقية ففي اللجوء إليه سبحانه عند كل هم وغم ومصيبة راحة للقلوب وفي التسليم له سبحانه والرضا عنه سعادة القلوب وانشراحها وانفساحها لذلك تجد بعض الفقراء من لا يملك قوت يومه ولكن الله زرع في قلبه حلاوة الإيمان ولذة التسليم وسعادة الرضا بالقضا بل من السلف الصالح من كان يقول ( لو علمت الملوك ما في قلوبنا من السعادة لحاربونا عليها بالسيوف ) وقال شيخ الإسلام رحمه الله : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها حرم جنة الآخرة وقد فسرها البعض بعدة تفاسير فقالوا هي طلب العلم وقالوا غير ذلك وأظنني أراها في كل ما يقرب إلى الله من الطاعات قد يجد أحدنا جنته في دموع خفية في الليل يتقرب بها إلى سيده ومولاه يسترحمه ويرجوه ويسأله ويستغفره , وقد يجدها البعض في صيام يوم شديد الحرارة تقربًا إلى الله وقد يجدها البعض في قراءة القرآن بتمعن وتدبر وخشوع وقد يجدها البعض في ركعات من الضحى وأراني أجدها في كل هذا لا شك أنها في التقرب إلى الله بكل أنواع القربات التي ثبتت صحتها وثبت فعلها عن النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم والآن تراك عرفت طريق السعادة؟ هل ستبحث عن السعادة أم عن الطريق المؤدي إليها ؟! أما وقد وضعت قدمك على أول الطريق وعرفت أن طريق السعادة من هاهنا أي في القرب من الله والتسليم له والرضا عنه و الرضا بالقضا فاسلك وتوكل على الله واسأله سبحانه مقلب القلوب أن يثبت قلبك على دينه .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ لا تكثروا الضحك ؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب ] . ( صحيح .وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده وإذا فسدت فسد سائر جسده ألا وهي القلب ).صحيح .
عبير مؤذن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى