ضرائب

“شروخ” فى قانون الضريبة العقارية

أعاد الرئيس عبدالفتاح السيسي قانون الضريبة العقارية إلى الحياة من جديد بعد نحو 6 سنوات من «البناء»

شهد خلالها القانون مراحل عديدة من «الهدم» و«التنكيس» فى المواد الأساسية للقانون، وتغيير معدلات حد الإعفاء، خاصة فيما يتعلق بسكن الأسرة الخاص، حيث صدر منذ أيام قليلة قرار جمهوري بتعديل قانون الضرائب العقارية، يأتي في إطار سياسات الإصلاح الاقتصادي التى تواكب ما تشهده مصر حالياً من تعديلات تشريعية تهدف لإخراج البلد من عثرته الاقتصادية.. ولكن لم يشهد القانون الوصول إلى مرحلة «التشطيب» التى  يأملها المجتمع، وجاء القانون ليحمل «شروخاً» عديدة فى نصوصه، أبرزها عدم حسم موقف المنشآت الصناعية والسياحية من طرق المحاسبة، ولم يشهد القانون وضع معايير محددة لتقييمها، وأرجأها إلى ما بعد صدور القانون بنحو 3 أشهر، مما يؤدى إلى حدوث حالة ارتباك شديد لدي أصحاب تلك المنشآت الصناعية والسياحية خوفاً من تأثير تلك الضريبة على نشاطهم بإضافة اعباء مالية جديدة على حجم أعمالهم فى هذا التوقيت الحرج، حيث صدر القانون رقم 196 لسنة 2008 والمعدل بالقانون رقم 103 لسنة 2012 والقرار بقانون رقم 117 لسنة 2014 على أن يتم تطبيقه اعتباراً من أول يوليو 2013، وكان من المفترض أن يتم تطبيق القانون من السنة التالية التى تتم فيها إجراءات الربط، أى من العام التالى لصدور القانون، إلا أنه بسبب عدم وضع تلك المعايير الخاصة بتقييم الوحدات غير السكنية فقد تم إرجاء تطبيقه عدة مرات، حتى عاد من جديد بدون تلك المعايير أيضاً.
وجاء القرار الجمهوري بقانون رقم 117 لسنة 2014 ليحمل قائمة من الإعفاءات، أبرزها إعفاء المسكن الخاص حتى مليوني جنيه، وبخلاف ذلك فإن أي وحدة سكنية إضافية سيدفع مالكها 10% من القيمة الإيجارية وهي النسبة التي لا تجاوز (واحداً في الألف من قيمة العقار)، وإعفاء الوحدة العقارية التي يتخذها المكلف سكناً خاصاً رئيسياً له ولأسرته التي يقل صافى قيمتها الإيجارية السنوية عن 24 ألف جنيه، على أن يخضع ما زاد على ذلك للضريبة، وتشمل الأسرة في تطبيق حكم هذا البند المكلف وزوجه والأولاد القصر.
وكذلك إعفاء كل وحدة في عقار مستعملة في أغراض تجارية أو صناعية أو إدارية أو مهنية يقل صافى قيمتها الإيجارية السنوية عن 1200 جنيه على أن يخضع ما زاد للضريبة، وأبنية مراكز الشباب والرياضة المنشأة وفقاً للقوانين المنظمة لها، والعقارات المملوكة للجهات الحكومية الأجنبية، بشرط المعاملة بالمثل، فإذا لم يكن للضريبة مثيل في أي من الدول الأجنبية يجوز للوزير بعد أخذ رأى وزير الداخلية إعفاء العقارات المملوكة لها من الضريبة، بالإضافة إلى إعفاء الدور المخصصة لاستخدامها في مناسبات اجتماعية دون استهداف الربح، وأندية وفنادق القوات المسلحة ودور الأسلحة والمجمعات والمراكز الطبية والمستشفيات والعيادات العسكرية، والعقارات المبنية في نطاقها وغيرها من الوحدات التي تقترحها هيئة عمليات القوات المسلحة، على أن يصدر بتحديدها قرار من وزير الدفاع بالاتفاق مع الوزير المختص، وفى جميع الأحوال لا تخضع أي من هذه الجهات لأعمال لجان الحصر والتقدير، وفقاً لما تقتضيه اعتبارات شئون الدفاع ومتطلبات الأمن القومي، وأضاف القرار الأحواش ومباني الجبانات إلى قائمة العقارات المعفاة.
وشمل القرار الجمهوري إعفاء الأبنية المملوكة للجمعيات المسجلة وفقاً للقانون والمنظمات العمالية المخصصة لمكاتب إدارتها أو لممارسة الأغراض التي أنشئت من أجلها، وأبنية المؤسسات التعليمية والمستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمبرات التي لا تهدف إلى الربح، والمقار المملوكة للأحزاب السياسية والنقابات المهنية بشرط أن يتم استخدامها في الأغراض المخصصة لها.
وتقضي التعديلات بالنسبة للمادة الثانية من القرار استبدال نصوص المواد أرقام 5 و13 و15 الفقرة الثانية، و17 و18 الفقرة الأولى، من قانون الضريبة على العقارات المبنية رقم 196 لسنة 2008 بنصوص جديدة، هي المادة 5 بعد تعديلها أصبحت تنص على ألا يجوز أن يترتب على إعادة التقدير الخمسي زيادة القيمة الإيجارية للعقارات المبنية المستعملة في أغراض السكن على 30٪ من التقدير الخمسي السابق، وعلى 45٪ من التقدير الخمسي السابق بالنسبة للعقارات المبنية المستعملة في غير أغراض السكن، وتوجب الفقرة الثانية من المادة 15 بعد تعديلها، إخطار المكلف بتقدير القيمة الإيجارية على النموذج الذي تحدده اللائحة التنفيذية وبالطريقة التي تحددها إذا كان من شأن التقدير استحقاق الضريبة عليه.
وتنص المادة 13 المعدلة على أن ينشأ في كل محافظة لجان تسمى (لجان الحصر والتقدير) تختص بحصر وتقدير القيمة الإيجارية للعقارات المبنية على أساس تقسيمها نوعياً في ضوء مستوى البناء والموقع الجغرافي والمرافق المتصلة بها، على النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية، وتشكل تلك اللجان بقرار من الوزير أو من يفوضه برئاسة ممثل عن المصلحة، وعضوية ممثل عن المحافظة الواقع بها العقار وأحد المكلفين بأداء الضريبة في نطاق اختصاص اللجنة يختارهما المحافظ، ويجب أن يكون هذا الاختيار من بين من يرشحه المجلس الشعبي المحلي للمحافظة حال وجوده.
وتقضي التعديلات بأنه في حالة قيام هذه اللجان بحصر وتقدير المنشآت المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من هذه المادة، فيكون اختيار ممثل المكلفين في عضويتها بناء على ترشيح اتحاد الصناعات أو اتحاد الغرف المختص أو بناء على ترشيح الوزير المختص بالنسبة للنشاط الذي لا يضم الجهات القائمة به اتحاد، ويجب أن يكون المرشح من بين ذوى الخبرة في مجال النشاط، وتحدد اللائحة التنفيذية أسلوب وإجراءات عمل هذه اللجان ونطاق اختصاص كل منها.
وتفصل في الطعون لجنة أو أكثر تسمى «لجنة الطعن» تنشأ في كل محافظة وتشكل بقرار من الوزير، ويكون تشكيلها برئاسة أحد ذوى الخبرة من غير العاملين الحاليين أو السابقين بالمصلحة، وعضوية أحد العاملين بجهة ربط وتحصيل الضريبة، ومهندس استشاري في المجال الإنشائي أو أحد خبراء التقييم العقاري، ترشحهما نقابة المهندسين أو الهيئة العامة للرقابة المالية أو البنك المركزي من بين المقيدين في سجلات النقابة أو الهيئة أو البنك، بحسب الأحوال، على أن يكون المرشح منها في عضوية اللجنة من بين المكلفين في نطاق اختصاص اللجنة، ولا يجوز الجمع بين عضوية لجان الحصر والتقدير ولجان الطعن، ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحاً إلا بكامل تشكيلها وتصدر قراراتها بأغلبية الأصوات، ويجب أن تصدر اللجنة قرارها خلال 30 يوماً من تاريخ تقديم الطعن مستوفياً ويكون قرارها نهائياً، وتبين اللائحة التنفيذية إجراءات عمل لجان الطعن.
فى أول تعليق له على القانون، أكد هانى قدري وزير المالية، أن قانون الضريبة العقارية لا يمس محدودى او حتى أصحاب الدخول المتوسطة على الإطلاق، ويتضح ذلك من خلال إعفاء المسكن الخاص معفى حتى 2 مليون جنيه، وأشار الوزير إلى أن حملات المعارضة للقانون طوال السنوات الماضية كان وراءها بعض أصحاب المصالح الخاصة، الذين زعموا أن الضريبة العقارية ستمس الفقراء، في حين يبحثون عن مصالحهم الخاصة بتجنب سداد حقوق الدولة فيما يتعلق بتلك الضريبة.
ومن جانبه أكد المحاسب القانوني، أشرف عبدالغنى رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أن تعديلات القانون 196 لسنة 2008 والخاص بالضرائب العقارية شهدت بعض السلبيات والإيجابيات، وأشار إلى التعديل فى تاريخ استحقاق الضريبة لتصبح المحاسبة من أول يوليو من كل عام بدلاً من أول يناير لا يلاقى قبولاً من جموع الممولين، نظراً لتعارضه مع السنة الضريبية الخاصة بمحاسبة باقى أنواع الضرائب التى تكون فيها المحاسبة عن سنة مالية تبدأ فى 1/1 وتنتهى فى 31/12 من كل سنة، وقد كانت رؤية الجمعية المطالبة بتعديله ليتفق مع  المحاسبة الضريبية، خاصة أن مجلس الوزراء قد وافق على عودة السنة المالية مرة أخرى وقد تم اعتماده من السيد رئيس الجمهورية بتاريخ 17 أغسطس بقرار بالقانون رقم 117 لسنة 2014.
وأكد «عبدالغنى» أن تعديل حد الإعفاء بالنسبة للوحدات السكنية يأتى فى غير صالح الممول ، حيث أصبح 2 مليون جنيه بالقانون رقم 103 لسنة 2012 للوحدة السكنية الواحدة فقط بعد أن كانت 500 ألف جنيه لكل وحدة سكنية يملكها المكلف بأداء الضريبة، موضحاً أن الممول وفقا للصيغة الأولى لمشروع القانون كان سيتمتع بإعفاء لجميع وحداته بدلا من وحدة واحدة!
وأشار رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية إلى أن من أبرز التعديلات الإيجابية هو عدم اشتراط شهر حق الملكية بالنسبة للمكلف بأداء الضريبة «المالك»، فقد كانت العقود الابتدائية أو أى سند ملكية غير مشهر لا يعول عليه عند المحاسبة، وكانت تشترط المصلحة ضرورة الإشهار مما يخلق كثيراً من المشاكل بين الملاك الأصليين «البائعين» والملاك الحاليين «المشترين»، حيث إنه من المتعارف عليه أن معظم سندات الملكية فى مصر غير مشهرة.
وطالب «عبدالغنى» فى حال التوصل إلى أسس فى تقدير القيمة الإيجارية للأنشطة غير السكنية أن يتم نشرها لإعلام الملاك بهذه الأسس، حيث لوحظ فى الفترة الأخيرة أنه تم إصدار عدة مطالبات لبعض العملاء، خاصة فى مجال النشاط الصناعى غير محدد فيها سنوات المحاسبة وأسس تقدير القيمة الإيجارية.
وأكد المحاسب القانونى محسن عبدالله، الخبير في شئون الضريبة العقارية، أن التعديلات أقرت بوضع معايير لتقييم المنشآت الصناعية والسياحية والبترولية والمطارات والموانى والمناجم ذات الطبيعة الخاصة خلال 3 أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار فى أول يوليو 2013، موضحاً أنه قد مر أكثر من عام على محاولات المصلحة وضع تقديرات مع الجهات المعنية بكل نشاط عن طريق عمل جلسات ودراسات للوصول إلى تقديرات مناسبة بالاتفاق مع هذه الجهات، إلا أنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى معايير محددة فى معظم هذه الأنشطة وذلك لاختلاف وجهات النظر فيما بينهم وبين المصلحة، وقد صدر القانون الجديد بمد مهلة أخرى لمصلحة الضرائب العقارية تبدأ من صدور هذا القانون الذى صدر فى 17 أغسطس 2014 لمدة ثلاثة شهور أخرى لوضع المعايير الخاصة بتقييم هذه المنشآت، ويطالب مصلحة الضرائب العقارية بأن تراعى الظروف التى تمر بها هذه الجهات، خاصة فى مجال النشاط السياحى، حيث قامت الكثير من المنشآت الفندقية بإغلاق أبوابها نظراً لعدم قدوم نزلاء إليها، ودعا إلى ربط الضريبة العقارية بنسبة الإشغال الخاصة بهذه المنشآت.
وأشار «عبدالله» إلى تعديل عدد أعضاء لجنة الحصر والتقدير ليصبح 3 أعضاء بدلاً من خمسة، مطالباً بأن يتم اختيار المكلف بأداء الضريبة من ذوى الخبرة فى مجال التقييم لأى من الأنشطة المختلفة حتى يمكن تطبيق العدالة فى عملية التقييم، وأن تتم على أسس علمية يراعى فيها البعد الاجتماعى وحالات الكساد والرواج لكل نشاط ومراعاة الأنشطة التى توقفت كلية عن مزاولة عملها، واعتبر إضافة نسبة جديدة تقدر بـ 25% من إجمالى المبالغ المحصلة من الضرائب العقارية لأغراض وتطوير وتنمية المناطق العشوائية من التعديلات الإيجابية التى لم تكن موجودة من قبل، مشيراً إلى أنه من المزايا التى حددها القانون 196 لسنة 2008 هو سداد الضريبة على قسطين متساويين كل 6 أشهر بعد أن كانت فى ظل أحكام القانون 56 لسنة 1954 يجب سدادها بالكامل ثم الطعن عليها لاحقاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى