تنمية بشرية

7 قواعد أساسية لتطور ذكاءك العاطفي

7 قواعد أساسية لتطور ذكاءك العاطفي

لا شكَّ أنَّ الذكاء العاطفي هو من أهم السمات الشخصية التي يسعى الجميع إلى اكتسابها، نظرًا للدور الحاسم الذي يلعبه الذكاء العاطفي في تحسين جودة حياتنا الشخصية والمهنية. فالقدرة على فهم الآخرين ومعرفة ما يشعرون به، بالإضافة إلى القُدرة على توقع أفعالهم هي ميزة لا تُقدَّر بثمن، حيث تُساهم في تحسين علاقاتك مع الآخرين، كما ستُساعدك بشكلٍ كبير في تقلّد المناصب القيادية.

في ظل نمط الحياة المُنفتح الذي نعيشه والحاجة إلى التعامل مع أنماط مُختلفة من البشر بشكلٍ يومي في العمل أو الحياة بصفةٍ عامَّة، أصبح تطوير الذكاء العاطفي أمرًا لا غنى عنه للنجاح. فكُلما تمكَّنت من التحكّم في عواطف الآخرين، والتأثير فيهم بشكلٍ إيجابي، ومعرفة ما يدور في رأسهم، كُلما زادت فرصة حصولك على مُبتغاك. لذلك، يُمكن القول إنَّ تطوير الذكاء العاطفي يُعدّ موضوعًا مُهمًّا يستحق البحث فيه.

في هذا المقال، سنناقش مفهوم الذكاء العاطفي وكيفية تطويره وأهميته في تعزيز التفاعلات الإنسانية وتحقيق النجاح في مُختلف جوانب الحياة، كما سنستعرض أيضًا بعض الإستراتيجيات والأساليب التي يمكنك استخدامها من أجل تطوير ذكائك العاطفي وتعزيز قُدرتك على التعامل مع المشاعر والعواطف الخاصة بالآخرين بفعالية.

اقرأ أيضًا: 9 أنواع من مصاصي الدماء العاطفيين الذين يجب أن تبتعد عنهم

ما هو الذكاء العاطفي ؟

الذكاء العاطفي (EI) هو القُدرة على إدراك وفهم والتعامل مع العواطف، حيث يُمكن للأشخاص الذين يتمتَّعون بالذكاء العاطفي التعرف على مشاعرهم ومشاعر الآخرين والتحكم فيها كما يشاؤون، بل واستخدامها لتوجيه الفكر والسلوك، والتواصل مع الآخرين بشكلٍ فعّال وبنّاء.

يتميَّز أصحاب الذكاء العاطفي أيضًا بالقدرة على التمييز بين المشاعر المُختلفة وتسميتها بشكلٍ مُناسب، وتعديلها للتكيف مع البيئات المُختلفة. في الواقع، يزعم بعض الخبراء في علم النفس أنَّ الذكاء العاطفي أكثر أهمية للنجاح في الحياة من معدل الذكاء أو ما يُعرف بال IQ.

اقرأ أيضًا: أيهما أهم الذكاء العقلي IQ أم الذكاء العاطفي EQ ؟

ما هي علامات الذكاء العاطفي ؟

تتضمَّن بعض العلامات والسمات الأساسية للذكاء العاطفي ما يلي:

القدرة على تحديد ووصف ما يشعر به الناس.

الوعي بنقاط القوة والضعف عند كل شخص، والقدرة على التعامل معها بالشكل المُناسب.

الثقة بالنفس وقبول الذات.

القدرة على نسيان الأخطاء.

القدرة على قبول التغيير واحتضانه.

شعور قوي بالفضول، خاصَةً تجاه الآخرين.

مشاعر التعاطف والاهتمام بالآخرين.

إظهار الحساسية تجاه مشاعر الآخرين.

تحمّل المسؤولية الكاملة عن الأخطاء الشخصية.

القدرة على التحكم في العواطف خلال المواقف الصعبة.

من خلال تطبيق هذه الممارسات في حياتنا اليومية، يمكننا تحسين العلاقات الشخصية والعملية والتأقلم مع التحديات المعقدة التي تواجهنا في عالم متغير باستمرار.

اقرأ أيضًا: ما هو الذكاء العاطفي وكيف أقوم بتطويره | Emotional Intelligence

الركائز الأربعة للذكاء العاطفي
وضع الباحثون في مجال علم النفس الإدراكي والإيجابي أربعة ركائز أو مُستويات مختلفة من الذكاء العاطفي، تتواجد جميعها أو بعضها عند الأشخاص بنسب مُتفاوتة. هذه الركائز هي كما يلي:

فهم المشاعر: من المؤكد أنَّ الخطوة الأولى الأساسية للتحكّم في المشاعر هي فهمها أولًا وإدراكها بدقة. فكُلما كان فهمك لطبيعة المشاعر أقوى، كلما كان تحكمك فيها أسهل. في كثيرٍ من الحالات، قد يتضمن ذلك فهم الإشارات غير اللفظية مثل لغة الجسد وتعبيرات الوجه.

الاستدلال بالعواطف: تتضمَّن الخطوة التالية استخدام العواطف لتعزيز التفكير والنشاط المعرفي واستغلالها في اتخاذ القرارات، فالعواطف تساعد في تحديد أولويات ما ننتبه إليه ونتفاعل معه، فنحن نستجيب عاطفيًّا للأشياء التي تجذب انتباهنا.

تحليل العواطف: يُمكن أن تحمل المشاعر التي ندركها مجموعة مُتنوعة من المعاني. إذا كان شخص ما يُعبّر عن مشاعر غضب، فيجب على الشخص الآخر تفسير سبب هذا الغضب وما قد يعنيه، وما قد يؤدي إليه. على سبيل المثال، إذا كانت ملامح الغضب تبدو على رئيسك في العمل، فقد يعني ذلك أنه غير راضٍ عن عملك. لذلك، يُعد تحليل هذه العواطف ركيزة مُهمة من ركائز الذكاء العاطفي.

التحكم في العواطف: تُعتبر القدرة على إدارة العواطف بشكلٍ فعال جزءًا أساسيًا من الذكاء العاطفي، بل ويُمكن اعتبارها الجزء الأهم منه. لا شكَّ أنَّ تنظيم العواطف الشخصية والاستجابة بشكلٍ مُناسب معها وكذلك الاستجابة لمشاعر الآخرين بالشكل المُناسب هي عمل مُهمّ لتتحلى بالذكاء العاطفي.

يُمكن ترتيب الركائز الأربعة لهذا النموذج حسب التعقيد مع وضع الركائز البديهية في المستويات الأقل والركائز الأكثر تعقيدًا في المستويات الأعلى. على سبيل المثال، قد تتضمن المستويات الأدنى إدراك المشاعر والتعبير عنها، بينما تتطلب المستويات الأعلى تحليلًا عميقًا للمشاعر وإدارتها على النحو المطلوب.

اقرأ أيضًا: 5 نصائح مهمة تساعدك على تحقيق أحلامك الكبيرة!

تأثير الذكاء العاطفي
في الواقع، هُنالك العديد من الأمثلة حول كيف يمكن للذكاء العاطفي أن يلعب دورًا في الحياة اليومية. وفيما يلي بعض هذه الأمثلة:

1- اكتساب عادة التفكير قبل الرد
يعرف الأشخاص الأذكياء عاطفيًا أنَّ العواطف يمكن أن تكون قوية، ولكنّها مؤقتة أيضًا. عندما يحدث حدث عاطفي مشحون للغاية، مثل الغضب من زميل في العمل، فإنَّ الاستجابة الذكية عاطفيًا هي التي ستستغرق بعض الوقت قبل الرد. هذا يسمح للجميع بتهدئة عواطفهم والتفكير بشكل أكثر عقلانية.

2- زيادة الوعي الذاتي
الأشخاص الأذكياء عاطفيًا لا يجيدون التفكير في ما قد يشعر به الآخرون فحسب، بل إنّهم بارعون أيضًا في فهم مشاعرهم. يسمح الوعي الذاتي للناس بالنظر في العديد من العوامل المُختلفة التي تساهم في عواطفهم.

3- التعاطف مع الآخرين
يتمثَّل جزء كبير من الذكاء العاطفي في القدرة على التفكير والتعاطُف مع ما يشعر به الآخرون. يتضمن هذا غالبًا التفكير في كيفية ردك إذا كنت في نفس الموقف.

تصفَّح الآن: ما هو الوعي بالذات وكيف تطوره؟

قواعد لتطوير الذكاء العاطفي
قواعد لتطوير الذكاء العاطفي
من خلال تطبيق بعض القواعد في حياتك اليومية بشكلٍ مُنتظم، ستتمكّن من تطوير ذكائك العاطفي بشكلٍ كبير، بالإضافة إلى تحسين علاقاتك الشخصية والعملية والتأقلم مع التحديات المُعقدة التي قد تُواجهها. إليك 7 قواعد بسيطة ستساعدك على بناء ذكائك العاطفي.

1- قاعدة إعادة تجديد الدماغ
هناك اعتقاد خاطئ شائع بأنَّ دماغ البالغين يتسم بالجمود أو افتقار القدرة على التغيير والنمو. في الواقع، لقد أثبت علم الأعصاب أنَّ هذا الاعتقاد ليس صحيحًا، فأدمغتنا لها القدرة على تجديد نفسها فيما يُعرف بالمرونة العصبية.

المرونة العصبية هي قدرة الدماغ على إحداث تغييرات في بنيته التركيبية وزيادة عدد الخلايا العصبية والناقلات العصبية والذي يُمكن ترجمته إلى اكتساب مهارات وقدرات جديدة.

بتطبيق ذلك على أساليب تطوير الذكاء العاطفي، يُمكنك في الواقع إعادة برمجة عقلك وردود أفعالك العاطفيَة من خلال مزيج من التفكير المركّز والأفعال الهادفة. إذًا، فكلمة السر هنا هي المُمارسة العقلية! للقيام بذلك، يُمكنك اتّباع 3 خطوات:

1. التحفيز

2. الممارسة

3. التطبيق

اقرأ أيضًا: كيف أحقق الاتزان العاطفي؟

2- قاعدة L.A.U.G.H
تُعد هذه القاعدة من أكثر الطرق الفعالة لمُساعدتك على اكتساب الذكاء العاطفي. هذه الحروف هي الحروف الأولى للكلمات الآتية:

تعلّم (Learn)

طبّق (Apply)

افهم (Understand)

انمُ (Grow)

ساعِد (Help)

لعلَّك قد سمعت بالمقولة الشهيرة في علم النفس والتي تقول “تظاهر حتى تنجح”. في الحقيقة، ترفض قاعدة L.A.U.G.H هذه المقولة تمامًا، فهي تُشجعك على تبني عقلية النمو وتطبيق أفكارك على أرض الواقع حتى تُتقنها وليس مُجرد ادّعاء أو خداع للذات. ابدأ بتعلّم بعض الأساليب لإظهار التعاطف مع الآخرين، ثم قُم بتطبيقها. في البداية لن تُظهر أفضل أداء لديك، لكن مع التجربة ستفهم كيف تجري الأمور وتبدأ حينها في اكتساب مهارات الذكاء العاطفي والتي ستُمكّنك من مُساعدة نفسك والآخرين.

اقرأ أيضًا: 8 حقائق مثبتة لقراءة لغة جسد الأشخاص من حولنا

3- قاعدة المكتب النظيف
لعلَّك قد سمعت عن النظرية العلمية التي تُوضح أهمية القيام بتخصيص وقت لتنظيف مكتبك (أو خزانة ملابسك أو غرفتك) قبل بدء يومك وكيفية تأثير ذلك على باقي يومك؛ هذا لأنه عندما تحاول إنجاز شيء ما، فإن كل عقبة تقف في طريقك ستجعل مهمتك أكثر صعوبة.

بتطبيق نفس النظرية على الذكاء العاطفي، يُساعدك أخذ بضع دقائق لتنظيم أفكارك وترتيبها على التفكير بشكل أكثر وضوحًا، وهذا بدوره يؤدي إلى نتائج أفضل. مربط الفرس من هذه القاعدة هو أن تأخذ بعض الوقت في ترتيب سيل الأفكار في رأسك حتى تتمكّن من تفسير مشاعرك ومشاعر الآخرين بشكل أفضل وتحليلها بذكاء.

اقرأ أيضًا: 10 خطابات تحفيزية تدفعك قدما إلى الأمام

4- قاعدة مايا أنجيلو
قاعدة مايا أنجيلو هي في الواقع اقتباس يُنسب إلى الشاعرة والمؤلفة الشهيرة مايا أنجيلو، والتي قالت “سينسى الناس ما قلته، سينسى الناس ما فعلته، لكن الناس لن ينسوا أبدًا كيف جعلتهم يشعرون”. فالانطباع العاطفي الذي تتركه على الآخرين له تأثير أكبر وأطول أمدًا من الأقوال والأفعال. تُشجّع هذه القاعدة على التركيز على التأثير العاطفي الذي نمارسه على الآخرين والسعي لجعل تجاربهم إيجابية.

لذلك، عندما يتعلَّق الأمر بعلاقاتك، فإنّ تذكّر هذا الاقتباس يمكن أن يساعدك على رؤية الصورة الكبيرة وبناء علاقات أقوى.

اقرأ أيضًا: ما هي البرمجة اللغوية العصبية NLP ؟

5- كن صادقًا دون أن تكون قاسيًا
تتطلّب المصداقية دومًا أن تقول ما تعنيه وأن تعني ما تقوله، وتلتزم بقيمك ومبادئك. لكن شخصيتك قد تُعيق قيامك بذلك بالشكل المطلوب. على سبيل المثال، إذا كنت شخصًا تُحب السلام ولا ترغب في خوض أي صراع مع أي شخص ولديك درجة عالية من التعاطُف، فقد تدفعك رغبتك في السلام إلى إخفاء مشاعرك الحقيقية أو أن تقول أشياء لا تعنيها حقًا. قد يظهر ذلك أيضًا عندما تتجنّب تقديم النقد البنّاء لأحد الأشخاص خشية أن تؤثر سلبًا على مشاعره، فتتركه يؤدي بنفس المُستوى السيء.

في المقابل، قد تحمل المُبالغة في الصدق شيئًا من القسوة أو الشدة، ممّا سيدفع الناس للنفور منك والتوقف عن الاستماع إليك. وكلمة السر في هذه القاعدة هي أن تكون في الوسط بين الاثنين، فتبدي آراء صادقة دون المساس بمشاعر الآخرين.

اقرأ أيضًا: الكاريزما وقوة الحضور

6- تخصيص الوقت للآخرين
لا شكَّ أنّ هذا العصر يتسم بوجود الكثير من المُشتتات، وليس من السهل أن يجذب شيء واحد تركيزك لفترة طويلة. لذلك، فإنَّ إعطاء الوقت للأشخاص الذين تُقدّرهم لا يجعلهم أكثر سعادة فحسب، بل يجعلك أنت أيضًا أكثر سعادة.

بعد قراءة المقال، اختَر شخصًا ترغب في منحه بعضًا من وقتك، ثم خطّط لفعل شيء مع هذا الشخص لا تفعله عادةً. يُمكن أن يكون تناول وجبة أو قهوة معًا أو زيارة مُفاجئة أو الذهاب في نزهة على الأقدام. قد تكون هذه الأنشطة بسيطة، لكنّها بلا شك ستُساعدك لتقطع شوطًا طويلاً في تقوية علاقاتك.

اقرأ أيضًا: كيف نفهم مشاعر الآخرين وهل لدينا علم بما يحتاجونه منّا بالفعل؟

7- قاعدة الإقناع
إقناع الآخرين
تُعدّ مهارات الإقناع هي الوجه الآخر للذكاء العاطفي والتعاطُف مع الآخرين، فمبادئ الذكاء العاطفي هي التي تُوجه الشخص إلى إقناع الآخرين بأيّ شيء يُريده.

لذلك، حتى تتحلى بالذكاء العاطفي، من المهم أن تقوم بما يلي:

التدرّب على طرح أسئلة فعّالة توصلك إلى الإجابة التي تُريدها.

تقديم النوع الصحيح من الأدلة.

معرفة الوقت المُناسب لتنال ثمار أسئلتك وتحصل على الإجابة.

هذا النوع من الإقناع والتأثير لا ينطوي على تلاعب أو خداع. على العكس من ذلك، فهو يُركّز على التعليم وإنشاء مُشاركة وجدانية مع الشخص الآخر.

اقرأ أيضًا: تعرف على متلازمة المربع المفقود وكيفية التعامل معها

في الخِتام، يُمثّل تطوير ذكائك العاطفي عنصرًا حيويًا وهامًّا لتحقيق التوازن والنجاح في حياتك الشخصية والمهنية. من خلال اتباع القواعد السبعة الأساسيَّة المذكورة في هذا المقال، ستتمكّن من تعزيز قدراتك على التفاعل مع الآخرين وإدارة مشاعرك بشكل أفضل.

تذكّر دائمًا أنّ تطوير ذكائك العاطفي ليس عملية سريعة ولكنّها على النقيض رحلة تتطلّب الالتزام والمُمارسة المستمرة. عندما تبدأ في تنمية هذه المهارات وتطبيقها في حياتك اليومية، ستلاحظ تحسّنًا ملحوظًا في علاقاتك مع الآخرين ونظرتك لذاتك. لذا، ابدأ اليوم بتطبيق هذه القواعد السبعة واستعد لاستقبال تغيير إيجابي في حياتك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى