مال واقتصاد

انقسام داخل الأوساط الاقتصادية حول السياسة النقدية..الغرف التجارية: قرار «المركزى» خطوة على الطريق الصحيح

وسط حالة من الضبابية فى سوق الصرف وتضارب التصريحات تفاوتت ردود فعل الاوساط الاقتصادية ازاء قرار البنك المركزى الاخير برفع سعر الدولار 10 قروش.

فبينما رحب البعض بالقرار ووصفوه بالخطوة على الطريق الصحيح للنهوض بالاقتصاد والحد من الأزمة المشتعلة فى سوق الدولار مشيرين الى ان العصا السحرية لحل الأزمة هو حل مشاكل المصدرين والتخلى عن إجراءات تقييد السحب والإيداع للنقد الاجنبى بالبنوك حذر البعض الاخر من بعض التداعيات السلبية.

وبداية أكد الدكتور علاء عز الامين العام لاتحاد الغرف التجارية ان تخفيض سعر الجنيه أمام الدولار يعد بمثابة تقويم للسعر حتى يتماشى مع مقتضيات المرحلة مشيرا الى انها خطوة على الطريق الصحيح من أجل اصلاح الاقتصاد المصرى.

وقال ان هذا التحرك فى سعر الدولار رسميا سيكون له مردود ايجابى على المدى القصير بزيادة حجم الصادرات وتخفيض معدل الواردات التى أصبحت تشكل عبئا كبيرا على الاحتياطى النقدى من العملات، موضحا ان هذا القرار يعد الآلية الوحيدة المتاحة للحد من التكالب على المنتجات المستوردة خاصة التى لها بديل محلى بالاضافة الى انه سيعمل على تغيير ثقافة الشراء لدى المجتمع وإعادة ترتيب الاولويات واللجوء الى البدائل المحلية، واشار الى ضرورة الاستمرار فى هذه السياسات النقدية الواقعية واستمرار الاصلاح للنهوض بالاقتصاد المصري.

وأوضح حمدى النجار رئيس الشعبة العامة للمستوردين أن القرار منطقى بل جاء متأخرا جدا خاصة بعد الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمى والسوق الموازية والتى ارتفعت بمعدل 40 قرشا مؤخرا متوقعا مزيدا من الانخفاض فى سعر الجنيه خلال الايام المقبلة من جانب البنك المركزى لتخفيض هذه الفجوة والسيطرة على سوق الصرف.

وقال إنه رغم ترحيب مجتمع الاعمال بهذه القرارات الا انها تحتاج الى مجموعة من الاجراءات الاخرى للحد من الازمة خاصة ان عدم وضوح هدف وسقف هذه السياسة للبنك المركزى أسهم فى حدوث حالة من الارتباك بالسوق هذا الى جانب زيادة الرسوم بالموانئ بنسبة 75% على الارضيات سببت أزمة كبيرة وضاعفت من اسعار جميع المنتجات المستوردة وهو ما يدفع فاتورته فقط المواطن المصري.

من جانب آخر أوضح مجدى الوليلى سكرتيرالشعبة العامة للمصدرين باتحاد الغرف التجارية ان القرار منطقى جدا وانه يصب فى مصلحة المصدرين، مشيرا الى ان قرار البنك سحب 30 الف دولار كحد اقصى فى اليوم للمصدر عمل على تراجع الدورات الاستيرادية على مدار العام بنسبة تتجاوز ال 50% حتى يتمكن المصدر من سحب كامل احتياجاته، بالاضافة الى ان آلية عدم جواز إيداع اكثر من 10 آلاف دولار بحد اقصى 50 الفا شهريا ساهمت فى انتظار البضائع بالموانئ ودفع مبالغ كبيرة فى شكل غرامات وارضيات لن يستفيد منها سوى شركات الشحن الاجنبية هذا الى جانب اضطرار المصدرين للتعامل مع شركات الصرافة الخارجية حتى يتمكنوا من استمرار حركة الصادرات، وطالب بضرورة عقد لقاء بين محافظ البنك المركزى والمصدرين والمستوردين للتعرف على مشكلاتهم والاخذ برأيهم باعتبارهم شريكا اساسيا فى المنظومة والوصول الى حلول حقيقية تسهم فى حل الازمة والنهوض بحركة الصادرات وخفض العملات امام الجنيه.

وقال المهندس معتز رسلان رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندي٬ إن مبادرة البنك المركزى كانت خطوة إيجابية لضبط السوق ولمواجهة السوق الموازية للدولار والتى شهدت رواجا خلال الفترة الماضية.

وأوضح أن عملية تخفيض الجنيه أمام الدولار على مراحل خطوة محسوبة، فالتحرير على الإطلاق سيؤدى الى موجة تضخمية قد تصل إلى حد الكارثة، خاصة أن نحو 80% من وارداتنا تتمثل فى سلع أساسية للطعام ومستلزمات تشغيل المصانع. وأضاف أن إجراءات البنك المركزى الخاصة بالتعامل على الدولار إيداعا وتحويلا قد تعطى انطباعا على ان هناك حجرا على الحريات التجارية لكن هذه الطريقة هى المناسبة لطبيعة الحالة المصرية حاليا، ودعا إلى ضرورة ترشيد عمليات الاستيراد على السلع غير الضرورية مع فرض ضريبة على سلع الرفاهية التى يتم استيرادها من الخارج.

وفى المقابل يرى محمد بركة نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية الآسيوية » آسيان« ان مبادرة البنك المركزى الخميس الماضى بتخفيض سعر الجنيه أمام الدولار بنحو 10 قروش جديدة، خطوة لم نشعر بها كمستثمرين، بل أدت إلى اشتعال أسعار صرف الدولار بالسوق الموازية، لأن التحرك بنحو 10 قروش أدى الى رفع الدولار فى السوق السوداء لمستويات قاربت على 8.35 جنيه لكل دولار.

وأضاف أن هذه المشكلة لن يتم حلها إلا إذا قام البنك المركزى بتوفير الدولار للمستثمرين، مشيرا إلى أن ما يشهده سعر الصرف حاليا من سياسات تعد طاردة للاستثمار، فليس من المنطقى أن يواجه المستثمر الأجنبى عقبات أمام تحويل أرباحه للخارج.

واوضح انه لا يوجد فى اى دولة بالعالم ثلاثة أسعار لصرف العملة مثلما يحدث الآن فى السوق المصرية، لذلك على البنك المركزى البحث عن حلول جديدة تشجع المستثمرين وتضمن سلامة عمليات التحويلات.

ومن جانبه اكد ايهاب سعيد محلل فى اسواق المال ان البورصة المصرية لن تتأثر بتخفيض قيمة الجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكى، مشيرا إلى أن تأثر البورصة المصرية بتراجع قيمة الجنيه مرهون بقيام البنك المركزى بإلغاء الإجراءات الاحترازية على تحويلات المستثمرين الأجانب للخارج، خاصة أن وضع حد أقصى لتحويل الأموال للخارج ساهم إلى حد كبير فى عزوف المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة بالاقتصاد المصرى بوجه عام، والبورصة بوجه خاص. وتوقع صلاح حيدر المحلل المالى أن مؤشرات البورصة ستعود للنشاط خلال جلسات الاسبوع الحالى، موضحا انه سيتم استيعاب سريع لأزمة تخفيض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكي، بعدما شهدت تراجعا فى التعاملات الأخيرة.

وحذر محمد البهى رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات من مخاطر الزيادة المستمرة فى اسعار الدولار على المصانع المدينة بالدولار والتى اقترضتها لشراء مستلزمات انتاج او مواد خام، وهو ما سيلقى بأعباء سلبية على تلك المصانع كما ان سعر المواد الخام ومستلزمات الانتاج المستوردة سوف يرتفع ثمنها وليس الامر مقصورا على تحريك سعر الدولار ولكن الامر سوف يمتد الى الرسوم الضريبية والجمركية والتى تقدر طبقا لسعر الدولار المعلن من البنك المركزى وبالتالى فسوف ترتفع الاسعار نتيجة لهذه الزيادة.

وقال إن هناك الكثير من الصناعات تحتاج إلى نسب عالية من مستلزمات الانتاج مثل صناعات الادوية التى تصل نسبة المكون المستورد فيها الى نحو 80% والحديد والصلب، ونوه الى ان تأخر البنك المركزى فى سداد قيمة الكثير من المواد الخام تسبب فى توقف الشركات الاجنبية عن قبول التوريد للشركات المصرية باعتمادات مستندية غير مغطاة بنسبة 100 % او بالسداد بالكامل قبل التصدير وبالتالى حرمت الشركات المصرية من فترة السداد الآجل لنحو 6 اشهر، وانتقد سياسة البنك المركزى التى تعتمد على تحديد سقف الايداع مشيرا الى ان هذه السياسة تسببت فى رواج التهريب واتباع اساليب احتيال اضاعت على الدولة ملايين الدولارت.

على الجانب الاخر شهدت تعاملات سوق الصرف حالة من الارتباك لليوم الثالث على التوالي، وسط حالة من الترقب لأسعار الدولار فى السوق الرسمى اليوم، خاصة بعد عطاء البنك المركزي، والذى سيحدد وجهة الدولار سواء بالارتفاع أم الانخفاض أم الاستقرار.

وقال محمد الأبيض رئيس شعبة شركات الصرافة باتحاد الغرف التجارية إن أسعار الدولار فى السوق الموازية تراوحت أمس بين 8.30 جنيه و8.32 جنيه، وسط تعاملات ضعيفة للغاية عليه، لأن الكثير من العملاء لم يتقبلوا هذه الأسعار حتى الآن، كما أن حائزى الدولار يتخوفون من بيع ما لديهم من دولار، خشية حدوث ارتفاع جديد فى سعره اليوم، لذلك فإن المعروض محدود والطلب عليه يقتصر على الاحتياجات العاجلة.

وشدد على أن شركات الصرافة لم تتوقف نهائيا عن بيع الدولار، ولكن العملاء يبحثون عن السوق الموازية والأسعار المرتفعة خاصة وأن الفارق بين السوق الرسمى والسوق الموازية يصل إلى 40 قرشا، وهو فارق مغر بالنسبة للعملاء، وهو ما أدى إلى ضعف تعاملات الصرافة وتراجع وارداتها من الورقة الخضراء. وقال إن السوق قد تشهد حالة من الهدوء، إذا ما قام المركزى بضخ الدولار فى السوق، وتوسيع دائرة تمويل عمليات الاستيراد، وإنهاء قوائم الانتظار.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى