الأخبار

السيسي في لقاء ال 200 دقيقة مع رؤساء تحرير الصحف القومية : مهمتي لن تكتمل إلا بوحدة الشعب

“إن ينصركم الله فلا غالب لكم”.. تلك الآية القرآن الكريم أول ما يقع عليه عيناك عندما تدخل إلي المكتب الرئاسي بقصر الاتحادية فتصلك الرسالة مباشرة بأن الجالس هنا يعتمد علي الله سبحانه وتعالي في خطواته وقراراته.. بعد خمس دقائق من الجلوس معه تشعر كأنك تتحدث مع صديق تعرفه منذ زمن.. يفتح قلبه.. يتكلم بصراحة..

لا يخفي شيئا طالما يتعلق بمصلحة الوطن.. “مصر” همه الأول يعطيها فكره ووقته.. ويقضي يومه في العمل من أجلها.. يستيقظ مع الفجر وبعد الصلاة يبدأ مشواره اليومي الشاق.. اطلاع علي تقارير.. مقابلات مع الوزراء والمسئولين.. اطمئنان علي الحالة الأمنية في مختلف الأماكن من القاهرة لأسوان ومن حدود مصر الغربية وحتي سيناء شرقا.. لقاءات مع كبار الضيوف الزائرين.. حضور مؤتمرات وتوقيع معاهدات.. جولات داخلية لافتتاح مشروعات جديدة أو وضع حجر أساسي.. زيارات خارجية لعقد اتفاقات ثنائية تعود بالخير علي الشعب.. لا يستمتع بالمنصب ولا بوجاهته وسلطته حيث لا وقت للزهو والترف حتي عندما سافر إلي الصين في آخر الدنيا لم ير معالمها ولم يقم بالذهاب إلي المزارات الشهيرة مثل صور الصين العظيم والمدينة الامبراطورية المحرمة وغيرهما كانت رحلته اجتماعات ولقاءات مع الرئيس الصيني ورئيس الوزراء والحزب والبرلمان وتوقيع اتفاقيات وخطابات نوايا مع كبار المسئولين ومع رجال الأعمال والمستثمرين وذهب إلي المصانع لينقل التكنولوجيا ويطلع علي أحداث ما وصل إليه العلم.. وكأنه لم ير الشارع في بكين ولم يتنزه ولم يتسوق مثل السائحين أو كغيره من أصحاب المناصب الرفيعة.. علي مدي 200 دقيقة تحدث فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي رؤساء تحرير الجمهورية والأخبار والأهرام عن الشأن الداخلي وكل ما يهم المصريين.. وشرح باستفاضة ما واجهه من تحديات منذ دخوله إلي الاتحادية قبل 200 يوم.. وأوضح ان مؤسسة الرئاسة تأثرت منذ يناير 2011 وما أصاب الرئاسة أصاب كافة مؤسسات وأجهزة الدولة لذلك فالأولوية عنده لتثبيت دعائم الدولة.. تناول الرئيس كافة القضايا والمشاكل الداخلية التي يعاني منها المواطن وكشف عن خطة اسعاف الكهرباء وعن شراء محطات سابقة التجهيز للقضاء علي هذه الأزمة التي هي أكبر من أي رئيس لكنها ليست أكبر من الشعب المصري..
تحدث عن زيارته الأخيرة للصين وان الدرس المستفاد من التجربة الصينية هو “معجزة الإنسان” فالشخصية الصينية هي التي استطاعت تحقيق التنمية وكانت هي سر النجاح.. لذلك يأمل في استنهاض همم المصريين واصطفافهم لبناء بلدهم بالعمل والعرق والفكر والابتكار.. كشف الرئيس في لقائه مع رؤساء تحرير “الجمهورية” و”الأهرام” و”الأخبار” عن قرب تشكيل مجلس أعلي للاستثمار تابع للرئاسة ليكون التنسيق علي أعلي مستوي ويراقب تنفيذ ما تتوصل إليه مصر من اتفاقيات بالإضافة إلي مجلس التنمية الاقتصادية.. ولأنه يشعر بنبض المواطن البسيط الكادح محدود الدخل فيعرف تماما ان ما تم طرحه من شقق الاسكان الأخيرة لا تناسب الشباب ومحدودي الدخل لذلك سيتم تمويل الاسكان الاجتماعي من فائض ما يتم بيعه وبناء مساكن مناسبة تليق بهم ولن تكون مساحتها 40 أو 60 مترا.. وهو يبحث عن الإنجاز السريع لأن الوقت الذي ضاع كان كبيرا.. وهناك شروط يمكن أن نطلق عليها “ثلاثيه السيسي” لإنجاز المشروعات تتلخص في ضرورة الوصول إلي أقل تكلفة.. أقصر وقت.. الجودة والكفاءة “وهو ما يطرحه علي أي مستثمر لتنفيذ المشروعات”.. والرئيس لا يرضي عن وجود مظلوم أو برئ خلف القضبان لذلك قرر عمل لجان من الداخلية من شباب الاعلاميين للمرور علي السجون والالتقاء بالشباب وبحث حالات غير المتورطين في جرائم أو الذين لم يتخذ بحقهم حكم قضائي.. ويتعجب من طلبة الجامعات الذين يحطمون واجهات كلياتهم ويكسرون نوافذ مدرجاتهم.. ويطالب باحتضان الشباب وزيادة وعيهم.. وان تساندهم الأحزاب والقوي السياسية للتعبير عن آرائهم وللترشيح في الانتخابات البرلمانية القادمة وهو شخصياً سيخصص نسبة لا بأس بها من المعينيين في مجلس النواب للشباب وللمرأة امتد الحوار من التاسعة والنصف صباحاً إلي ما يقارب الواحدة بعد الظهر وشمل كافة ما يهم رجل الشارع وكان محوره “الإنسان المصري” الذي هو معجزة هذا الوطن.. لذلك تضمن عدة أخبار سارة للمواطنين خلال العام الجديد ومنها مضاعفة ميزانية البحث العلمي وزيادة أعداد المبعوثين للخارج خاصة من النجباء والمتفوقين في العلوم التطبيقية ولهم الأولوية ولن ننسي العلوم الإنسانية لأننا نريد تعويض ما تأخرنا عنه في العلوم والتكنولوجيا وان حركة المحافظين ستكون خلال هذا الشهر وإذا اقتضت الضرورة لتعديل وزاري فلن يتأخر لأنه غير راض عن أداء عدد من الوزراء وقال ان الوضع الأمني يتحسن يوماً بعد الآخر وان هناك استراتيجية جديدة في التعامل الأمني بسيناء وان الاسماعيلية الجديدة ورفح الجديدة سيتم وضع حجر أساسهما خلال أيام وستكون أول المشروعات في العام الجديد.
لم نترك شيئاً من القضايا المحلية إلا وناقشنا الرئيس فيها.. ثم تطرقنا بعد ذلك للشئون العربية والدولية التي سنتناولها في حلقة الغد بإذن الله.
تسابقنا في إلقاء الأسئلة محمد عبدالهادي رئيس تحرير الأهرام وياسر رزق رئيس تحرير الأخبار وكاتب هذه السطور وكان الرئيس يفسح صدره ويجيب عن كل سؤال لأنه يعرف ان ما ننقله هو ما يتساءل عنه رجل الشارع.
يفخر الرئيس بأنه ينتمي للمؤسسة العسكرية التي يقول ان التاريخ سيسجل بعد 50 عاماً ان القوات المسلحة المصرية حمت مصر وشعبها عدة مرات.
بعد 200 يوم منذ وصوله إلي قصر الاتحادية بعد اختيار الشعب له وتفويضه بقيادة سفينة الوطن.. لا يشعر الرئيس بالإحباط ومازال التفاؤل يملؤه رغم كل الصعاب والتحديات وضيق ذات اليد.. لأنه مؤمن بالله وبأنه كلما زادت الضغوط فهي دليل النجاح.. نجاح مصر وليس نجاحه شخصياً.. ويتمني في العام الجديد ان يزيد الإقبال علي صندوق “تحيا مصر” وان تري المشروعات القومية النور.. لأن حال البلد سيتبدل مع كل انجاز بفضل أبناء هذا الوطن وبإرادة الله سبحانه وتعالي.. وكان لابد بعد ان شربنا فنجان قهوة مع الرئيس وارهقناه بالأسئلة لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة ان انظر إلي أعلي المكتب الذي يجلس عليه رئيس مصر وأردد الآية الكريمة الموضوعة “ان ينصركم الله فلا غالب لكم” صدق الله العظيم.
فيما يلي نص الجزء الأول من حوار الرئيس عبدالفتاح السيسي مع فهمي عنبه رئيس تحرير الجمهورية وياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ورئيس تحرير الأخبار ومحمد عبدالهادي رئيس تحرير الأهرام.
قبل أن نبدأ أسئلتنا.. بادرنا الرئيس. بالاستفسار عن أحوال المؤسسات القومية في ضوء لقائه الأخير مع رؤساء مجالس إداراتها. ثم قال: لقد قصدت أن أجلس مع رجال الصحافة والإعلاميين مرات عديدة. لأن الإعلام هو الضمير الحي للوطن. ودائما أقول لهم: خلوا بالكم من بلدكم. لأن الإعلام هو الذي يشكل الرأي العام الحقيقي. ولو استمر في أداء دوره علي النحو المنشود. فسنتمكن من اجتياز المرحلة دون مشاكل.
ثم تطرق الرئيس إلي وضع الدولة بعد ثورة يناير. قائلا: في السنوات الأربع الأخيرة كانت الدولة بغير “دماغ” مستقر. ولم تكن أذرع الدولة أو بالأحري مؤسساتها منسجمة معاً في إيقاع عمل متناغم. الناس قبل عام 2011 كانت تحلم للتغيير. وجاءت ثورة يناير وغيرت لكن حدثت تداعيات أخري. كان لابد من استيعابها بسرعة والصبر عليها. وهذا الأمر ينطبق علي كثير من أجهزة الدولة ومؤسساتها.
* قلنا للرئيس: بمناسبة الحديث عن أجهزة الدولة. هناك كثيرون يرون أنها لا تسير بنفس إيقاع الرئيس.
** السيسي: لابد أن تعلموا أن ماكينة الدولة لا تتحرك بين يوم وليلة. فيجب لكي تنضبط وتستجيب ويشعر العاملون بها بالنجاح ويسعدون به أن تأخذ وقتا.
أنا لا أدافع عن أجهزة الدولة. وإنما أسأل هل بعد 40 عاماً مما جري لهذه الأجهزة. ثم بعد 4 سنوات مضت علي ثورة 25 يناير. يمكن أن نتصور أن التراكمات لم تؤثر سلبياً علي الأوضاع الراهنة.
ثم أضاف قائلاً: لقد كنت صريحاً جداً مع الشعب. وقلت إن الأزمة التي تواجهها مصر في كل المجالات أكبر من أي رئيس. لكنها ليست أكبر من الشعب المصري. هناك معاناة. ويجب أن نتحملها سوياً.
* نبدأ من زيارتك للصين. كنا معك ولمسنا نجاح الزيارة. وقلتم لنا هناك أن ما جري هو خطوة علي صعيد جذب الاستثمارات الصينية وتوقيع مذكرات تفاهم لتنفيذ مشروعات عديدة مع الصين. لكن لابد أن تتلوها خطوات من جانبنا.
ما هو في تصوركم الإنجاز الأكبر الذي خرجتم به من هذه الزيارة. وما هي تكليفاتكم للحكومة في اجتماعكم الوزاري أمس الأول للإسراع بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه؟
** السيسي: نتائج الزيارة جيدة. ولدينا واجب عمل هو أن نجهز أنفسنا لاستكمال الموضوعات. وأن تتحول مذكرات التفاهم إلي اتفاقات ونوفر المناخ المناسب لها وننفذها.
أما الدرس فهو أن معجزة الصين هي معجزة الإنسان. المعجزة هي الإنسان وليس مجرد الاستراتيجية والتخطيط. الشخصية الصينية هي سر النجاح في مسيرة الصين علي مدي أكثر من نصف قرن. وهذا هو ما أعول عليه. عندما استدعي واستنهض همة المصريين. لهذا قلت إن حفر القناة يجب أن يتم في سنة وكذلك مشروع الطرق. حتي يستعيد المصريون ثقتهم بأنفسهم وبقدراتهم.
هذه كانت أول زيارة لي إلي الصين. وكانت أول إطلالة لي علي البلد. وقلت لنفسي ما الذي أريد أن آخذه معي من هذا البلد. ووجدت أنه دور الشخصية الصينية في بناء بلدها وصنع المعجزة. لقد زرت مدينة شنجدو في ختام زيارتي وهي عاصمة إقليم “شيسوان”. هذا الإقليم تعداده 90 مليون نسمة أي نفس تعداد سكان مصر. ودخله يصل إلي 500 مليار دولار سنوياً. ورغم هذا يأتي في المرتبة الثامنة بين الأقاليم الصينية الأكثر دخلا. أي أن كل 100 مليون صيني ناتجهم القومي ما بين 600 إلي 700 مليار دولار. وهذا أمر لابد أن نتوقف عنده.
أنا شفت بلداً كانت ظروفها أصعب من ظروفنا. لكنها استطاعت خلال مدة زمنية أن تنهض وأن تنافس علي المرتبة الأولي بين الاقتصادات الأكبر في العالم. هذا ليس أمراً بسيطاً. وعلينا أن ندرس كيف نجح 1300 مليون صيني أن يحولوا المحنة إلي منحة.
هذا نضال أمة في بناء مستقبلها. من خلال رؤية وضعها ماوتسي تونج. وسار عليها قادة الصين الذين خلفوه. اشتغلوا. ولم يهدأوا. وأصبح هناك سباق يؤدي إلي هذا التقدم وهذه المعجزة.
* كان لدينا في مصر تجربة سابقة علي تجربة الصين هي تجربة محمد علي. وتجربة مواكبة لها هي تجربة عبدالناصر.
** نعم.. لكن تم اجهاضهما. فلو كنت تقود عربة. وهناك من يترصدك ويضيق عليك. فقد تصطدم بحائط.
* الاجتماع الوزاري الذي عقدته أمس الأول لرئيس الوزراء وعدد من الوزراء الذين كانوا يرافقونك في رحلة الصين. تركز علي نتائج الزيارة.
** حضر الاجتماع أيضا وزير الإسكان. لنبحث في الأراضي التي ستخصص للمشروعات مع الصين.
والحقيقة إحنا كنا متحركين من قبل الزيارة. وأرسلنا وفداً وزاريا قبلها بعشرة أيام. ولو كان الأمر يحتاج كنت استبقيت الوفد المرافق لي في الصين ليكمل المباحثات. وفي الاجتماع الوزاري طلبت أن نرسل إلي الصين لتحديد موعد اجتماع اللجنة الرباعية المشتركة التي تضم رئيس لجنة الاصلاح والتنمية ووزير التجارة من جانبهم. ووزيري التجارة والاستثمار من جانبنا. وهي لجنة مكلفة ببحث المشروعات وآليات تمويلها. وقد أرسلنا لهم فعلاً وقلنا إننا مستعدون لاستقبالكم أو أن نأتي لكم.
* سيادتك منشغل بقضايا الاستثمار والاقتصاد. هل سينعكس هذا علي تشكيل مجالس معنية بذلك داخل الرئاسة؟
** السيسي: في الحقيقة نحن نفكر في إنشاء مجلس أعلي للاستثمار يرأسه رئيس الجمهورية. وسيتم تشكيله قبل المؤتمر الاقتصادي في مارس المقبل. حتي يأخذ وضعه الطبيعي. وتصل رؤيته لكل الناس: أيضا سنعلن قريبا عن إنشاء مجلس تخصصي للتنمية الاقتصادية تابع للرئاسة.
* وزير الإسكان حضر الاجتماع. هل تحدثت معه في شكاوي الطبقات المتوسطة من ارتفاع أسعار وحدات الإسكان المتوسط؟
** السيسي: عايز أقول إن هناك هامش ربح محدودا في هذه الوحدات. توجه حصيلته إلي الإسكان الاجتماعي لذوي الدخل المحدود. وكنت أراجع الموقف مع وزير الإسكان. ووجدت أن عدد المتقدمين للإسكان الاقتصادي أكثر من عدد الوحدات المعروضة. فرق الثمن أو هامش الربح نمول به إسكان الغلابة. ولابد أن أخلي بالي ونخلي بالنا منهم. ونحاول ايجاد أساليب تمويل مختلفة. فلا يكفي أن تضع الدولة مبلغا سنويا للإسكان الاجتماعي. لأننا لن ننشيء وحدات ضيقة مساحة 40 متراً. إنما سننشيء إسكانا يليق بالناس وسنموله بفارق السعر عن الوحدات الاقتصادية لذوي القدرة الأكبر.
* سيادة الرئيس: اليوم يمر 200 يوم علي توليكم الرئاسة. كيف تري الصورة الآن. هل اختلفت عما رأيتها يوم 8 يونيو الماضي حين دخلت إلي قصر الاتحادية؟!.. هل تسلل إليك أي شعور بالإحباط؟
** السيسي: لا يوجد عندي أي شعور أو شكل من أشكال الإحباط. الحقيقة أنا فرحان بالمصريين. وكلما أجد ضغوطا تزداد من الداخل أو الخارج. أراها دليل نجاح. ليس لي وإنما نجاح لمصر.
فقط.. أريد أن يستمر سياق الوعي الجمعي.
علينا أن نتحدث لغة واحدة لكي نحقق المهمة. مش عايزين نتذبذب أو نتردد أو نحبط. وإنما نسير علي خط واحد.
أريد للناس أن تطمئن. إحنا ماشيين كويس. ولما قلنا في سنتين سنعبر عنق الزجاجة. كنت أضع هذا هدفا لنا جميعاً وسوف نحققه بفضل الله.
* عندما دخلت هذه الغرفة. وجلست علي مكتب الرئيس.. ماذا قلت لنفسك؟
** السيسي: قلت المهمة لن تكتمل إلا بوقفة كل المصريين معي. وأن يكون الشعب كله كتلة واحدة. هذا سياق ليس فيه إسقاط علي أحد. ولا هجوم علي آخر.
مهمتي أن ألملم جراح مصر. البلد جرحت علي مدي سنين. هذه مسئوليتنا جميعاً.. قوي سياسية. وإعلام. وشباب. علينا أن نلملم الجراح. وأن نعيد اصطفاف الناس. حتي المعارضين يجب عدم انتقادهم. كفانا عنفا وتمزقا. فمصر كادت تضيع. وعلينا ألا نختلف.
* في إطار السعي للاصطفاف الوطني. أليس هناك شباب منفعل في الجامعات. لم يرتكب جرائم عنف أو يسفك دماء. وتظاهر. وتم القبض عليه؟
** السيسي: أكيد هناك أبرياء.
* هل أمرت بتصفية أوضاع المقبوض عليهم من هؤلاء الشباب للتفرقة بين مرتكبي العنف وغيرهم. للإفراج عن الأبرياء؟
** السيسي: كلفت لجنة واثنتين. مرتا علي السجون بالكامل. وهناك لجنة من شباب الإعلاميين تمر علي السجون لتري بنفسها.
وكلفت وزير الداخلية بإجراء مراجعة شاملة. وأي بريء سيخرج.
* هل تشعر بثقل الهموم؟
** السيسي: الهم.. إنني أفكر طوال الوقت. وأفكر وأتحرك. لابد أن نتحرك وفق تصور مبني علي حماية وطن. لست وحدي من يحمل هم الوطن. كلنا شايلين وطننا مع بعضنا البعض. أشعر بالهم لأن 3 أرباع موازنتنا تذهب للدعم وفوائد الدين والأجور. بينما لا يتبقي إلا 531 مليار جنيه للإنفاق علي الصحة والتعليم والخدمات والمرافق وباقي وزارات الدولة.
في بداية مظاهرات الجامعة قلت لا أمانع أن يتكلم الطلاب. يقولوا ما يريدون لكن بلاش نهدم الجامعات أو نخربها. هل في هذه الحالة سيأتي سائح أو تأتي استثمارات؟.. إذن نجيب منين؟
* نذكر في لقائك مع رؤساء الجامعات الصينية. أنهم قالوا لك إن عدد المبعوثين المصريين في الصين 200 طالب.. وقلت لهم: كنت فاكرهم 200 ألف. كيف تفكر في مسألة البعثات؟
** السيسي: لقد ضاعفت ميزانية البحث العلمي مرتين من حصيلة صندوق “تحيا مصر”. وأنا أسعي إلي مضاعفة عدد المبعوثين. نحن نريد أن نعرف إلي أين وصل العالم وننقل الخبرة لمصر. ولو نقدر مضاعفة العدد 01 مرات. نحن المستفيدون علميا وثقافيا. فحجم الوعي سيزداد. نحن أصحاب مصلحة في ارسال النخباء من الشباب المتميز للدراسة بالأخص في العلوم التطبيقية.
وكنت أفضل أن الإعلام ينظم مسابقات. تحضرها شخصيات من النخب. لاختيار أفضل عالم. أو أكثر فلاح انتاجية. أو عامل مبتكر. أو طالب نابه. مثلما ينظم مسابقات أفضل الأصوات الغنائية. أليس هذا أفضل من مسابقة أفضل راقصة؟
* علي ذكر صندوق “تحيا مصر”.. كان الهدف أن تصل حصيلته إلي 100 مليار جنيه. لكنها لم تتعد 5 إلي 6 مليارات جنيه.
** السيسي: نعم هذا صحيح.
* أليس هناك تقصير من الميسورين ورجال الأعمال؟
** السيسي: مش حاخد من جيب حد غصب عنه. ولا بسيف الحياء. القيم الدينية تمنعني من هذا. وهذه استراتيجية ثابتة. نحن سننشط الصندوق في الفترة المقبلة. والإعلام له دور كبير في هذا. ونحن خصصنا مبالغ من الصندوق لإنشاء قري لذوي الإعاقة تضم أندية ودور ضيافة. وضاعفنا ميزانية البحث العلمي من مخصصات الصندوق.
* ماذا تقول لرجال الأعمال؟
** السيسي: أقول لهم اعملوا.. واستثمروا.. بلدكم في حاجة إليكم.
* هل تفكر في إنشاء آليات أو مجالس جديدة بمؤسسة الرئاسة؟
** السيسي: المجالس التي أنشئت وآخرها المجلس الجديد للتنمية الاقتصادية هي جزء من هذا الكيان. نحن نريد أن نصل ما انقطع في المؤسسة خلال السنوات الأربع الماضية ونعيد بناءها. دون أن تكون فيها أخطاء. لكني أخشي أن كثرة الآليات تعرقل العمل. فمجلس الوزراء به مجموعات عمل وزارية متخصصة. ولا أريد تعارضا. ولابد أن تعلموا أن المشوار طويل. ونحن نعمل بكل جهد. وما نشعر به الآن هو من أعراض السنين الماضية. ولسة حنعاني منها. لكنها الآن ليست أعراض مرض. إنما أعراض استشفاء.
* هل أنت راض عن أداء الحكومة؟
** في ظل الظروف الراهنة.. الأداء جيد. لكننا نحتاج أكثر من كدة بكثير. نحتاج إلي طاقة عمل مبدعة مخلصة.
* هل تشعر بالرضا عن أداء جميع الوزراء بلا استثناء؟
** السيسي: لا.. ليس كلهم.
* نعرف أنك تعطي مهلة ثم أخري. ولقد قلتها مرتين أن المسئول الذي لا يقدر علي العطاء والأداء بالإيقاع المطلوب عليه أن يترك منصبه. هل ستقولها مرة ثالثة.
** السيسي: الثالثة تابتة.
* هل يمكن أن يتم تعديل وزاري قبل اجراء الانتخابات؟
** السيسي: ما تتطلبه المصلحة العامة.. سيتم.
* حركة المحافظين تأجلت أكثر من مرة.. هل يمكن أن تتأجل إلي ما بعد الانتخابات؟
** السيسي: لازم تتم في يناير إن شاء الله. وستكون واسعة.
* هل مازالت المطالب الفئوية تمثل مشكلة؟
** السيسي: الشعب المصري واع. ويدرك الأحوال وحجم التحديات والجهد الذي نبذله. لذا لا يطالب بمطالب فئوية ولا يتعاطف معها.
* كيف تقيم الوضع الأمني. خاصة في سيناء؟
** عملية سيناء الكبري تتم بعيدا عن الأنظار منذ 25 يوما. هناك أسلوب جديد وشامل في التعامل مع الإرهاب. اجراءات تأمين الحدود تمضي قدما. تم اخلاء 500 متر في رفح. ثم 500 متر أخري علي خط الحدود مع قطاع غزة.
العمل اليومي يتم بصورة شاملة في سيناء وكذلك في حدودنا الغربية مع ليبيا. والعمل بالكامل يتم داخل الحدود المصرية. أيضا عملية تأمين حدودنا البحرية تمضي قدما.
* نلمس حماسك وأنت تتحدث عن القوات المسلحة؟
** السيسي: لي الشرف أن انتمي لهذه المؤسسة التي حمت مصر مرتين. والآن تحميها للمرة الثالثة في معركة التنمية. الجيش المصري أسطورة فهو الذي شال البلد. وأعادها إلي خريطة العالم.
* كيف ينتقل انضباط وسرعة ايقاع القوات المسلحة إلي الأجهزة المدنية؟
** السيسي: الأجهزة المدنية لم تأخذ بعد مكانها الطبيعي. ويمكن أن تكون بنفس الروح والهمة. لو أن المسئول حتي علي المستوي الصغير نزل من الصباح الباكر ليتابع رجاله في عملهم ويشجعهم ويحفزهم.
* نأتي إلي المشروعات الكبري.. عندما تتأمل خريطة مصر.. وتجد القناة الجديدة. ومحور تنمية القناة. ومشروع الطرق الضخم. ومشروع استصلاح مليون فدان. والمثلث الذهبي. والعاصمة الجديدة. والمدينة المليونية في العلمين.. كيف تشعر. وحتي نري ثمار هذه المشروعات؟
** السيسي: سنري آثار ما نتكلم عنه بعد سنتين. وسيشعر كل مواطن العامل والفلاح والإنسان البسيط وغيرهم بثمارها.
كيف أقف بجانب الفلاح؟.. أقف معه بعلم.أريد أن تكون منتجاته مصنفة عالميا ليزداد عائده من الأرز والقمح مثلاً. علي سبيل المثال لدينا 262 شونة. والشونة هي أرض خلاء توضع بها الغلال. وتكون معرضة للقوارض والطيور والحشرات والتخريب. بدأنا بتحديث 100 شونة منها. وسنسلم 62 شونة في إبريل. تقوم بتطويرها شركات مدنية تحت إشراف القوات المسلحة. وهناك 25 صومعة غلال سيتم تطويرها بعد سنة. وطاقة الشونة تصل حتي 10 آلاف طن. بينما الصومعة 60 ألف طن.
* هناك عمل كبير يتم. غير المشروعات القومية الكبري؟
** السيسي: عندنا تحدي الكهرباء لمنع انقطاع التيار في الصيف المقبل. ولقد تعاقدنا فعلاً علي محطات سابقة التجهيز سيتم تحميلها وتركيبها في مصر. هذه المحطات تتكلف 2.65 مليار دولار. ووقود تشغيلها يتكلف 3 مليارات دولار سنوياً. أي المجموع يعادل 40 مليار جنيه.
هذا غير مشروعنا الطموح الذي بحثناه مع الجانب الصيني لإضافة 18 ألف ميجاوات طاقة كهربائية. ليس فقط لتغطية العجز. وإنما للوفاء باحتياجات المشروعات التنموية في المرحلة القادمة.. هل تعلمون كم تتكلف هذه المحطات؟
* كم تتكلف؟
** السيسي: مابين 30 إلي 35 مليار دولار. ونحن نبحث مع الصين تمويلها مع فترة سماح تصل إلي 7 سنوات والسداد علي مدة تصل إلي 30 عاما.
* نعود للجهد الذي يتم بخلاف المشروعات الكبري.
** السيسي: نقيم 28 كوبريا علي مزلقانات القطارات وستنتهي خلال 6 شهور.. سنسلم قريباً ما يقرب من ألف تاكسي مجهزة بالعدادات والغاز. كمرحلة أولي في القاهرة والمدن الكبري. مقابل سحب السيارات القديمة مع هامش نقدي بسيط. أيضا سنسلم الشباب 500 سيارة نقل ثلاجة حمولة 7 أطنان خلال 45 يوماً. تستخدم لنقل اللحوم والخضر والفاكهة. وأيضا كمنافذ موازية متنقلة توزع اللحوم والخضراوات بأسعار مناسبة. أيضا سنوزع 3 آلاف فدان من أراضي مزرعة الأمل بالإسماعيلية.
* ما موقف تدشين المشروعات الكبري؟
** السيسي: مشروع استصلاح المليون فدان سيتم إطلاقه خلال الربع الأول من العام الجديد. وكان لابد لي أن أتأكد قبل إطلاق المشروع من وجود معدات حفر آبار يبلغ عددها من 4 آلاف إلي 6 آلاف بئر. لأن معداتنا لا تكفي سوي لحفر ألف بئر. وتعاقدنا لشراء هذه المعدات من أمريكا والصين. وقلنا لشركات القطاع الخاص ان تشتري ولا تخشي شيئا. ووزارة البترول تدبر معدات وكذلك القوات المسلحة.
العاصمة الجديدة ستقام بين طريقي السويس والعين السخنة. وسنطرح مسابقة خلال أسبوع لتصميمها.
وبالنسبة للعلمين.. نحن نعمل في التصميمات وهي مرتبطة بمشروع المليون فدان. لان منها 200 ألف فدان في الساحل الشمالي الغربي.
سنقوم بتدشين مدينتي الإسماعيلية الجديدة ورفح الجديدة ومشروع الاستزراع السمكي في مطلع العام الجديد. وسيتم افتتاح المدينتين مع افتتاح القناة الجديدة في أغسطس المقبل.
وبالنسبة لمحور تنمية قناة السويس. فالشركة تعمل في وضع التصميمات والمخطط العام. وسيتواكب معه رفع كفاءة موانينا ومطاراتنا. وسنقيم 7 أنفاق تحت القناة. 3 في بورسعيد منها نفق للسكك الحديدية. و3 في الإسماعيلية منها نفق للسكك الحديدية. ونفق للسيارات في السويس بجانب نفق الشهيد أحمد حمدي.. وسوف تصل 4 ماكينات في شهر سبتمبر القادم. لتنتهي بعدها بسنة.
أما المزارع السمكية. فسنقيم 250 مزرعة بالتعاون مع الصين في كفرالشيخ وسيناء وستتم خلال سنة.
مشروع الطرق بأطوال 3200 كيلو متر ومنها الطريق الدائري الاقليمي سينتهي في اغسطس المقبل. الحركة ستختلف وشكل مصر سيعاد رسمه.
مشروع قناة السويس كان يتطلب 5 سنوات وطلبت أن ينفذ في عام. واثناء وجودي في الصين. كنت أتصل يوميا بالفريق مهاب مميش واللواء كامل الوزير لاطمئن علي سير العمل وكفاءة التنفيذ.
وبإذن الله ستجدون معي في أغسطس القادم واقعا مختلفا. وسنجد مشروع حفر القناة. قد أصبح قناة جديدة مفتوحة للملاحة.
* عمل شاق وكبير يتم بالتوازي.. بالمناسبة كم يتكلف مشروع استصلاح المليون فدان؟
** سيتكلف 280 مليار جنيه. لانه ليس مجرد استصلاح أرض وحفر آبار. وانما مساكن ومدارس ومستشفيات وخدمات في كيانات ومجتمعات عمرانية تضم أيضا مصانع للمنتجات الزراعية.

المصدر: الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى