اعداد محاسب

عمليات غسيل الأموال والمسئوولية الإجتماعية للبنوك

عبر تعريف القانون المصري رقم 2002/80 الصادر في شأن مكافحة غسل الأموال في مادته الأولى والثانية عن مفهوم غسل الأموال أصدق تعبير

خاصة أنه أستفاد من التعريف الوارد في إتفاقية 1988، وإتفاقية بالريمو 2000، وإن كان النظام الصادر في شأن مكافحة غسل الأموال بالمملكة العربية السعودية الصادر 2003، لم يأخذ بحصر الجرائم التي تدر مالاً كما فعل المشروع المصري في مادته الثانية من قانون مكافحة غسل الأموال ولكنه نهج نهجاً أكثر فائدة من الناحية العملية وجرم غسل الأموال المتحصلة من الجرائم التي تدر مالاً وذلك لمواجهة الجرائم التي قد تظهر في المستقبل، وجاء التعريف في المادة الأولى من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي بأن غسل الأموال هو “إرتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حيقية أموال مكتسبة خلافاً للشرع والنظام وجعلها تبدو وكأنها مشروعة المصدر .

وعرف القانون المصري في مادته الأولى غسل الأموال بأنه ” كل سلوك ينطوي على إكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو إستبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو إستثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون مع العلم بذلك متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون إكتشاف ذلك وعرقلة التوصل إلى شخص من إرتكب الجريمة المتحصل منها على المال ، والجرائم التي حظرت المادة الثانية غسل الأموال المتحصلة منها هي جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والإتجار فيها، وجرائم إختطاف وسائل النقل وإحتجاز الأشخاص، والجرائم التي يكون الإرهاب – بالتريف الوارد في المادة 86 – أو تمويله من بين أغراضها أو من وسائل تنفيذها، وجرائم إستيراد الأسلحة والذخائر والمفرقعات والإتجار فيها وصنعها بغير ترخيص والجرائم المنصوص عليها في الأبواب الثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وجرائم سرقة الأموال وإغتصابها وجرائم الفجور والدعارة والجرائم الواقعة على الأثار، والجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة، والجرائم المنظمة التي يشار إليها في الإتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفاً فيها. وذلك كله سواء وقعت جريمة غسل الأموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو الخارج بشرط أن يكون معاقباً عليها من كلا القانونين المصري والأجنبي .

ويرى الباحث أن “غسل الأموال هو عملية من شأنها إخفاء أو تمويه المصدر غير غير المشروع الذي إكتسبت منه الأموال وكذا إستخدام الأموال أيا كان مصدرها مشروعاً أو غير مشروع في تمويل العمليات الإرهابية”، وهو تعريف يساير الإتجاه الغالب في الفقه، كما يتفق مع أحكام الإتفاقيات الدولية ذات الصلة وأحكام التشريعات الوطنية .

ولذلك ترتكز عملية مكافحة غسل الأموال على المنطلقات الآتية:

أ‌- من وجهة الدينية أو الأخلاقية أو الأدبية أو القانونية لا ينبغي لأي مجمتمع أو حكومة أن تستمد إيراداتها من أنشطة إجرامية كالإتجار غير المشروع بالعقاقير المخدرة أو الاسلحة أو الإبتزاز ويجب على الدول جميعاً إصدار القوانين التي تمكنها ليس فقط من مصادره جكيع الأموال المتحصلة من الأنشطة الإجرامية ومعاقبة مرتكبيها فحسب بل كذلك معاقبة الذين ييسرون بطريقة أو بأخرى إيداعاً أو إخفاء أو تداولاً أو تمويلاً للأموال المستمدة من هذه الأنشطة.
ب‌- الإرتباط واضح بين سرية عمل “البنوك” ونشاط غسل الأموال، ففي إطار السرية يتحول البنك إلى إدارة لتأمين مرفق يستخدم في غسل الأموال، الأمر الذي يعرض جهود أجهزة مكافحة الغسل للإجهاد بمجرد أن تتمكن بعض المنظمات الإجرامية من إيجاد بنك أو مؤسسة مالية على إستعداد للتواطؤ معها.
ج‌- الاقتصاد المتوازي “الاقتصاد الخفي – الاقتصاد التحتي” أسماء متعددة للقوة الاقتصادية للأموال المتحصلة من الجرائم وناتج المعاملات المالية والتجارية والاقتصادية التي تتم دون علم السلطات الوطنية، وهذا الاقتصاد الخفي يؤثر في اقتصاديات الدول فرادي كما يؤثر في اقتصادياتالمجتمع الدولي ككل.
د‌- اقتصاديات مال الجريمة ليست قضية محلية فقط بل هي قضية عالمية لأن هذه الأموال تتحرك عبر الدول سعياً وراء التمويه والإستثمار الجيد بعيداً عن إحتمالات الضبط والمصادرة مستفيدة من الثغرات في التشريعات الموضوعية والإجراءات واللوائح المنفذة لها، ومن ثم فإن الإدارة الجماعية للدول ضرورية لمحاربة غسل الأموال.
هـ – التعاون الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال أمر حتمي وضروري لجميع الدول غنية كانت أو فقيرة كبيرة أو صغيرة مجهزة كانت أو غير مجهزة بآليات متطورة حيث تمثل الأموال قوة ضغط هائلة في يد المنظمات الإجرامية ولها تأثير بالغ في بعض السياسيين وضعاف النفوس من العاملين في ميادين العدالة والإعلام والبنوك.

كما أن هناك العديد من الطرق لغسل الأموال نذكر منها بعض الطرق والوسائل التي تستخدم التكنولوجيا المتقدمة كما يلي :

أ – الإتجاه المتنامي لدى غاسلي الأموال هو التحرك بعيداً عن البنوك نحو قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية مثال سوق صرف العملات وسوق الحوالات المالية، بالإضافة إلى الإتجاه نحو القطاعات غير الرسمية المالية مثل تجارة البضائع الثمينة، ويساعد غاسلي الأموالنمو التجارة الإلكترونية التي تعود جذورها إلى السبعينات حين بدأت بعض الشركات الأمريكية الكبيرة بإقامة شبكات خاصة تربطها بعملائها لتسهيل الإتصال بهذه الأطراف وإختزال العمليات الورقية والإحتكاك البشري بينها، ثم إنتقلت هذه العمليات إلى الشبكة العملاقة “الإنترنت”، والتجارة الإلكترونية منتشرة في العالم الغربي وبدرجة أقل بكثير في العالم الغربي وبدرجة أقل بكثير في العالم العربي، ويتم التعامل في التجارة الإلكترونية ببطاقات الإئتمان والبطاقات الذكية وبالشبكات الإلكترونية، ويثير التوسع في التجارة الإلكترونية والتطوير في بنيتها التحتية قلقاً شديداً نظراً للترابط بين التوسع والزيادة في الجرائم الاقتصادية ذات الصلة بالحاسبات منها غسل الأموال والتلاعب بالأسواق المالية والإحتيال.
ب – لايوجد حالياً ما يمنع أي شخص من إستخدام الإنترنت لإنشاء بنك إفتراضي أو متجر إفتراضي لصرافة العملاء أو شركات زائفة في لبدان تغض الطرف عن عمليات غسل الأموال ويتم التعامل في هذه المنشأت الإفتراضية بالنقود الإلكترونية، وهي نقود سهلة النقل من مكان إلى آخر بمجرد الضغط على زر الكمبيوتر.
ج- إستخدام نوادي القمار الإفتراضية في عمليات غسل الأموال وهذه النوادي عبارة عن مواقع على الويب يتم تصميمها على طراز كازينو لاس فيجاس وتوفر كل أنواع القمار والعابه وهذه النوادي يديرها أشخاص من منازلهم أو مكاتبهم الصغيرة.
د- إزدياد المنافسة في تقديم الخدمات المالية وبخاصة في السنوات الأخيرة أدت إلى محاولة بعض البنوك التحايل على تطبيق الإجراءات اللازمة للكشف عن عمليات غسل الأموال ومن ثم مساعدة مجرمي المخدرات والسلاح في غسل أموالهم في شتى أنحاء العالم عن طريق التمويل المصرفي الإلكتروني الذي يتيح نقل الماتل آلياً بسرعة وسهولة وفي إطار من السرية فضلاً عن إيجاد أسواق عالمية للأوراق المالية والسندات والعقود الآجلة للسلع على شبكات الإنترنت وإستغلالها في عمليات غسل الأموال.
أ‌- إستخدام تقنية موندكس في غسل الأموال وهي تقنية تسمح للمستخدمين بتحويل الأموال عبر جهاز مودم أو عبر إنترنت مع ضمان تشفير وأمن العملية وعموماً فإن غاسلي الأموال خبثاء وبارعون ومتطلعون بإستمرار إلى إبتكار طرق جديدة لخداع أجهزة المكافحة، وعلى العاملين في ميدان مكافحة غسل الأموال أن يتفوقوا عليهم ويكتشفوا حيلهم، وإلا فإن الإحتمال قائم لكي تتم عمليات غسل الأموال بسرعة أكبر وربما دون أن تترك أثاراً تساعد في الإمساك بمرتكبيها.
ب‌- في إطار قانون باتريوت الأمريكي تسعى وزارة المالية لتطبيق نظام جديد يهدف إلى إنشاء شبكة إتصالات تربط بين سلطات تطبيق القانون الفيدرالية والمؤسسات المالية وشبكة وزارة المالية لتطبيق القانون على الجرائم المالية للمشاركة في المعلومات المتعلقة بحسابات ومعاملات قد تتضمن عمليات إرهابية أو غسل أموال، وتوفر هذه الشبكة لسلطات تطبيق القانون القدرة على تحديد مواقع القائمين بغسل الأموال والمعاملات التي يجرونها، وتقوم هذه الشبكة بدور رئيسي في توزيع المعلومات إليكترونياً على المؤسسات المالية، وعندما تتطابق المعلومات يمكن لوكالات تنفيذ القانون أن تتابع الأمر مع المؤسسات المالية مباشرة.

ولقد أوجبت الإلتزامات الدولية والقيم الأخلاقية التي تحرص مصر على الوفاء والتمسك بها تحقيق التوافق والتعاون مع الإتجاهات الرامية إلى ضرورة وجود تشريع خاص بمكافحة ظاهرة غسل الأموال وذلك بعد أن أصبحت تمثل ظاهرة عالمية تساعد المنظمات الإجرامية الدولية على إختراق وإفساد الهياكل الاقتصادية والمؤسسات التجارية والمالية المشروعة وتمويل الأنشطة الإرهابية على مستوى العالم، وتحقيقاً لما سلف صدر قانون مكافحة غسل الأموال بالقانون رقم 80 لسنة 2002م، والذي تولت إعداده لجنة رفيعة المستوى صدر بتشكيلها قرار من وزير العدل رقم 3449 لسنة 2001م.

ومن أهم أحكام التشريع المصري لمكافحة غسل الأموال تعريفة لكل من الأموال وغسل الأموال والمؤسسات المالية والمتحصلات والوحدة والوزير المختص وسيتم عرض ما تقدم في عجالة سريعة كما يلي:

أ‌- الأموال: وقد إتسع تعريفها ليشمل العملة الوطنية والعملات الأجنبية والأوراق المالية والتجارية وكل ذي قيمة من عقار أو منقول مادي أو معنوي وجميع الحقوق المتعلقة بشيء من ذلك وكذا الصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم، ومن ثم يستوعب هذا التعريف كل صور المال المحظور غسله حتى يمتد نطاق المكافحة المعنية إلى كل مال أيا كانت صورته.

ب‌- غسل الأموال: إعتنق القانون تاثيم كل سلوك ينطوي على غسل الأموال معدداً في الفقرة (ب) من المادة الأولى كل صور هذا السلوك، متى أرتكبت أيها بقصد إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون إكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من إرتكب الجريمة المتحصل منها المال، وقد عمد القانون إلى مايلي:

– إستخدام تعبير سلوك ليستوعب جميع الأنشطة التي يراد تأثيمها إيجابية كانت أم سلبية وهي المتمثلة في الفعل والإمتناع.
– النص على ضرورة توفر الركن المعنوي في صورته العمدية المتمثلة في إتجاه القصد إلى إخفاء المال أو تمويه طبيعته.

ج-المؤسسات المالية: وقد حدد القانون المؤسسات المالية التي تسري عليها أحكامه وذلك على نحو يستوعب المؤسسات المالية بطبيعتها وأهمها البنوك العاملة في مصر وفروعها بالخارج وفروع البنوك الأجنبية العاملة في مصر والجهات والشركات الأخرى التي لا تعتبر في الأصل مؤسسات مالية لكنها تباشر أنشطة شبيهة يمكن أن تستغل في غسل الأموال ومنها شركات الصرافة والجهات الأخرى المرخص لها التعامل في النقد الأجنبي والجهات التي تباشر نشاط تحويل الأموال والجهات العاملة في مجال الأوراق المالية وتلك العاملة في مجال تلقي الأموال وصندوق توفير البريد والجهات التي تمارس نشاط التمويل العقاري والجهات التي تمارس أي نوع من أنشطة التأمين، وصناديق التأمين الخاصة وأعمال السمسرة في مجال التأمين وأمتد الأمر أيضاً إلى المؤسسات غير المصرفية مثل مكاتب الصرافة.

د-المتحصلات: وقد عرفها القانون بأنها الأموال الناتجة أو العائدة بطريق مباشر أو غير مباشر من إرتكاب أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية.

هـ-الوحدة: والمقصود بها وحدة مكافحة غسل الأموال التي أنشاها القانون.

و-الوزير المختص: وهو رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه من الوزراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى