تنمية بشرية

كيف تحقق ما تريده فعلاً؟

هل سألت نفسك يوماً ما ماذا تريد على وجه التحديد؟ هل تريد لنفسك زواجاً ناجحاً، أم تريد لأطفالك أن يحترموك؟ هل تريد أن تربح الكثير من المال، أم تريد امتلاك سيارات سريعة، أم عملاً يدّر عليك مالاً كثيراً، أم بيتاً فوق تلة مرتفعة؟ هل تريد أن تزور مناطق غريبة الطراز، أم أن ترى معالم تاريخية شهيرة؟ هل تريد أن تقوم بأعمال تطوعية لإنقاذ العالم، أو أن تقوم بدور نشط في الحفاظ على البيئة؟ مهما كان ما ترغب فيه أو تطمح إليه فإن عليك أن تسأل نفسك:

” لماذا أريد هذه الأمور؟ ” لماذا تريد حياة عائلية جيدة، هل لأنك تشعر بأن ذلك سيجلب لك مشاعر الحب والمودة والدفء والتواصل؟ هل تريد إنقاذ العالم طمعاً في المشاعر الناجمة عن القيام بعمل جليل ومستمر؟ باختصار، أليس صحيحاً أن ما تريده في الحقيقة هو تبدّل الطريقة التي تشعر بها؟ إن ما تريده في الواقع هو أن تحقق تلك الأمور أو النتائج لأنك تراها وسيلة للتوصل لمشاعر وعواطف ووضعيات معينة ترغب فيها.
حين تقبّل طفلك فما الذي يمتعك في هذه اللحظة؟ هل مجرد ملامسة شفتيك لبشرته هي التي تثير فيك ذلك الشعور؟ لا بالطبع، وإلا فإنك ستتوصل لنفس الشعور حين تقبل قطة!.
فكل عواطفنا ما هي إلا عواصف كيميائية بيولوجية متوضعة في أدمغتنا، يمكننا أن نشغلّها في أي لحظة. غير أن علينا أولاً أن نتعلّم كيف نتحكّم فيها بطريقة واعية بدلاً من أن نعيش في حالة ردود فعل. ومعظم استجاباتنا العاطفية هي استجابات نتعلمها من المحيط. إذ نقوم بتقليد بعضها متعمدين ونتعثر ببعضها الآخر دون علمنا.
إن معرفتنا بهذه العوامل هي ببساطة أساس فهمنا لقوة ما نسميه ب ” الوضعية “. ولاشك فإن كل ما نفعله إنما نفعله لنتجنب الألم ولنحصل على المتعة. غير أن بإمكاننا أن نغيّر في الحال ما نعتقد أنه يؤدي إلى الألم أو المتعة بإعادة توجيه تركيزنا وبتغيير وضعيتنا الذهنية والعاطفية والبدنية. إذا عرفت أسرار دخول وضعية أكثر دهاء وأوسع حيلة فسيمكنك أن تصنع الأعاجيب. فالوضعية التي تكون فيها لحظة معينة تقرر إدراكك الحسي للواقع، وبالتالي قراراتك وسلوكك. وبعبارة أخرى، فإن سلوكك ليس نتيجة لقدراتك بل نتيجة الوضعية التي أنت عليها في هذه اللحظة بالذات. ولذا، ولكي تغيّر قدراتك عليك أن تغيّر وضعيتك. ولكي تنفتح لكل الموارد التي ترقد في داخلك عليك أن تضع نفسك في وضعية تتسم بالبراعة والتوقع النشط، وبعد ذلك ستتوقع المعجزات !
كيف يمكن أن نغيّر وضعيتنا العاطفية؟ فكّر في وضعياتك وكأنك تشغّل ما يشبه جهاز التلفزيون. إذ إنك لكي تحصل على ” لون شفّاف ولامع، وصوت لا يصدق” عليك أولاً أن تربطه بالكهرباء وتشغله. وتحويل قواك الفيزيولوجية يماثل وصل جهاز التلفزيون بالكهرباء، وإلاّ فإنك لن ترى صورة، ولن تسمع صوتاً، ولن تكون أمامك إلا شاشة سوداء فارغة. إنك ولا شك تشبه هذا الجهاز، فإن لم تشغّل نفسك باستخدام جسمك كله، أي فيزيولوجيا جسمك، فلن تستطيع حتى كتابة كلمة سهلة بدون خطأ إملائي مثلاً. هل استيقظت يوماً ما وأخذت تتخبط دون أن تعرف كيف يمكنك أن تفكر بوضوح. أو تقوم بأداء مهماتك إلى أن تتحرك بعض الشيء ويتدفق الدم في جسمك؟ وما أن تنجلي الحالة السكونية فسيبدأ جسمك في أخذ الحرارة اللازمة له، وعندها تأخذ الأفكار تتدفق فيه. فإن كنت في الوضعية الخطأ فلن تتلقى أية رسائل حتى لو كنت تملك الأفكار الصحيحة.
ما أن يتم التوصيل الكهربائي فمن الواجب بالطبع أن تثبت جسمك على القناة المطلوبة لكي تحصل على ما تريده فعلاً. عليك أن تركّز ذهنياً على ما يمنحك القوة ومهما كانت قلة تركيزك مهما كانت القناة التي تثبت عليها فإن شعورك سيكون أكثر قوة.. فإن لم يعجبك ما تفعله فإن الوقت قد حان لتغيير القناة.
هناك أحاسيس لا محدودة، وسبل لا محدودة للنظر في أي أمر من الأمور. وكل الأحاسيس التي تريدها موجودة لديك طيلة الوقت، وكل ما عليك أن تفعله هو أن تثبت نفسك على القناة الصحيحة. وتجدر الإشارة إلى أن هنالك طريقتين مبدئيتين لتغيير عواطفك بعد ذلك: أما بتغيير الطريقة التي تستخدم بها جسمك وإما بتغيير نقطة تركيزك.
فيزيولوجية الجسم- قوة الحركة:

إحدى أقوى النقاط المتميزة التي حققتها في السنوات العشر الأخيرة هي ما اكتشفته من أن العاطفة تنتجها الحركة. فكل ما نشعر به هو نتيجة للطريقة التي نستخدم بها أجسامنا، حتى أكثر التغييرات دقة في تعابير وجوهنا أو في ملامحنا إنما تبدل الطريقة التي نشعر بها في أي لحظة من اللحظات، وبالتالي الطريقة التي نقيّم بها حياتنا. باختصار، طريقة تفكيرنا وطريقة فعلنا.
كل عاطفة تشعر بها إنما ترتبط بفيزيولوجية محددة: بوضعية جسمك، وفي نمط تنفسك، أو أنماط حركتك وتعبيرات وجهك. لدى كل منا ما يزيد على ثمانين عضلة في الوجه، وإذا اعتادت هذه العضلات على التعبير عن الاكتئاب، أو الملل، أو الإحباط فإن هذه الأنماط العضلية التي تعودت على ذلك النمط المعين تبدأ في إملاء وضعياتنا علينا، كما تؤثر ولا شك على شخصيتنا الجديدة. وهناك عواطف عدة يمكن أن يشعر بها الفرد في أسبوع مثل التوتر، الإحباط، الغضب، عدم الأمان، الوحدة، الملل، التعاسة، السعادة، الشعور بالراحة والفرح، الحب، الإثارة، والغبطة.
يمكنك أن تجرّب أياً من هذه العواطف بتبديل الطريقة التي تستخدم فيها جسمك يمكنك أن تشعر بأنك قوي، يمكنك أن تبتسم، وأن تبّدل كل ما تحسّ به في غضون دقيقة واحدة بأن تضحك. ولابد أنك سمعت يوماً القول السائر: ” ستتذكر هذا وتضحك منه يوماً ما ! ” فإذا كان هذا صحيحاً فلماذا لا تنظر إلى الوراء الآن وتضحك؟ لماذا تنتظر؟ أيقظ جسمك، وتعلّم أن تضعه في مواضع ممتعة باستمرار مهما كانت الظروف. كيف؟ اخلق الطاقة اللازمة لذلك بالطريقة التي تفكر فيها بشيء ما مرة بعد مرة، وستغيّر الأحاسيس التي تربطها بهذه المناسبة في المستقبل.
إذا استخدمت جسمك بسبل ضعيفة، إن خفضت كتفيك باستمرار، وإن مشيت دائماً وأنت متعب، فستشعر بالتعب دائماً. كيف يمكنك أن تتجنّب ذلك؟ إن جسمك هو الذي يقود عواطفك، فالحالة العاطفية التي تسيطر عليك تبدأ في التأثير على جسمك وتصبح بمثابة أنشوطة لا نهاية لها. لاحظ كيف تجلس الآن وأنت تقرأ هذا المقال. استقمْ في جلستك في هذه اللحظة وأبعث المزيد من الطاقة في جسمك دون أن تكتفي بالقراءة فحسب بل حاول أن تتقن هذه المبادئ أيضاً، ما هي الأشياء التي يمكنك القيام بها على الفور لتبديل وضعيتك، وتبعاً لذلك لتبديل مشاعرك وأدائك لمهام حياتك. خذ أنفاساً عميقة عبر أنفك ثم أزفر عبر فمك. ارسم ابتسامة كبيرة على وجهك، وواجه بها أبناءك. وإذا كنت تريد حقاً أن تغير حياتك، فالتزم بأن تقضي دقيقة واحدة خمس مرات في اليوم وأنت ترسم ابتسامة تمتد من الأذن إلى الأذن وتنظر في المرآة. قد يبدو هذا الأمر سخيفاً. ولكن تذكّر، أنك بهذه الحركة البدنية إنما تطلق زناد ذلك الجزء من دماغك وتخلق مساراً عصبياً للسرور والمتعة التي تصبح بمثابة عادة لديك. لذا عليك أن تفعل ذلك وتجعل منه أمراً فيه تسلية لك. وقد يكون من الأفضل لك أن تذهب في جولة قفز بدلاً من الهرولة، إذ إن القفز هو أسلوب مؤثر لتغيير وضعيتك لأنه يحقق أربعة أشياء:
1) إنه رياضة ممتازة 2) لا يحدث الكثير من الضغط على جسمك مثل الركض. 3) لن يمكنك من الاحتفاظ بوجه متجهم. 4) ستدخل السرور على من يمرون بك. لذا فإنك بذلك تبدّل مزاجك ومزاج الآخرين أيضاً. ما أقوى نغمة الضحك. لي صديقة تضحك بكل سهولة بحيث أن ضحكتها تصبح معدية لدرجة أن كل من يسمعها يأخذ في الضحك أيضاً. فإذا كنت تريد تحسين نوعية حياتك فعليك أن تتعلم أن تضحك. وإلى جانب ابتساماتك الخمس في كل يوم والتي ذكرناها من قبل حاول أن تضحك بدون سبب ثلاث مرات في اليوم.
لماذا لا تحاول أن تجد شخصاً يضحك وتقلده؟ حاول أن تقضي وقتاً ممتعاً. قل له:
” هل يمكنك أن تقدّم لي خدمة؟ ضحكتك رائعة، وأود أن أضحك مثلك. هل يمكنك أن تعلمني ذلك؟. لا شك أنكما ستنفجران في الضحك. تنفّس بنفس الطريقة التي يتنفس بها، اتخذ نفس الوضعية التي يتخذها وقلّد حركات جسمه، واستخدم تعابير وجهه ذاتها وأطلق نفس الأصوات. ستشعر بأنك تافه في البداية ولكنك ستتقبل الأمر فيما بعد، وتضحكان معاً ضحكاً هستيرياً لأنكما تبدوان كلاكما سخيفين. ولكنك ستضع بذلك أسس الشبكة العصبية التي تخلق الضحك على نحو مستمر، وحين تكرر ذلك مرة بعد مرة فإنك ستجد أن من السهل عليك أن تضحك وستقضي أوقاتاً ممتعة دون شك”؟.
يمكن لأي شخص أن يبقى يشعر شعوراً حسناً إن كان يحس حالياً بأنه في وضع حسن، أو إذا كان يتمرغ في النعيم، إذ لا يلزم لمثل هذا الشخص جهد كبير لتحقيق هذا الشعور. غير أن مفتاح الأمور في هذه الحياة هو أن تتمكن من أن تحمل نفسك على أن تشعر شعوراً حسناً إذا كنت لا تحس في الواقع بهذا الشعور، أو حين لا تريد أن تشعر شعوراً حسناً. عليك أن تعرف بأنه يمكنك ذلك على الفور، إذا استخدمت جسمك كأداة لتبديل وضعيتك. إذ إنك ما أن تحدّد السمات الفيزلوجية المرتبطة بوضعية ما فإنك تستطيع أن تستخدم هذه السمات لخلق هذه الوضعيات كلما أردت ذلك.
إن مفتاح النجاح هو أن نخلق أنماطاً من الحركة التي تخلق لدينا الشعور بالثقة والإحساس بالقوة والمرونة وبالقوة الشخصية والمرح. عليك أن تدرك بأن حالة الركود والتعفن إنما تنبع من عدم الحركة. هل يمكنك أن تفكّر في شخص متقدم في السن، ممن لم يعودوا يتحركون كثيراً؟ إن العجز لا يعود إلى أسباب تتعلق بالعمر بل إلى الافتقار للحركة وفقدان الحركة الكلي والنهائي هو الموت. إذاً عليك أن تعيش عيشة مختلفة، أن يكون الربيع في خطواتك، وبسمة على وجهك. لماذا لا تجعل للمرح والغبطة والمزاح أولوية في حياتك؟ احرصْ على أن يكون الشعور الحسن هو القاعدة الأساسية في حياتك. فليس هناك ما يمنعك من ذلك، فأنت على قيد الحياة ويمكن لك أن تشعر شعوراً حسناً دون أن يكون هنالك سبب مباشر لذلك.
قوة التركيز:

ألا تستطيع أن تكتئب في غضون لحظة واحدة إن أردت؟ لا شك أنك تستطيع بمجرد التركيز على شيء ما من ماضيك كان مزعجاً جداً. ولا شك أن لكل منا بعض التجارب الحزينة إلى حد كبير والتي مرت بنا في ماضينا، أليس كذلك؟ إن كنت ركّزت عليها بما فيه الكفاية وتصورتها وفكّرت فيها فستبدأ تشعر بها بسرعة. هل حضرت فيلماً مرعباً في يوم من الأيام؟ هل ستعود لتشاهد هذا الفيلم لمئات المرات؟ لا بالطبع ! لماذا؟ لأنك لن تحس بمشاعر حسنة في هذه الحالة ! فلماذا تعود بانتظام إذاً للأفلام المرعبة الموجودة في رأسك؟
إذا كنت تريد أن تشعر بالنشوة الآن بالذات، فهل تستطيع ذلك؟ أجل، يمكنك ذلك بنفس السهولة. هل تستطيع أن تركّز أو تتذكّر وقتاً كنت فيه تشعر بنشوة مطلقة وكلية؟ هل يمكنك أن تركّز حول الشعور الذي يغمر جسدك حينذاك؟ هل تستطيع أن تتذكّر ذلك بكل تفاصيله الشفافة بحيث ترتبط بتلك المشاعر من جديد؟ لا شك أن بإمكانك أن تفعل ذلك. أو يمكنك أن تركّز على أشياء تشعر بالنشوة إزاءها الآن، على ما تشعر بأنه عظيم في حياتك.
فالتركيز ليس واقعاً حقيقياً، لأنه عبارة عن منظور واحد منفرد. إنه إدراك حسي منفرد فقط للطريقة التي توجد فيها الأشياء في الواقع. فكّر في هذه النظرة  أي قوة تركيزنا وكأنها عدسة كاميرا. فعدسة الكاميرا تبيّن فقط الصورة والزاوية للشيء الذي تركّز عليه، ولذا فإن الصور التي نلتقطها قد تشّوه الواقع، إذ تعطي جزءاً صغيراً من الصورة الكلية.
افترض أنك ذهبت إلى حفلة ومعك كاميرتك، وجلست في إحدى الزوايا وركّزت عدستك على مجموعة من الناس كانوا يتجادلون فيما بينهم. كيف يمكن لهذه الحفلة أن تتمثّل في هذه الحالة؟ هل ستصّور على أنها لم تكن تبعث على السرور بل تثير الشعور بالإحباط بحيث توحي بأن أحداً لم يتمتع بوقع لطيف أثناء الحفلة، بل كان الكل يتعاركون. هنا من المهم لنا أن نتذكّر أن طريقة تمثيلنا للأمور في أذهاننا هي التي ستقرر نوعية شعورنا. ولكن كيف تكون النظرة لهذه الحفلة إذا ركّزنا الكاميرا على مجموعة أخرى من الأشخاص كانوا يضحكون ويقضون وقتاً ممتعاً؟ ستظهر هذه الحفلة دون شك على أنها كانت أحس الحفلات وأن الجميع كانوا يقضون فيها أحلى الأوقات !
هذا هو سبب كل تلك الضجة التي تثار حول كتابات تتناول السيرة الشخصية التي لا تحظى بموافقة أصحابها، إذ إن هذه الكتابات هي عبارة عن مفهوم شخصي واحد بالذات عن حياة شخص آخر. وقد يقدم هذه الصورة أشخاص تدفعهم دوافع الحسد الراسخة إلى تشويه هذه الصورة. والمشكلة هي أن نظرة السيرة الشخصية محدودة بحدود ” زاوية الكاميرا ” التي يستخدمها مؤلف هذه السيرة، وكلنا نعرف أن الكاميرا تشّوه الواقع، وأن الصورة المكبرة قد تظهر الأشياء أكبر حجماً مما هي عليه في الحقيقة. ولدى استخدام الكاميرا من قبل أيدٍ خبيرة فإنه يمكنها أن تقلّل من بعض جوانب الواقع أو تطمسها.

لا يقتصر الأمر على ما تركّز عليه، بل كيف تركّز…
تتشكّل تجربتنا في هذا العالم عن طريق المعلومات التي نتلقاها باستخدام حواسنا الخمس، غير أن كلاً منا يميل لتطوير أسلوب معين في التركيز. فالبعض مثلاً يتأثر بما يرى، إذ إن نظامهم البصري يكون هو السائد. أما بالنسبة لآخرين فإن الصوت هو الذي يطلق أعظم تجارب الحياة لديهم، بينما تكون الأحاسيس هي الأساس بالنسبة لآخرين.
 فإذا كنت تميل للتركيز على النماذج البصرية مثلاً، فإن مقدار المتعة التي تحصل عليها من ذكرى معينة ربما كان يعتمد بشكل مباشر على النماذج الفرعية لحجم، ولون، ومدى وبعد ومقدار الحركة المتجسد في الصورة البصرية التي كونتّها هذه النماذج. أما إذا صورت الموضوع لنفسك بنماذجه الفرعية السمعية فإن ماهية شعورك تعتمد على مدى ارتفاع الصوت وحركته ومقام هذا الصوت ونغمته وما إلى ذلك من العوامل التي ترتبط بذلك. وهناك تعابير شائعة مبنية على:

نماذج فرعية بصرية:
* هذا الأمر يضيء يومي هذا.
* هذا يصنع الأشياء في منظور أفضل.
* هذا في رأس القائمة
* لننظر إلى الصورة الكلية.
* هذه المشكلة تحدق في وجهي باستمرار
نماذج فرعية سمعية:
* المشكلة تصرخ في وجهي.
* أسمع هذا الأمر بكل صخبه ووضوحه.
* هذا يُحدث لي صريراً في أذني.
* لهذا الموضوع نغمة رائعة.
نماذج فرعية حركية:
* الضغط واقع عليَّ / الضغط أزيح عني
* هذا الأمر يثقل كاهلي
* أشعر أنني أحمل كل هذا العبء على ظهري
* هذه المقطوعة الموسيقية ساخنة.
* إنني منغمس تماماً بهذا المشروع
فكّر في تجربة من هذا النوع الآن، تجربة حدثت منذ وقت طويل. تذكّر الصورة التي كانت بها تلك التجربة. استدعها وضعها أمامك. اجعل الصورة كبيرة ومضيئة وملونة، واجعل منها صورة ثلاثية الأبعاد. ادخل إلى جسمك كما كانت حينذاك واشعر بتلك التجربة الآن وكأنك تمارسها كما حدث في ذلك الحين. هل تشعر بنفس الإحساس الذي شعرت به منذ وقت طويل، وهل هي شيء تستمتع به الآن؟ كما ترى فإن تجربتك المتعلقة بالزمن قد تغيّرت بتغيير النماذج الفرعية الخاصة بها.
إذا غيّرت وضعياتك فستتغيّر حياتك:

يمكنك أن تغيّر من وضعيتك الآن بسبل عدة، وكلها بسيطة جداً. فيمكنك مثلاً أن تغيّر وضعيتك البدنية على الفور بمجرد تغيير طريقة تنفسك. كما أن بإمكانك تغيير ترتيب الأشياء التي تركّز عليها أو تغيّر نماذجك الفرعية. فإذا كنت تركّز مثلاً على أسوأ ما يمكنه أن يحدث فإن هنالك سبب يدفعك للاستمرار بذلك. ابدأ من الآن بالتركيز على الأحسن.
إن المفتاح الأساسي في الحياة هو أن تكون لديك سبل عديدة لتوجيه حياتك بحيث يصبح هذا فنّاً تتقنه. والتحدي الذي يواجهه معظم الناس هو أن لديهم سبلاً قليلة لتغيير حياتهم فهم يفرطون في الأكل والشراب، وفي النوم، وفي الاستهلاك، وفي التدخين، وفي تناول العقاقير. وهي كلها أمور لا تمنحنا القوة، ولكل منها نتائج مأساوية وكارثية. والحقيقة هي أن العديد من هذه النتائج هي نتائج متراكمة بحيث أننا لا نلاحظ الخطر إلا قبل فوات الأوان. فإذا أردت أن تتبع حمية غذائية فلن تنجح في ذلك إذا كنت في حالة خوف أو قلق أو إحباط، عليكَ أن تكون في حالة تصميم لكي تنجح. وإذا كنت تريد أن تحسّن من أدائك في العمل فعليك أن تدرك بأن الذكاء هو أحد العوامل في وضعية ما في كثير من الأحيان. كما عليك أن تدرك بأن من واجبك أن تسيّطر سيطرة واعية على طريقة إدارة عقلك. عليكَ أن تفعل ذلك بصورة متعمدة، وإلا فإنك ستكون تحت رحمة ما يحدث حولك، والمهارة الأولى التي يجب عليك أن تتقنها هي أن تكون قادراً على تغيير وضعيتك على الفور مهما كان المحيط الذي يحيط بك، أو مهما كان قدر الفزع أو الإحباط الذي تحس به. المهارة الثانية هي أن عليك أن تكون قادراً على تغيير هذه الحالة باستمرار وفي أي محيط، وقد يكون ذلك في بيئة قد تشعر بعدم الراحة، ولكنك تستطيع أن تغير فيها حالتك مرة بعد مرة وتكّيف نفسك بحيث تشعر شعوراً حسناً حيثما تكون. والمهارة الثالثة هي أن تجذر أسس أنماط العادات التي تمكّنك من استخدام قواك الفيزيولوجية وتركيزك بحيث تستطيع أن تشعر شعوراً حساساً باستمرار دون جهد واع على الإطلاق، وتعريفي للنجاح هو أن تعيش حياتك بأسلوب يمكنّك من الشعور بأن لديك أطناناً من المتعة والقليل من الألم. وبسبب نمط حياتك هذا تجعل الناس حولك يشعرون بمتعة أكبر مما يشعرون بالألم. فالشخص الذي حقق الكثير ولكنه يعيش في حالة ألم عاطفي، أو كان محاطاً بأناس يعانون من الألم طيلة الوقت، هو شخص غير ناجح. والهدف الرابع هو أن تمكّن الآخرين من أن يغيروا وضعيتهم في الحال، وأن يغيروا حياتهم ضمن أي محيط.
هل تعرف كيف تحمل نفسك على أن تشعر شعوراً حسناً؟
 قد يبدو هذا السؤال سخيفاً، أليس كذلك؟ ! ولكن هل لديك حقاً مجموعة من السبل المحددة التي تمنحك القوة بحيث تمكّنك من الشعور بأنك في وضع حسن في غضون لحظة واحدة؟ هل تستطيع أن تحقق ذلك بدون أن تأكل طعاماً أو تتناول عقاقير أو تدّخن السجائر أو أي وسيلة إدمان أخرى؟ لست أشك في أن لديك بعض الوسائل ولكنني أرجو أن توسع هذه الدائرة. علينا الآن أن نحدد بعض الخيارات الإيجابية التي توجد لديك حالاً والتي تجعلك تشعر شعوراً حسناً.
اجلس في هذه اللحظة واكتب قائمة بالأشياء التي تفعلها الآن وتغيّر شعورك. وما دمت تكتب قائمة، لمَ لا تضيف أشياء أخرى لم تجربها من قبل والتي لا تتوقف إلى أن يصبح لديك خمسة عشر سبيلاً على الأقل يمكنها أن تجعلك تشعر بأنك في وضع حسن على الفور، والرقم المثالي هو خمس وعشرون على أقل تقدير. وقد تود أن تعود إلى هذا التمرين مرة بعد مرة إلى أن تتجّمع لديك المئات من السبل.
حين وضعت قائمة لنفسي أدركت بأن عزف الموسيقى هو أحد أقوى السبل التي يمكنني اللجوء إليها لكي أغيّر من وضعيتي بسرعة. والقراءة هي طريقة أخرى تجعلني أشعر بأنني في وضع حسن لأنها تغيّر تركيزي  كما أنني أحب أن أتعلم  خاصة إذا قرأت كتباً فيها إرشادات ومعلومات، وهي أمور أستطيع أن أطبقها في حياتي على الفور. كما أن تبديل حركات جسمي من شأنه أن يمكنني على الفور من كسر وضعية تحد من آلامي، إلى موضع غني مثل ممارسة التمارين الرياضية على الآلات، أو القفز صعوداً أو هبوطاً على جهاز نطاط، أو الركض في منطقة جبلية، أو السباحة.
إليك بعض الأمور الأخرى: سماع أشرطة كاسيت تحوي معلومات مفيدة، أخذ حمام دافئ، تناول العشاء مع أفراد عائلتي بحيث نجلس جميعاً إلى الطاولة ونتبادل الأحاديث حول أهم الأمور بالنسبة لنا، معانقة أطفالك وتقبيلهم، الذهاب مع شريك في نزهة، ابتداع أفكار جديدة، أو مفاهيم جديدة. تحسين أي شيء تفعله حالياً، المزاح مع الأصدقاء، تلميع ذكرياتك بحيث تتذكّر تجربة رائعة جرت معك مؤخراً.
لا تنسى بأن الهدف الرئيسي هنا يكمن في ابتداع قائمة ضخمة من الوسائل التي تجعلك تشعر بأنك في وضع حسن، بحيث لا تحتاج للالتفات للوسائل الأخرى المدمرة. فإذا قرنت الألم، المزيد والمزيد من المتعة بهذه الوسائل الجديدة التي تمنحك القوة ستجد أنه يمكنك الوصول إلى أكثر هذه السبل في معظم الأوقات. اجعل هذه القائمة واقعاً قائماً، واحرص على أن لا تكتفي بالأمل العشوائي بأن المتعة تظهر بطريقة ما. هيئ نفسك للشعور بالنشوة، احجز مكاناً لذلك.
إن ما نتحدث عنه هو تكييّف جهازك العصبي، وجسمك، وتركيزك بحيث يبحث ذهنك باستمرار عن أي شيء يفيدك في حياتك. تذكّر أنك إذا ظللت تندفع لنمط عاطفي يحد من قدراتك فهذا يعود لأنك تستخدم جسمك بالاستناد إلى عادات معينة، أو لأنك تركّز على وسيلة تسلبك القوة.
قوة الأسئلة:

يعتقد معظمنا حين يرى إنساناً يتمتع بقدرات استثنائية أو قوى تتجاوز قدرة البشر في التعامل مع تحديات الحياة بأن هذا الشخص ” يتمتع بحظ لا يوصف وموهبة لا تقاس، ولابد أنه ولد وهو يتمتع بذلك “. ولكن الواقع أن لعقل الإنسان قدرة على التوصل إلى إجابات بسرعة أكبر من ” أذكى” حاسب آلي يوجد على سطح الأرض، حتى لو أخذنا بعين الاعتبار التكنولوجيا متناهية الدقة للحواسب الموجودة حالياً والتي تحسب بسرعة البليون في الثانية. ولكن قدرات العقل في حد ذاتها لا تعني شيئاً، شأنها في ذلك شأن حاسب آلي يحوي قدرات هائلة، دون معرفة كيفية استرجاعها واستخدام كل ما تم تخزينه فيه. فإذا كنت تريد الوصول إلى الملفات التي تحوي معلومات قيمّة والموجودة في الحاسب الآلي فلابد لك من أن تفهم كيف يمكنك استرجاع المعطيات الموجودة فيه بطلب هذه المعطيات عن طريق استخدام الأوامر المناسبة، وهذا شأن الدماغ. فإن ما يمكّنك من الوصول إلى ما تريد من بنك المعلومات الموجودة لديك هو قوة توجيه الأوامر التي تتوفر في طرح الأسئلة. فالفرق بين الناس هو الفرق في الأسئلة التي يطرحونها باستمرار. فالبعض من الناس يعانون من الاكتئاب على نحو منتظم، لماذا؟.. هذا يعود إلى أن جزءاً من المشكلة يعود إلى حالاتهم المحدودة. فهم يمارسون حياتهم بحركات محدودة وحالة بدنية معرقلة. ولكن الأهم من ذلك أنهم يركّزون على أشياء تشعرهم بأنهم مثقلون ومرتبكون، إذ إن نمط تركيزهم وتقييمهم يحد بدرجة خطيرة من خبراتهم العاطفية في الحياة. فهل يستطيع مثل هذا الشخص أن يغيّر من ماهية شعوره في لحظة واحدة؟ أجل، بمجرد تغيير تركيزه الذهني.
فما هي إذاً أسرع طريقة لتبديل التركيز؟ ببساطة، بطرح سؤال جديد. فحين يكون الناس مكتئبين فإن السبب في ذلك غالباً هو أنهم يطرحون على أنفسهم بانتظام أسئلة محبطة تسلبهم القوة مثل: ” ما الفائدة؟ ” لماذا نحاول مجرد محاولة إذا كان الأمر لا يجدي على أي حال؟ ! لماذا أنا بالذات يا إلهي؟ ” تذكّر: اسأل وستتلقى الجواب. فإذا سألت سؤالاً مزعجاً فستتلقى إجابة مزعجة. فكمبيوترك الذهني مستعد دائماً لخدمتك، ومهما كان السؤال الذي توجهه له فإنه سيتوصل بالتأكيد لتقديم إجابة. لذا فإنك إن سألت: ” لماذا لا أنجح قط؟ ” فسيقول لك حتماً ولو كان عليه أن يخترع الجواب ! وقد يكون جوابه: ” لأنك غبي ” أو ” لأنك تستخدم نتيجة أفضل من هذه على أي حال “.
فالأسئلة هي التي تقرر كل ما تفعله في حياتك، من قدراتك إلى علاقاتك إلى دخلك. فالكثيرون مثلاً يخفقون في الالتزام بإنسان / إنسانة لأنهم يطرحون باستمرار أسئلة تخلق الشك: ” ماذا لو وجدت شخصاً أفضل؟ ” ” ماذا لو ألزمت نفسي الآن ثم تبيّن لي أنني أخطأت؟ ” مثل هذه الأسئلة هي أسئلة تسلبك القوة بشكل مريع، إذ إنها تشعل الخوف في العشب وتمنعك من الاستمتاع بما تنعم به في حياتك نفسها. مثل هؤلاء الأشخاص قد يدمرون علاقاتهم في النهاية بطرح مثل هذه الأسئلة المريعة: ” لماذا تتصرف دائماً بهذه الطريقة معي؟ “، ” لماذا لا تقّدرني حق قدري؟ ” ” ماذا لو تركتك في هذه اللحظة، كيف تشعر إذا فعلت ذلك؟ ” فكّر في الأسئلة التي تطرحها عادة على نفسك في ميدان القضايا المالية والأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الميادين المالية إنما يعود ذلك في كثير من الأحيان إلى أنهم يملكون الكثير من المخاوف في حياتهم، وهي المخاوف التي تمنعهم بداية من استثمار أقوالهم أو التحكّم في استثمارها. فهم لا يسألون أنفسهم: ” ما هي الخطة التي أحتاجها لكي أحقق أهدافي المالية النهائية؟ ” فالأسئلة التي تطرحها ستقرر نوع تركيزك، وكيف تفكر، وكيف تشعر، وماذا تفعل. فإذا كنا نريد أن نغيّر أوضاعنا المالية فعلينا أن نرفع من مستوى أنفسنا، ونغيّر قناعاتنا حول ما هو ممكن، وتطوير استراتيجية أفضل.
فالأسئلة هي أداة سحرية لا يمكن إنكار قوتها، فهي تسمح للقوى الكامنة في أدمغتنا بالالتقاء مع رغباتنا، إنها النداء الذي يدعو إمكانياتنا العملاقة للاستيقاظ، فهي تسمح لنا بتحقيق رغباتنا إذا قدمناها بصيغة طلب محدد أمعنّا التفكير فيه. والنوعية الجوهرية من الحياة إنما تنبع من طرح أسئلة نوعية مستمرة. تذكّر أن عقلك هو مثل جني فانوس علاء الدين، إذ إنه لن يعطيك إلا ما تطلبه منه.
لذا عليك أن تكون حريصاً فيما تطرح من أسئلة. إذ أنك لن تجد إلا ما تبحث عنه.

مقالات ذات صلة

تنمية بشرية

كيف تحقق ما تريده فعلاً؟

هل سألت نفسك يوماً ما ماذا تريد على وجه التحديد؟ هل تريد لنفسك زواجاً ناجحاً، أم تريد لأطفالك أن يحترموك؟ هل تريد أن تربح الكثير من المال، أم تريد امتلاك سيارات سريعة، أم عملاً يدّر عليك مالاً كثيراً، أم بيتاً فوق تلة مرتفعة؟ هل تريد أن تزور مناطق غريبة الطراز، أم أن ترى معالم تاريخية شهيرة؟ هل تريد أن تقوم بأعمال تطوعية لإنقاذ العالم، أو أن تقوم بدور نشط في الحفاظ على البيئة؟ مهما كان ما ترغب فيه أو تطمح إليه فإن عليك أن تسأل نفسك:

أكمل القراءة »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى