تنمية بشرية

استمتع بحل مشكلاتك

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله
,‘

استمتع بحلِّ مشكلاتك
بقلم / فهد بن محمد الحمدان

تعترض كلّ منا كثير من المشكلات، ويكمن الاختلاف بيننا في كيفية مواجهة
هذه المشكلات والتعامل معها، وقد أثّر في نفسي كثيراً نماذج واقعية عاصرتها
مما جعلني أكتب هذا المقال،

فمن هذه النماذج:

أولاً: الشاب عبدالله الصريصري – رحمه الله -، فهذا الشاب كنت معلماً له في العام الماضي
وكان معاقاً إعاقة شديدة على كرسيه المتحرك، وقد وصل في دراسته إلى المرحلة الثانوية
وكان في الفصل الدراسي لا يستطيع رفع رأسه للسبورة إلا أقل من دقيقة
ثم يخفض رأسه مجبراً ومع ذلك فقد أنهى دراسته الثانوية،
وتوفي بعد الاختبارات النهائية بعدة أيام، رحمه الله رحمة واسعة،
فتعلّمت من هذا الشاب العزيمة والإصرار والتحدي والاستمتاع بالحياة.

ثانياً: الشاب فيصل آل الشيخ، الذي لا يبصر إلاّ بنسبة 5% تقريباً
وهو يستخدم عدسة مكبرة سماكتها 5 سم تقريباً ومع ذلك فقد واصل دراسته
وهو متفوق فيها، وعندما أقمت في المدرسة برامج تدريبية
كان هو أول الحاضرين بحماس بالغ ونظرة مشرقة للحياة.

**

وفي هذا المقال إشارة إلى طرق مقترحة لكي نستمتع بحلّ مشكلاتنا،
وتنقسم هذه الطرق إلى:

أولاً: تقنيات مفيدة:

1- نقاط هامة ينبغي تذكّرها:

أ‌) نحن غالباّ نتعامل مع آثار المشكلة وليس المشكلة الحقيقية، أي أننا ننشغل بردود
الفعل التي جعلت المشكلة أكبر، فمثلاً إذا تأخر المراهق عن الحضور للبيت فإننا
نعنفه وإذا ردّ علينا، نتهمه بالعقوق ثم قد نضربه أو نتصرف تصرفات تؤذيه وتؤذينا معه.

ب‌) نحن نعتقد أحياناً أنّ المشاكل لا تصيب سوانا، ويجعل ذلك حالتنا النفسية
تزداد سوءاً مما يؤثر على طريقة تعاملنا مع مشكلاتنا.

ت‌) واجه مشكلاتك بشجاعة فأنت المعني الوحيد بمشاكلك، فمن الحيل النفسية
أن نحمل الآخرين أخطاءنا أو المشاكل التي تحدث بيننا وبينهم، فيجب أن نعترف
بأننا مسئولون عن مشاكلنا، فمثلاً: في المشاكل التي تحدث بين الأب وابنه،
قد يقوم الأب بتحميل ابنه مسئولية المشاكل التي تحدث بينهما ولا ينظر إلى مسئوليته عنها.

ث‌) يجب أن نتأكد أنّ للمشكلات فوائد، فالأخطاء التي نرتكبها نتعلم منها عدم تكرار
الخطأ الذي أدى إلى حدوث المشكلة، فإذا عرفت مثلاً أنّ المشاكل التي تحدث بيني
وبين زملائي في العمل هي بسبب أخطاء أرتكبها في طريقة التعامل معهم،
فعند ذلك يجب أن أغيّر طريقة تعاملي معهم.

ج‌) إذا كنت لن تبذل جهداً لتغيير واقعك فستظل متخبطاً في مشاكل لن تنتهي،
فإذا أردت أن يتغير الآخرون من حولك فتغير أنت.

ح‌) يكتب على المرآة الجانبية للسيارة عبارة (أبعاد الصورة ليست حقيقية)
ومن هذه العبارة نستفيد أن لكل منا نظرته للحياة التي تعتمد على الخبرات والمواقف
والأحداث التي مر بها كل منا، فليس شرطاً أن تكون نظرتي للحياة تمثل الواقع،
فمن عاش في بيئة فقيرة تختلف نظرته للحياة عن من عاش في بيئة مترفة،
ومن عاش في البادية تختلف نظرته للحياة عن من عاش في المدينة
أو من عاش في القرية، ومن عاش في أسرة مفككة تختلف نظرته للحياة
عن من عاش في أسرة مستقرة.

والمهم هو أن نعترف باختلافنا عن الآخرين وأن لا نلزمهم بنظرتنا للحياة

**

2- طرق عملية للتعايش مع المشكلات:

أ‌) استمتع بحياتك، فالسعادة حالة ذهنية، فإذا لم تستمع الآن بما وهبك الله من نعم،
فلن تستمتع بحياتك مهما نلت من متع الدنيا.

ب‌) أسأل نفسك سؤالاً: هل الحياة مكان للمشكلات فقط، أعتقد أنك تتفق معي
أن الحياة مكان لخلافة الله في الأرض، وهي مكان لتحقيق النجاحات والاستمتاع
بكل مباهج الحياة في غير معصية الله، وفي قصة الألماس وصاحب المزرعة عبرة،
حيث إنّ مزارعاً فقيراً كان يعمل في مزرعته وبجانب هذه المزرعة جبل،
وفجأة وجد أحد المرتادين للجبل قطعة ألماس، فكثر المرتادون للجبل يبحثون عن الألماس،
فقام هذا المزارع ببيع مزرعته وأشترى معدات لحفر الجبل وتفاجأ بأنه لم يجد شيئاً
بعد فقدان مزرعته، أما من أشترى المزرعة فقد حرثها بجد واجتهاد وتفاجأ بوجود
منجم الماس في المزرعة،
ومن هذه القصة نستنتج أننا قد نغفل عن إمكاناتنا وقدراتنا ولا نطورها
ونبحث عن ما لدى الآخرين الذين هم قد يكونون أقل إمكانات منا.

ت‌) غيّر مفهوم المشكلة: بأن تعتبرها تحدياً واختباراً لقدراتك واستخراجاً
لما تملكه من مهارات .

ث‌) أنت تؤمن بقضاء الله وقدره وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك
لم يكن ليصيبك وأنه لو اجتمع أهل الأرض على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك
إلاّ بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء فلن يضروك
إلاّ بشيء قد كتبه الله عليك، وأنّ أمر المؤمن كله خير فإذا أصابته سرّاء شكر
فكان خيراً له وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له، وأنه يؤتى يوم القيامة
بأكثر أهل الأرض نعيماً وهو من أهل النار فيغمس في النار غمسة فيقول له الله
سبحانه وتعالى هل رأيت خيراً قط، فيقول لا يا ربي، ويؤتى بأكثر أهل الأرض شقاء
وهو من أهل الجنة فيغمس في الجنة غمسة فيقول له الله سبحانه وتعالى
هل رأيت بؤساً قط فيقول: لا يا ربي.

ج‌) أنظر للمشكلة من أعلى ومن زوايا متعددة، حتى تتضح الرؤية لك أكثر.

ح‌) ابتعد عن فوهة البركان، فلكي تفكر بشكل صحيح ابتعد عن المكان الذي حدثت فيه المشكلة

خ‌) الحياة لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فلا تستحق أن نحزن من أجلها فنحن ننتظر
(برحمة الله) جنة عرضها السموات والأرض وهي التي تستحق أن نبذل من أجلها
كل أوقاتنا وأن لا تستفزنا الصغائر.

د‌) أغلق الملف، فلا تجعل المشكلة تسيطر على تفكيرك بدون أن تبذل جهداً عملياً لحلها،
لأنّ ذلك يجعلك متوترا قلقاً مما يؤثر على صحتك النفسية والجسدية.

ذ‌) تقنية تمزيق الأوراق: أكتب المشكلات التي تعترضك في ورقة ثم فرّغ فيها مشاعرك
السلبية ثم مزقها، وهذا سيجعلك تتخلص من الضغط النفسي
المصاحب للمشكلات وتنظر لها بشكل أكثر إيجابية.

ر‌) تقنية تبادل الأدوار: أجلس في كرسي ثم تخيل وجود أحد الذين حدثت بينك وبينهم مشاكل
وتكلم عن مشكلتك معه ومشاعرك تجاهه، ثم قم واجلس في كرسي مقابل لكرسيك الأول
ثم تقمص شخصية خصمك وتكلم بلسانه ضدك وكن صادقاً في ذلك ثم قم من كرسيك
وأجلس في المنتصف بين الكرسيين وأحكم بينك وبين خصمك، وبعد هذه التقنية
ستجد أنك قد تخلّصت من كثير من المشاعر السلبية تجاه خصومك
وأنه يمكنك أن تتعايش معهم ملتمساً لهم العذر في تصرفاتهم معك.

ز‌) تقنية المزارع النشيط: نحن نختزن الكثير جداً من الخبرات السلبية والتصوّرات
السيئة عن ذواتنا، وأستطيع تسمية ذلك ب (الإرهابي الداخلي) بينما تكون تصوّراتنا
الإيجابية عن ذواتنا قليلة جداً، مما يجعلنا نستحضر الرسائل السلبية لا شعورياً
ويمكن تشبيه ذلك بملفات الحاسوب الموجودة على سطح المكتب فإذا ضغطت على
أحدها ملأت الشاشة وأصبحت كأنها الملف الوحيد الموجود،
فعلينا لحل هذه المشكلة التي تؤثر على حياتنا بكاملها، أن نستخدم تقنية المزارع النشيط
الذي يقتلع الأعشاب الضارة (المشاعر السلبية – الإرهابي الداخلي)
التي تنبت بدون جهد، وزراعة الورود ذات الروائح الزكية والعناية بها
وذلك عن طريق تذكير أنفسنا دائماً بإيجابياتنا والأمور الرائعة التي نتميز بها،
ومقاومة الأفكار السلبية التي تغتال استمتاعنا بحياتنا،
ومما يساعد في ذلك كتابة هذه الإيجابيات في أوراق وتعليقها في غرفة النوم
وجعلها شاشة البداية في الحاسوب وفي الجوال مثلاً.

س‌) تقنية الاسترخاء والتنفس العميق: هذه التقنية تجعلك أكثر هدوءاً وأكثر قدرة
على حلّ مشكلاتك، والتنفس العميق يكون بأخذ نفس من الأنف لمدة سبع ثوانٍ
(بشرط تحرك بطنك خلالها) ثم كتم النفس لنفس المدة ثم إطلاق النفس من الأنف
والفم معاً لنفس المدة السابقة، وهذه الطريقة تجعل كمية أكبر من الأكسجين تدخل إلى المخ.

ش‌) تقنية استشراف المستقبل: فكر في النتائج قبل الإقدام على حل أي مشكلة
وأجعل مسافة زمنية بين المشكلة ورد فعلك لحلها.

ص‌) تقنية المروحية: كل مشكلة تواجهنا تشغل تفكيرنا وتجعلنا أسرى لضجيجها
فكأنها مروحية ضخمة تحلق فوق رؤوسنا وتصم آذاننا بصوتها ونخشى أن تقع فوق رؤوسنا،
لذلك يمكننا أن نقوم بالتجربة البسيطة التالية: تصوّر أن معك جهاز تحكم،
قم بإزالة صوت المروحية بجهاز التحكم، فتتخلّص من أحد آثار المشكلة
وهو صوتها الهادر المزعج، ثم تخيّل نفسك وأنت تقفز وقد أمسكت بالمروحية
وقد أنزلتها بكل ما تملك من قوة إلى الأرض، فأنت الآن لم تعد تخشى من سقوطها
فوق رأسك، ثم بجهاز التحكم قم بتصغير المروحية حتى تصبح كلعبة أطفال في طاولة أمامك،
ثم تخيل نفيك وأنت تحطمها فوق ورقة حتى تصبح كصورة على الورقة،
وبهذه التقنية تكون قد وضعت المشكلة في حجمها الطبيعي الذي يجعلك تفكر في حلها بواقعية وبهدوء.

**

ثانياً: طرق عملية لحل المشكلات:

1- تقنية الحصار والهجوم النهائي:

أكتب المشكلة في دائرة على ورقة ثم ضع أسهم تجاه هذه الورقة واضعاً حلولاً
لهذه المشكلة في نهاية الأسهم ثم اختر أنسب هذه الحلول واختبر الحلول التي اخترتها.

2- أبحث عن سبب المشكلة بموضوعية،
الذي لن يخرج عن: (أنت، الآخرون، البيئة).

أ‌) المشاكل التي تكون أنت سبباً فيها غالباً،
حدد المشكلة بالضبط، فهي لن تخرج عن المشاكل التالية:

سوء تنظيمك لوقتك، سوء علاقتك مع زوجتك أو أبنائك أو زملائك في العمل
أو أقاربك، انخفاض مستواك الدراسي، ابتعاد الآخرين عنك وعدم رغبتهم في مجالستك،
انخفاض مستواك المادي وعدم قدرتك على تلبية متطلّبات الحياة،
حساسيتك الزائدة وعدم ثقتك بنفسك، النسيان المستمر، عدم وجود وقت كافٍ لأداء مهماتك،
عدم قدرتك على ضبط مصروفاتك المالية، التسويف، الاستعجال، المثالية،
عدم وجود توازن بين مسؤولياتك في الحياة.

وهناك حلاّن مشتركاّن لهذه المشاكل تتلخّص في:

1- أخذ برامج تدريبية.

2- القراءة المستمرة في الكتب المتعلقة بالمجالات السابقة.

**

ب‌) إذا كان الآخرون هم سبب المشكلة،
حدد المشكلة بالضبط، فهي لن تخرج عن المشاكل التالية:

– سوء أخلاق الآخرين معك رغم حسن تعاملك معهم:
تأكد أن المشكلة فيهم هم وليس فيك أنت ولن تستطيع أن تغير الناس
ولكن يمكنك أن تمنعهم بحزم من ظلمك بكلمة أو بفعل.

– تعطيل الآخرين لأعمالك:
أبحث عن طرق مشروعة أخرى لإنجاز أعمالك أو أبحث عن مسئول أعلى ليحل مشكلتك.

– أخلاق الآخرين السيئة مثل الحسد والكبر:
يجب أن تتعامل مع ذلك بواقعية وأن هذه طباع لا يمكن إزالتها ولن تخلو الأرض
من حاسد أو متكبر، وأن هذين الصنفين من أتعس الناس وأكثرهم مدعاة للشفقة.

**

ج) البيئة والظروف المحيطة:
تذكّر أنّ القوة الحقيقية هي في تغيير الظروف باستغلال قدراتنا وتطويرها
للتغلّب على هذه الصعوبات.

**

وهنا وصلنا إلى نهاية المقال
الذي أتمنى أن يساهم في تغيير واقعنا إلى الأفضل
ويجعلنا نستمتع بحياتنا.

**
للامانة منقول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى