اعداد محاسب

تعرف على الخصائص النوعية للقوائم المالية في التأمين الاجتماعي

    الخصائص النوعية هي صفات تجعل المعلومات الواردة في القوائم المالية مفيدة للمستخدمين لها والمستفيدين منها وسنعرض في هذه الفقرة تلك الخصائص بصفة عامة ثم في مجال التأمين الاجتماعي بصفة خاصة .

    وقبل الدخول في عرض هذه الخصائص نشير إلى الاعتبارات التي تحكم إعداد القوائم المالية وهي:

    أ ـ الحيطة والحذر:

    فقد يلازم عدم التأكد آثار تترتب على بعض الأحداث ذات الصبغة المالية أو التي يترتب عليها آثار مالية، مما يتطلب ضرورة مراعاة سياسة الحيطة والحذر عند إعداد القوائم المالية، وذلك من خلال الإفصاح عن طبيعة هذه الأحداث، وعن مدي تأثيرها ويقصد بالحيطة والحذر تبني درجة من الحذر في وضع التقديرات المطلوبة في ظل عدم التأكد بحيث لا ينتج عنها تضخم في الأصول والدخل أو تقليل حجم الالتزامات والمصروفات، وهذا بالطبع لا يعنى المبالغة في الحيطة والحذر إلى الدرجة التى يترتب عليها تكوين احتياطيات سرية أو مبالغة متعمدة في الالتزامات والمصروفات تؤدى إلى فقدان القوائم المالية لحيدتها وموثوقيتها.

    ب- الجوهر قبل الشكل:

    الأساس في المحاسبة عن المعاملات المالية هو مراعاة جوهر كل منها، وما يترتب عليها من آثار مالية وليس مجرد شكلها القانونى. ولذا يجب أن يكون عرض الأحداث المالية في القوائم المالية بحسب جوهرها وحقيقتها وليس بحسب شكلها القانونى.

    جـ- الأهمية النسبية:

    ينبغي أن تفصح القوائم المالية عن كافة البنود ذات الأهمية النسبية التى من شأنها التأثير على مدلولات هذه القوائم، وما يترتب عليها من قرارات.
    وتعتبر المعلومات ذات أهمية نسبية إذا كان حذفها أو تحريفها يؤدى إلى تضليل مستخدم القوائم المالية أو التأثير في قراراته ، لذا يجب عرض كل بند جوهرى بشكل منفصل في القوائم المالية، كما يمكن تجميع البنود غير الجوهرية ذات الطبيعة أو الوظيفة المتشابهة ، ولا توجد حاجة لعرضها بشكل منفصل.
    ولتقرير ما إذا كان البند جوهرياً أم لا ، فإنه يتم تقييم طبيعة وحجم البند معاً، حيث تكون طبيعة وحجم البند هى العامل المتحكم، فالبنود الكبيرة التى تختلف في طبيعتها أو في عملها يتم عرضها بشكل منفصل.

    ونعود – الآن – إلى الخصائص النوعية الأساسية للقوائم المالية، وهى القابلية للفهم، والملاءمة ، والموثوقية، والقابلية للمقارنة، وفيما يلى نبذة مختصرة عن كل منها، وعن مدى أهميتها في التأمين الاجتماعى:

    1- القابلية للفهم:

    تعد القوائم المالية بحيث تكون مناسبة لاحتياجات المستخدمين فيما يتعلق باتخاذ القرارات، ولن يتحقق هذا الغرض إلا إذا كان مستخدم تلك القوائم قادراً على قراءة وفهم المعلومات الواردة فيها فهماً مباشراً، وبالطبع يفترض أن يكون لدى المستخدم قدر معقول من المعرفة في الأعمال والنشاطات التى تعرض بياناتها في القوائم المالية محل الاعتبار، كما لابد أن تكون لديه رغبة واستعداد لدراسة المعلومات بقدر معقول أيضاً من العناية. وهذا لا يعنى استبعاد المعلومات حول المسائل المعقدة التى يجب أن تتضمنها القوائم المالية، لا سيما إذا كانت لازمة لحاجات صانعى القرارات بحجة صعوبة فهمها من قبل بعض المستخدمين. لكن طريقة عرض المعلومات واقترانها بالتفسيرات والملاحظات والتعليقات والإيضاحات المتممة قد تسهل من هذه المهمة كثيراً.

    وتبدو هذه الخاصية ذات أهمية خاصة في مجال التأمين الاجتماعى، حيث يتنوع المستفيدون وتتفاوت درجات ثقافاتهم، ومع ذلك فكل منهم لديه حرص أكيد على معرفة كيفية إدارة هذه الأموال والمزايا التى يقدمها هذا النوع من التأمين ، وتعد القوائم المالية هى المصدر الأساسى بل لعلها المصدر الوحيد المتاح أمامهم للحصول على تلبية هذه الحاجة. ولا شك أن قابلية هذه القوائم للقراءة والفهم من قبل أكبر عدد ممكن من المنتفعين بالتأمين الاجتماعى سوف يوفر أساساً موضوعياً لمواجهة الشائعات التى تثار حول أهمية هذا النوع وما يصاحبه من روتين ومعوقات في الحصول على المزايا التى يقدمها.

    2- الملاءمة:

    من السمات الأساسية للمعلومات أن تكون مفيدة، ولكى تتحقق هذه الفائدة لابد أن تكون المعلومات ملائمة لحاجات المنتفعين، وتتوافر خاصية الملاءمة في المعلومات عندما تكون مؤثرة في قرارات المستخدمين، بمساعدتهم في تقييم الأحداث الماضية والحاضرة والمستقبلية، أو عندما تؤكد أو تصحح أحكامهم الماضية. وتعتبر الوظيفة التنبؤية والوظيفة التأكيدية للمعلومات متداخلتين مع بعضهما البعض وغالباً ما تستخدم معلومات المركز المالى والأداء في الماضى كأساس للتنبؤ بالمركز المالى والأداء في المستقبل، وفي مسائل أخرى تهم المستخدمين مباشرة، وحتى يكون للمعلومات قيمة تنبؤية، فليس بالضرورة أن تكون في صورة تنبؤات صريحة، وإنما يمكن أن يتم ذلك من خلال استخدام المعلومات الواردة في القوائم المالية في بناء نموذج للتنبؤ بما سوف يكون عليه الوضع في المستقبل.

    وهذه الخاصية أيضاً ذات أهمية بالنسبة للمنتفعين بالتأمين الاجتماعى، إذ غالباً ما تكون لدى الكثير منهم شكوك حول إمكانية حصولهم على المزايا التأمينية عندما يحتاجون إليها أو عندما يحين موعد استحقاقها، ولا شك أن معرفة قدرة الصندوق المختص على مواجهة التزاماته عندما تستحق سوف يزيل كثيراً من هذه الشكوك، وتتعزز القدرة على عمل تنبؤات من القوائم المالية من خلال الأسلوب الذى تعرض به المعلومات عن العمليات والأحداث الماضية.

    3- الموثوقية:
    لكى تكون المعلومات مفيدة لابد أن يكون موثوقاً بها ويمكن الاعتماد عليها ، وتتوافر هذه الخاصية في المعلومات إذا كانت صادقة وخالية من الأخطاء وخالية من التحيز. ومن ثم يمكن الاعتماد عليها كمعلومات تعبر بصدق عما يقصد أن تعبر عنه، أو من المتوقع أن تعبر عنه.

    ويمكن أن تكون المعلومات ملائمة ولكنها غير موثوق بها من حيث طبيعتها أو من حيث طريقة تمثيلها لدرجة أن الاعتراف بها يمكن أن يكون مضللاً ، فعلى سبيل المثال إذا كانت مشروعية وقيمة الأضرار المطالب بها موضع نزاع قانونى فإن الاعتراف بكامل المبلغ المطالب به في الميزانية العمومية يعتبر غير مناسب، لكن من الممكن أن يتم الإفصاح عن المبلغ مع ذكر الظروف المحيطة بالمطالبة، وهكذا تمثل الميزانية بصدق العمليات والأحداث المالية. وكثير من المعلومات المالية تكون عرضه إلى بعض المخاطر لأنها لا ترقى إلى التمثيل الصادق الذى يتصور أنها تؤديه ، وقد لا يرجع هذا إلى التحيز فيها ولكن يرجع إلى صعوبة التعرف على قياس العمليات والأحداث المالية الأخرى أو إلى تصميم واستخدام وسائل قياس وعرض لا تنسجم مع تلك العمليات والأحداث المالية، ففي بعض الحالات تكون عملية قياس الآثار المالية لبعض الأحداث غير مؤكدة لدرجة عدم الاعتراف بها في القوائم المالية، إلا أنه في حالات أخرى ربما يكون مناسباً الاعتراف ببعض العناصر والإفصاح عن مخاطر الخطأ المحيط بعملية الاعتراف بها وقياسها.

    وبالإضافة إلى صدق المعلومات وخلوها من الأخطاء تكون موثوقاً بها إذا كانت محايدة، أى خالية من التحيز، ولا تعتبر القوائم المالية محايدة إذا كانت طريقة عرض المعلومات تؤثر في صنع القرار أو تهدف إلى تحقيق نتيجة محددة سلفاً. وهكذا تكون المعلومات موثوقة إذا كان أى حذف فيها يجعلها خاطئة أو مضللة وبالتالى تصبح غير موثوقة وغير ملائمة. ومن هنا تكون أهميتها في مجال التأمين الاجتماعى، فهذا المجال انشئ من أجل حماية المنتفعين ومساعدتهم ومساعدة ذويهم في مواجهة ظروف الحياة، فإذا لم تكن المعلومات التى تعرض عنه في القوائم المالية موثوقاً بها من قبلهم فإنه يفقد مبرر وجوده ، وينقلب إلى عبء عليهم بدلاً من أن يكون عوناً لهم.

    4- القابلية للمقارنة:

    لابد أن يكون المستخدمون قادرين على مقارنة القوائم المالية عبر الزمن من أجل تحديد الاتجاهات في المركز المالى، وفي الأداء ، ولكى تتم عملية المقارنة التاريخية فإن عملية قياس وعرض العمليات والأحداث المالية ينبغى أن تتم على أساس ثابت عبر الزمن.
    ومن أهم ما تتضمنه خاصية المقارنة إعلام المنتفعين عن السياسات المحاسبية المستخدمة في إعداد القوائم المالية، وعن التغيرات التى تحدث فيها وما يترتب على هذه التغيرات من آثار ولذلك يجب أن يكون المستخدمون لتلك القوائم قادرين على فهم واستيعاب الاختلافات في السياسات المحاسبية بشأن العمليات المالية المتشابهة والأحداث الأخرى من فترة إلى أخرى، وتساعد الإيضاحات المتممة والتعليقات والتفسيرات المرافقة للقوائم المالية في تيسير مهمة قراءة القوائم المالية.
    ومع ذلك فلا ينبغى أن تقف متطلبات المقارنة عقبة أمام تحسين أساليب العرض والإفصاح، إذ من غير المناسب أن يستمر العمل بالسياسات المحاسبية بنفس الأسلوب من عملية مالية إلى عملية مالية أخرى إذا كانت هذه السياسة تتعارض مع خاصية الملاءمة أو الموثوقية، كما أنه ليس من المناسب الاستمرار في السياسات المحاسبية دون تعديل عندما توجد سياسات بديلة تكون أكثر ملاءمة أو موثوقية. ومن أجل تحقيق غرض المقارنة تتضمن القوائم – عادة – خانة لبيانات الفترة السابقة.
    ويبدو أن أسلوب المقارنة التاريخية هو الأسلوب الأنسب لمستخدمى القوائم المالية في التأمين الاجتماعى نظراً لتنوع ثقافاتهم، وعدم قدرة الكثيرين منهم على أساليب أخرى لتحليل ودراسة المعلومات الواردة في القوائم المالية، وبهذه المقارنة يلمس المستخدمون مدى التطور واتجاهه في أداء صندوق التأمين الاجتماعى محل الاعتبار.

    وفي ختام هذا العرض المبسط للخصائص النوعية التى ينبغى أن تتسم بها القوائم المالية في التأمين الاجتماعى نود التذكير بأن الحرص على توافرها قد تترتب عليه بعض السلبيات في أداء العمل في الوقت المناسب أو بالتكلفة المناسبة أو قد يترتب عليه الإخلال بالتوازن بينها؛ فالحرص على توفير قدر كبير من الموثوقية في المعلومات التى تعرضها القوائم المالية قد يترتب عليه تأخير تقديم هذه القوائم في الوقت المناسب مما يؤدى إلى عدم ملاءمتها، حيث قد يكون وقت الاستفادة منها قد فات، لذلك يجب بذل كل محاولة لتحقيق التوازن بين الملاءمة والموثوقية، والاعتبار المتحكم في هذا الصدد هو حاجة صانعى القرارات الاقتصادية.
    ومن جهة ثانية لابد أن نزيد المنافع المتوخاة من القوائم المالية على التكاليف المتكبدة في التزويد بالمعلومات الواردة فيها، ولذا فإن الموازنة بين المنفعة والتكلفة تعتبر قيداً أكثر منها خاصية نوعية. لكن تقييم المنافع والتكاليف هى عملية اجتهادية تعتمد – أساساً – على التقدير، لذا يجب أن يكون مستخدمو القوائم المالية على دراية بهذا القيد. وفي الحياة العملية غالباً ما تكون الموازنة بين الخصائص النوعية للقوائم المالية أمراً ضرورياً، حيث يكون الغرض هو تحقيق الأهداف التى تعد من أجلها تلك القوائم، أما الأهمية النسبية للخصائص النوعية في الحالات المختلفة، فهى مناطة بالتقدير المهنى.

    إن وصف القوائم المالية بأنها تعبر بصورة صحيحة وعادلة عن المركز المالى وعن الأداء وعن التغيرات فيهما وإن كان لا يعتمد على هذه المفاهيم مباشرة، إلا أن مراعاة الخصائص النوعية الأساسية والمبادئ المحاسبية المناسبة، يترتب عليها – عادة – قوائم مالية تظهر بصورة صحيحة وعادلة- أو تمثل بعدالة- المعلومات الواردة فيها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى