تنمية بشرية

كيف تدخل صلاة العيد الفرحة و الهدوء للحالة النفسية للمجتمع

صلاة العيد من أهم الممارسات الدينية الخاصة بعيد الفطر المبارك فتعرف كيف توؤثر صلاة العيد ايجابياً على صحتكك

كل عام و انتم بخير ، يعود علينا في هذه الأيام المباركة ظلال عيد الفطر ، و ما يتسم به من أجواء احتفالية بانتهاء شهر رمضان الكريم و لا تخلو هذه الأجواء الاحتفالية من شعور روحاني يرجو المولى سبحانه و تعالى أن يتقبل صيام رمضان . و تعتبر صلاة العيد من أهم الممارسات الدينية الخاصة بعيد الفطر المبارك ، و في هذا المقال سوف نحاول البحث في إطار الدراسات العلمية عن السر وراء شعورنا بالفرح و السعادة خلال صلاة العيد .

في بداية حديثنا الذي يتناول ظاهرة دينية في إطار علمي لابد أن نوضح بعض الحقائق منعاً لحدوث التباس :
1 – ظلت دراسة الممارسات الدينية من خلال الدراسات العلمية التجريبية موضع شك لسنوات طويلة ؛ و ذلك لعدم القدرة على قياس المتغيرات الخاصة بالممارسات الدينية لدى الأشخاص بشكل دقيق يتيح تحليل علمي صحيح .
2 – مؤخراً بدأت الدراسات في مجال علم النفس و الطب النفسي في التزايد حول بحث العلاقة بين الممارسات الدينية و بين الصحة النفسية و العقلية للأفراد .
3 – هذا السعي لفهم تأثير الممارسات الدينية على الصحة كان مدفوعاً في الأساس بملاحظات عديدة حول تأثيرات ايجابية للممارسات الدينية و الروحانية على الصحة ، و تأثيرات أخرى سلبية .

– السر الأول :
الترابط الاجتماعي : تمثل صلاة العيد فرصة كبيرة لإظهار الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع المسلم بشكل عام من خلال تجمعهم في صلاة واحدة و احتفال واحد ، وبشكل خاص بين أفراد الأسرة والأصدقاء الذين يتبادلون الزيارات والتهاني في العيد . و تشير الدراسات إلى أن الترابط الاجتماعي له دور ايجابي مهم على الصحة النفسية ، وذلك لما يضمنه من دعم نفسي للفرد في أوقات الشدائد والأزمات . لذا يمكن القول أن صلاة العيد بما فيها من ترابط اجتماعي ترسل رسالة للعقل اللاواعي داخل كل فرد أنه ليس بمفرده ، مما ينعكس إيجابا على شعوره بالإطمئنان وانخفاض التوتر .

– السر الثاني :
المعتقد الإيماني : تمثل صلاة العيد احتفال بأداء الفرد المسلم لصيام شهر رمضان بالكامل ، و هو الفرض الذي يؤمن المسلمون بثوابه العظيم لدى الخالق سبحانه و تعالى . هذا الإيمان بفضيلة الصوم و ثوابه تنعكس إيجابا على الأفراد من خلال زيادة مستويات تقدير الذات و الثقة في النفس ، و كذلك زيادة الشعور بالخير الداخلي و الرغبة في مساعدة الآخرين و الشعور بهدف و قيمة وراء الحياة .

– السر الثالث :
الصحبة الصالحة : تمثل الصحبة الصالحة التي تزداد فرص لقائهم في عطلة العيد عامل أساسي في الشعور بالسعادة و الاطمئنان خلال العيد ، و يأتي ذلك بشكل أساسي من خلال التشجيع المتبادل بين الأصدقاء الصالحين على الارتقاء الذاتي في كلاً من الناحية الروحانية و الناحية العملية و الحياتية ، و هذا يعتبر وقود أساسي للإنسان للتقدم في الحياة . على جانب آخر فإن الصحبة الغير صالحة تؤدي بالإنسان خلال العيد إلى ممارسات مخجلة مثل تناول المخدرات و الكحوليات و التحرش و غيرها من السلوكيات المنحرفة ؛ مما يترتب عليه شعور الإنسان بالندم و احتقار الذات لاحقاً .

– السر الرابع :
الصحة : يمثل شهر رمضان فترة يتعلم فيها الإنسان ترويض رغباته و شهواته المختلفة ، مما يجعله أكثر قدرة على تبني نمط حياة صحي بشكل اكبر من خلال الإقلاع عن سلوكيات ضارة مثل التدخين . على جانب آخر فإن الصيام الذي يترافق معه تبني نمط تغذية صحي يساعد على تحسن صحة الإنسان على مدار الشهر الكريم . من هنا يأتي جانب آخر من شعور الإنسان بالسعادة في العيد ، و هو الجانب الخاص بالتطورات الايجابية التي تحدث في صحة الإنسان خلال شهر رمضان ، خاصة إذا كان قد التزم بنمط حياة و تغذية صحي بما يكفي خلال الشهر الكريم .

– السر الخامس :
فرصة أخرى : شهر رمضان أوله رحمة ، و أوسطه مغفرة ، و أخره عتق من النار . هذا الشعور الواسع برحمة الخالق سبحانه و تعالى و قبوله لتوبة المخطئين تمثل من الناحية النفسية فرصة جيدة للعديد ممن يعانون شعور مفرط بالذنب ؛ حيث تمثل الممارسات الروحانية لهم في رمضان فرصة جديدة يمنحها الله سبحانه و تعالى لهم ليتخلصوا من شعور الذنب و ينطلقوا في حياتهم بشكل ايجابي و مثمر . هذا المعتقد الديني الذي يتيح لكل إنسان فرصة ثانية للتوبة يمثل عامل ايجابي في تحسين الحالة النفسية للأفراد . ويتضاعف تأثير هذا العامل في العيد ؛ حيث يكون رمضان الفرصة الأكبر على مدار العام للتقرب من الله و طلب المغفرة ، و يكون العيد احتفالية يبدأ الإنسان لمرحلة جديدة من حياته دون أخطائه السابقة .

– الجانب الآخر من الصورة :
بعد أن تحدثنا عن الآليات النفسية التي تمنحنا الشعور بالسعادة خلال صلاة العيد ، فإننا يجب أن نوضح أيضا أن بعض السلوكيات الدينية الخاطئة تمثل خطر على الصحة الجسدية و النفسية مثل :

– رفض بعض المجموعات الدينية لتعاطي الأدوية الحديثة ، و الاكتفاء بعلاجات عشبية تراثية .
– التشدد الزائد في حرمان بعض المتدينين المتطرفين لأنفسهم و عائلاتهم من التمتع بما أحله الله من طيبات .
– المعتقدات الدينية المتطرفة التي تمنع الإنسان من تقبل المختلفين عنه حتى من داخل نفس طائفته الدينية . و كما نرى فإن اغلب هذه الانعكاسات الضارة ترتبط فقط بالأفكار المتطرفة التي تحيد عن الاعتدال و المودة و التعايش الذين تأمر بهم رسالة الإسلام . و النظريات التي قمنا بتناولها في هذا المقال مازالت موضع بحث و تحتاج لمزيد من الإثبات في المجال العلمي .

هكذا نكون قد أنهينا جولتنا في اكتشاف الأسرار وراء فرحتنا بصلاة العيد ، و ندعو الله سبحانه و تعالى أن يعيد عليكم جميعاً الأيام بالخير و اليمن و البركات .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى