اعداد محاسب

مبررات الإهتمام بإنتاجية العمل المعرفي

كما حظيت إنتاجية عوامل الإنتاج المادية بإهتمام كبير ولعقود طويلة من الزمن ، فإن إنتاجية العمل المعرفي لابد من أن تحظى بإهتمام واسع

وكثيف خلال الفترة القادمة . حيث أن المعرفة في الكثير من الشركات هي العامل الجديد للإنتاج والقيمة المضافة الأكثر أهمية . وأن إدارة المعرفة هي التسمية الجديدة لإدارة الشركات التي أصولها الأساسية تتكون من الأصول الفكرية والمعرفية وراس مالها الأساسي هو رأس المال الفكري أو المعرفي . ولكن المشكلة الأساسية في كل ذلك يتمثل في الحاجة إلى مقاييس ومؤشرات لقياس هذه الأصول ونتائج إستخدامها . ومن خلال هذه المقاييس والمؤشرات يمكن أيضا ترشيد إستخدام العمل المعرفي وتعظيم نتائجه . ويمكن تحديد مبررات الإهتمام بإنتاجية العمل المعرفي من خلال ما يأتي :

أ – إن خبرتنا الإدارية الواسعة والعميقة في الشركات تقوم على التأكيد الأساسي بأن ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته . وهذا يعني لابد من إيجاد مقاييس أو مؤشرات دالة على مكونات العمل المعرفي ونتائج إستخدامها لكي يكون بالإمكان إدارته . وبالتالي فإن الرشد الإداري هو في جوهره يقوم على ما يمكن تحديده بدقة ، أو مقارنته مع غيره ، أو قياسه . وبدون هذا القياس فإن العمل المعرفي وأصحابه سوف يظلون ( كأبقار مقدسة ) تصول وتجول في الشركة بدون رابط وضابط . فمن أجل تطوير عمل إدارة المعرفة ومن أجل ترشيد العمل المعرفي الذي يضطلع به الأفراد المعرفيون لابد من التوصل إلى طرق أكثر ملاءمة ودقة في قياس العمل المعرفي .

ب – إن الإستثمارات الكبيرة في مبادرات ومشروعات المعرفة وإدارة المعرفة لابد من أن تعني وجود حاجة حقيقية لقياس وتقييم هذه الإستثمارات ونتائجها المتحققة . وحسب تقديرات مجموعة جارتنير ( Gartner G. ) فإن أكثر من ( 5 ) بلايين دولار أنفق على مشروعات إدارة المعرفة في عام ( 2000 ) . وإن هذه الإستثمارات كما أشارت دراسة أخرى توزعت كالآتي : ( 52 ٪ ) من الشركات كانت إستثماراتها موجهة من أجل زيادة القدرة التنافسية ، ( 33 ٪ ) من أجل تنظيم وإستخدام المعرفة ، ( 12 ٪ ) كتجديد لتكنولوجيا المعلومات المستخدمة ، و ( 3 ٪ ) تحت تأثير العدوى الإدارية(28). وأن هذه الإستثمارات آخذة بالتزايد كما أن الأغراض من ورائها يتزايد تنوعها مما يزيد الحاجة إلى إخضاع إستخداماتها ونتائجها للقياس والتقييم الإقتصادي .

ج – إن الخصائص المتميزة للمعرفة سواء كأصل غير ملموس أو عدم وضوح القيمة إلا عند الإستخدام أو قابلية الإنتقال والإنتشار والإستنساخ بسهولة ( وخاصة في حالة المعرفة الصريحة ومع إستخدام تكنولوجيا المعلومات ) تجعل المعرفة الأكثر عرضة لمخاطرة تغير قيمتها بسرعة . فإلى جانب أن أفراد المعرفة يمكنهم نقلها إلى خارج الشركة بسرعة ( عند خروجهم من الشركة ) خلافا للأصل المادي الذي يبقى داخل الشركة ، فإن المعرفة يمكن مع الإستنساخ السريع التحول إلى معرفة عامة يمتلكها الجميع أي ذات قيمة صفرية بالعلاقة مع القدرة التنافسية للشركات . وهذا كله يجعل قياس وتقييم العمل المعرفي من المستلزمات الأساسية في إدارة المعرفة وتعظيم عوائدها .

د – ولعل المبرر الأساسي للإهتمام بإنتاجية العمل المعرفي هو النقص الواضح في مقاييس الأداء للعمل المعرفي . ففي حالة رأس المال المادي فإن المنافع ( العوائد ) الحالية والمستقبلية تكون قابلة للمقارنة بإستخدام معدلات الخصم ، بينما التكاليف تقاس من خلال الإندثار . أما في حالة أصول المعرفة فليس هناك طريقة لإحتساب التكاليف والمنافع عبر أية فترة من الزمن . وهذا النقص هو الذي جعل الشركات معنية بشكل غير مسبوق بالبحث عن طرق قياس وتقييم إنتاجية العمل المعرفي ليس على مستوى الشركات حسب بل وعلى مستوى الدول التي أصبحت معنية بالعمل على تطوير نظام مؤشرات وطني من أجل قياس أصولها المعرفية ونتائج العمل المعرفي على المستوى الوطني . وهذا ما فعله البنك الدولي في نموذجه ( طريقة تقييم المعرفة وبطاقات الدرجات Knowledge Assessment Methodology and Scorecards ) الذي يتكون من ( 14 ) مؤشرا يغطي (69 ) متغيرا(29). وهذا ما يجري على نطاق أكثر إتساعا وعمقا في الشركات . وليس أدل على ذلك من تعدد الطرق والأساليب المقترحة لقياس أصول المعرفة وإنتاجية العمل المعرفي التي قدمتها الدراسات والبحوث الكثيرة وتطبيقاتها في شركات مختلفة تعمل في قطاعات مختلفة . ورغم كتعدد هذه الطرق والأساليب التي تم تطويرها خلال الفترة القليلة الماضية فأن الكثير منها لازال بحاجة أساسية لتقييم صدقها وصلاحيتها في الإستخدام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى