تنمية بشرية

كيف تُحسِن طباعك ؟!

كيف تُحَسِن طباعك ؟!!!!

بقلم الدكتور : محمود جمال أبو العزايم

 

الطبع أو العادة أو الخُلق في علم النفس هي مجموعة مظاهر الشعور والسلوك المكتسبة و الموروثة التي تميز فرداً من آخر . .

ونحن نسمع من بعض الناس الكثير من الأمثلة التي تدعوا إلى الإستسلام للعادات والتي قد تكون سلبية في الكثير من الأحيان .

مثل المثل القائل ( من شبّ على شيئ شاب عليه )
أو ( الطبع يغلب التطبع ) و الذي يعني صعوبة تغيّر عادات الإنسان وطباعه .

هذه الأقوال والأمثال وما شاكلها تريد أن تقول :
أن العادة متحكمة وراسخة .

وهنا نتسائل :
هل العادة صعبة أو مستحيلة التغيّر ؟

وهل طباع وعادات الطفولة والشباب السيئ منها والمفيد
لا تتغيّر ولا تزول ؟

الأمثال والأقوال السابقة تجيب بـ نعم فهي لا ترى الطبع أو العادة إلا قدراً مقدوراً ولا يُغيّر الأقدار إلا مُقدرها .

أي أن التغيير حسب وجهة نظر هؤلاء عملية خارجية
ليست بيد الإنسان .

لكننا نقول :
إن عملية التبديل و التغيير ممكنة رغم ما يعتريها من صعوبات وإذا أردت أن تُغَيّر شيئاً فيجب أن تنظر إليه نظرة مغايرة . .

لأن النظرة التقليدية تجعلك تقتنع بما أنت فيه فلا ترى حاجة للتغيير . .

ذلك أن أي عملية تغيير أو تبديل في طبع أو عادة تحتاج إلى شعور داخلي أن هذا الطبع أو العادة ليسا صالحين ولا بد من تغييرهما .

في البداية دعونا نطرح بعض الأسئلة :

1- هل جربت أن تُعَدل سلوكاً معيناً إثر تعرضك لنقد شديد ؟

2- هل قرأت مقالة أو حديثاً أو حكمة أو قصة ذات عبرة و دلالة فتأملتها جيداً وإذا بها تُحدث في نفسك أثراً . . لتعيد النظر على ضوئها في أفكارك وتصرفاتك ؟

3- هل حدث أن مشيت في طريق لمسافة طويلة ثم إكتشفت أن هذا الطريق ليس الطريق الذي تريده ولا هو الذي يوصلك إلى هدفك ورغم معاناتك في السير الطويل وتعبك الشديد تقرر أن تسلك طريقاً آخر
يوصلك لما تريد ؟

4- هل سبق أن كونت قناعة أو فكرة معينة حول شيئ ما
وقد بدت لبعض الوقت ثابتة لا تتغير لكن وقع ما جعلك تراجع قناعاتك كفشل في تجربة , أو تعرضك لصدمة فكرية,
أو تشكلّت لديك قناعة جديدة
إما بسبب الدراسة والبحث
أو من خلال اللقاء بأناس أثروا في حياتك فلم تكابر
ولم تتعصب تعصب الجاهلين
لأنك رأيت الفكرة المغايرة الأخرى أسلم وأفضل ؟

5- هل سكنت في منطقة أو بقعة من الأرض لفترة طويلة فألفتها وأحببتها وتعلقت بها لأنها كانت حقلاً لذكرياتك
ثم حصل ما جعلك تهاجر منها أو تستبدل بها غيرها لظروف خارجية
وإذا بك تألف المكان الجديد وقد تجد فيه طيب الإقامة وحسن الجوار ؟

إذا ً تغيير القناعات أمر طبيعي ويدل في كثير من الحالات على درجة من النضج والوعي والمرونة .

إن العادة قد تكون مادية كالشراهة في الأكل . .
وقد تكون معنوية كالكذب . .

وبالرغم أن الإعتياد و الإدمان يجعل التخلي والتخلص من هذه العادات صعباً عليك . .

لكن بإمكانك أن تسأل الكثير من الشرهين والشرهات الذين كسروا هذه العادة وإعتدلوا في طعامهم . .

ولك أن تسأل عن كيفية نجاحهم ؟!!!!

لا شك أن تمارين تنظيم الطعام ( الريجيم ) التي إلتزمها البعض أتت بنتائج باهرة

إذاً من كان يتصور أن الذي فاق وزنه المائة كيلو جرام يغدو رشيقاً إلى هذا الحد .

كيف نجحوا ؟!!!

بالإرادة .

وحتى خصلة الكذب . .
أو أية خصلة سيئة أخرى
حينما عقد المبتلون بها العزم على معالجتها والقضاء عليها وصدقوا في عزمهم وقرارهم
إستهجنوا تلك الخصال الذميمة وعملوا على إستبدالها وعادوا أنقياء منها .

أما مقولة من شب على شيئ شاب عليه
فقد أسيئ فهمها وتركزت النظرة إليها في الجانب السلبي

أي من إعتاد على خصلة ذميمة في شبابه فإنها ستلازمه حتى كبره . .

وتفسير المقولة يشير إلى أن إهمال العادات والطباع وتركها لتستفحل بدون علاج حتى لتصبح بعد حين جزءاً لا يتجزأ من الجسد

أي أن المقولة ليست قاعدة ثابتة أو قانوناً صارماً
إنما هي توصيف لحالة إستعباد العادة للشباب .

ويجب أن نعلم أن الإنسان بطبعه ألوف . . يألف و يؤلف

يألف أرضه فيحبها ويألف الإنسان الذي يعاشره فترة من الزمن فيعزّ عليه مفارقته
لكنه إلى جانب ذلك مزود بقابلية التكيّف مع الأوضاع والحالات والأماكن والوجوه المختلفة .

والتأقلم لطف من الله ورحمة وبدونه يقع الإنسان ضحية الحزن والكآبة والقلق والخوف و إلى غير ذلك مما يصاب به الذين لم يتأقلموا ولم يجربوا التكيّف مع المستجدات والمتغيرات وبه يفتح الإنسان صفحة جديدة يرى آفاقاً جديدة يتعلم أموراً لم يسبق له أن تعلمها وما كان له أن يتعلمها لو بقي قابعاً في مكانه

فالتكيّف يزيد من مرونته وصبره و علمه فيصبح أكثر تعاطياً مع الحياة والأشياء والأشخاص والأحداث بوجوهها المختلفة

التأقلم والتكيّف إذاً دليل آخر على أن الإنسان قادر على أن يكسر الحواجز والقوالب والسدود

قادر على أن يُعدّل وضعه وفق الشروط الجديدة

وبمعنى آخر أن الإنسان بقدرته على التكيّف يمتلك القدرة على التغيير .

والبعض من الرجال والنساء يمارسون تمارين رياضية في تربية الإرادة وتقوية التحكم بالنفس والسيطرة عليها

فالبعض مثلاً كان ينام في النهار لساعة أو ساعتين لكنه قرر أن يُوقف هذه العادة ويلغيها من برنامجه اليومي

وقد يشعر بالصداع ليوم أو يومين أو لبضعة أيام . .
ثم ما هي إلا أيام حتى يعتاد الوضع الجديد

فيعرف أن الصداع الذي شعر به بعد ترك عادة النوم ظهراً وهمي أو إنه رد فعل طبيعي لترك عادة مستحكمة
تحتاج إلى وقت حتى يزول تأثيرها

والبعض ترك عادة شرب الشاي والقهوة وشعر أيضاً بالصداع لكنه مالبث أن قهر هذا الشعور

ومالبث أن إستقامت حياته بدون الشاي أو القهوة وكأن شيئاً لم يكن .

والبعض ترك التدخين وشعر كذلك بالصداع والشوق إلى التدخين لكنه تغلب عليه بالصبر والمران والمقاومة

والبعض كان إذا غيّر مكان نومه لا ينام , بل إذا تغيّرت وسادته لا يأتيه النوم ويبقى قلقاً حتى الصباح

لكنه بشيئ من التصميم غلب هذه العادة وكسر هذا القيد
هذه تمارين في تربية الإرادة والخروج على السائد والمألوف

لذلك تأكدوا أن تغيير الطباع والعادات أمر ممكن و ميسور .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى