تنمية بشرية

أفضل طرق تغيير السلوك

أفضل طرق تغيير السلوك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل تذكر المرة الأخيرة التي حققت فيها إنجازًا مهمًا في حياتك، أو غيرت فيها سلوكك بطريقة لم تتخيلها أبدًا؟ هل كان ذلك استجابة إلى وعيد أم وعد بمكافأة؟

من نافلة القول أن الدماغ هي المحرك الذي يقودنا ونتلقى منه الإشارات للعمل؛ من ثم، تُعد اللغة التي نستخدمها غاية في الأهمية، فهي تحدد كثيرًا فيما يخص صحتنا الجسدية والعقلية.

التهديد في مقابل المكافأة

على الرغم من أن بعض الناس قد يعتقدون أن التهديد والوعد بالمكافأة وجهان لعملة واحدة، لأن كلاهما طريقتان تساعدان الآخرين على تغيير سلوكهم، إلا أن كل منهما يؤثر على الدماغ والجسم أيضًا بطريقة مختلفة تمامًا. كل إنسان يحتاج إلى حافز يدفعه إلى العمل؛ وقد تعرفنا منذ سن مبكرة إلى هذين المفهومين بطريقة ما: الوعد بالمكافأة أو التهديد بالعقاب.

وكلاهما يصلح إلى حد ما، ولكن أيهما أفضل؟ الترغيب أم الترهيب؟ حسنًا، توصلت دراسة أُجريت عن هذه المسألة إلى نتائج مثيرة للاهتمام للغاية بتسليط الضوء على تأثير كلتا الطريقتين على الدماغ والجسم.

فالاستجابة إلى الفرص أو التهديد لهما طبيعة عاطفية؛ فكلاهما يرتبط مباشرة بالجهاز الحوفي في الدماغ، وهو المسئول عن الاستجابات العاطفية. وهناك محفزات قوية مثل الوعيد والتهديد؛ إذ يثير استجابة عاطفية قوية، سواء كان هذا التهديد داخلي أو خارجي. فينشط الجهاز العصبي الودي استجابة لهذا التهديد لبدء ما يُشار إليه غالبًا باستجابة «الكر أو الفر». ونتيجة لذلك، يُطلق الكورتيزول – وهو هرمون يزيد من نسبة السكر في الدم ويثبط جهاز المناعة لإعادة توجيه الطاقة لمواجهة التهديد – بالإضافة إلى هرمونات أخرى تحاول جميعها مساعدة الجسم على الاستعداد لاستجابة جسدية قوية.

من ناحية أخرى، عندما يتلقى الإنسان مكافأة، يطلق الجهاز الحوفي والعقد القاعدية، وخاصة النواة المتكئة، الناقلات العصبية؛ فترتفع مستويات الدوبامين ويشعر الإنسان بالرضا والسرور. وهذه المشاعر تعزز ميلنا إلى تكرار هذا السلوك لنحصل على نفس الشعور مرة أخرى.

تُظهر الدراسة أيضًا أن ميلنا نحو الاستجابة بشكل فعال إلى الوعد بالمكافأة أو الوعيد بالعقاب يتغير على مدى الحياة. فالأطفال يميلون إلى الاستجابة بفاعلية إلى مفهوم المكافأة، بينما يدرك البالغون مفهوم التهديد والترهيب. ولكن، يتحول هذا الأمر عندما نتخطى سن الأربعين؛ فنستجيب بشكل أفضل عندما نتلقى مكافأة.

استراتيجية إيجابية لنتائج أفضل

باختصار، للتهديد والتحذير تأثير ضئيل على السلوك. فعلى المدى الطويل، يؤديا إلى قصور في عمليات الإبداع، وسرعة نفاد طاقة الفرد، وزيادة الإجهاد النفسي؛ مما يؤثر على ذاكرتنا وقدرتنا على التركيز، وينشأ عنهما الإصابة بنوبات الذعر. على عكس ذلك، تثير المكافأة إحساس بالرضا، وتساعدنا على تحديد أهدافنا، وتدفع أدمغتنا نحو السعي إلى التقدم.

إذا كنت قد تساءلت يومًا لمَ لا يتمتع الجميع بردة الفعل نفسها عند تعرضهم إلى المعاملة ذاتها، فقد أصبحت الإجابة الآن أكثر وضوحًا.

دمتم بعافية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى