تنمية بشرية

يحدث هذا في إيرلندا، فهل يا تراه يحدث عندنا..!!

يحدث هذا في إيرلندا..

يحكى أن طبيباً سودانياً.. كان قد سافر إلى «دبلن» لامتحان الجزء الأول من تخصصه الطبي.. وكانت رسوم… ذاك الامتحان هي 309 جنيهاً استرلينياً.. ولأن الطبيب لم يجد «فكة» فقد دفع 310 جنيهاً.. وفجأة جاءه خطاب من الكلية في السودان.. بعد أن عاد من «إيرلندا» وفي طي الخطاب شيك بواحد جنيه.. مع الإيضاح للطبيب.. أنه كان قد دفع للكلية 310 جنيهاً.. مع أن الرسوم.. هي 309 جنيهاً.

 

والحق.. فقد أعادتني هذه القصّة لأحداث شخصية حدثت معي شخصياً أولها.. في العام 1968 كنت قد اشتريت لوري.. بدفورد صنع انجلترا.. من وكيل الشركة هنا في الخرطوم.. بملبغ ألفين وأربعمائة جنيه سوداني..

وبعد أربعة أو ستة أشهر وصلني خطاب.. من الشركة يبلغني بأن المصنع الانجليزي.. قد أفادهم.. بخطاب.. به اعتذار..

معتذراً المصنع بأن هناك خطأ في تكلفة التصنيع وأن الثمن الحقيقي للوري .. هو فقط .. 2370 جنيهاً.. وعليه.. ترجو إدارة المصنع الاتصال بالشركة حتى استرد منها ثلاثين جنيهاً.

 

سعدت حد الطرب.. ليس لذاك الفرق لصالحي.. ولا لثلاثين جنيهاً هبطت فجأة في «جيبي» ..كانت سعادتي لتلك الروح والأخلاق العالية والأمانة النادرة.. والدقة المتناهية.. التي يتمتع بها المواطن البريطاني.. وحزنت حد البكاء وأنا انظر حولي.. لأقيس وأقارن.. كيف أن السواد الأعظم من بني وطني.. ومن جماهير شعبي.. الذين يعملون بالتجارة.. والتعامل.. المباشر مع بني وطنهم.. كيف أنهم.. يجافون.. تعاليم دينهم.. الذي يحث على الأمانة والصدق.. وكيف يحرم.. أكل أموال الناس بالباطل..

 

وحادثة أخرى في عام 1978م بحيث كنت أقيم في «بادنجتون» .. استقل يومياً قطار الأنفاق.. من تلك المحطة.. ويومياً.. كنت أمر على «كشك» سيدة انجليزية عجوز.. أثرثر معها .. ثم اشتري «لوح» شيكولاته .. بمبلغ ثمانية عشر بنساً.. كانت تلك العجوز.. «ترص» الواح الشيكولاته على «الرف» مع وضع لائحة تعلن ثمن السلعة.. جئتها يوماً وكالعادة .. و لمحت.. أنها قد وضعت على «رف» آخر.. الواحاً من الشيكولاتة.. ولكنها تحمل لائحة السعر وهو عشرون بنساً و الرف الآخر مكتوب عليه ثمانية عشر بنساً.. سألت المرأة.. اليوم أرى عندك.. نوع جديد .. أجابت : نفس النوع.. واصلت متسائلاً . إذن وزن وحجم جديد.. أجابت نفس الوزن والحجم.. قلت إذن هو مصنع آخر ..أجابت: نفس المصنع.. هنا سألت إذن لماذا هناك ثمنان واحد ب 18 بنساً.. و آخر ب20 بنساً.. أجابتني قائلة.. هناك مشاكل في نيجيريا.. التي يأتي منها الكاكاو وهذا هو الثمن الجديد.. هنا سألت قائلاً ترى من يشتري منك بعشرين بنساً مادام أنت تبيعين نفس النوع بثمانية عشر بنساً.. هنا قالت نعم أنا أعمل ذلك.. ولكن بعد أن ينفد ذاك الذي هو بالسعر القديم.. سوف يشتري الناس بالسعر الجديد..

 

هنا قلت لها في غفلة ولا مبالاة .. لماذا لا تخلطين النوعـين معاً وتبيعين بالسعر الجديد.. أي بعشرين بنساً..

 

هنا جحظت عيون المرأة.. ثم مالت نحوي.. وهي تهمس في فزع.. هل أنت حرامي؟؟

 

ولا زلت.. ومنذ ذاك التاريخ.. أسأل نفسي

هل أنا حرامي؟؟ أم هي غشيمة..

إذا كنت أنا حرامي كيف هم أولئك الذين يشترون آلاف الجوالات من الدقيق… وعندما يرتفع السعر يبيعون.. بالسعر الجديد..

 

وفي أي «سقر» أو «جحيم» أو «سعير» يتقلب فيها «محروقاً» من يزيد فجأة سعر «البصل» في مخازنه.. ويبيعه بالسعر الجديد.. رغم أنه قد اشتراه بالسعر البائس الزهيد القديم..

 

ولن أكتب حرفاً واحداً عن «مخزني» السكر

 

فهؤلاء .. سيواجهون.. أمراً «مراً» في ذاك اليوم الرهيب…

 

سبحان الله عرضت عليكم هذا الصنف من البشر لأذكركم ونفسى بديننا الحنيف وأخلاقة ومبادئه العظيمة ونحن أولى بهذه الأخلاق العالية الصادقة

منقول بتصرف

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى