اعداد محاسب

نشأة المحاسبة الادارية وتطورها خلال القرن العشرين

نشأة المحاسبة الادارية وتطورها خلال القرن العشرين

المؤلف : د . زياد هاشم يحيى د. قاسم محسن الحبيطي

المصدر : تأثير التطورات التكنولوجية والبيئية على المحاسبة الأدارية في القرن الحادي والعشرين

الجزء والصفحة : ص3-6

 

نشأة المحاسبة الادارية وتطوراتها خلال القرن العشرين :

يمكن القول ان بدايات التفكير بالمحاسبة الادارية كفرع من فروع المعرفة المحاسبية قد نشا نتيجة حاجة الوحدات الاقتصادية الى بيانات ومعلومات تساعد في حل المشكلات الكبيرة التي تتعلق بالقرارات المستقبلية والتخطيط لها خلال فترة زمنية اطول من الفترة المالية الواحدة التي كانت تغطيها محاسبة التكاليف ،اضافة الى ضرورة وجود نظام مسؤول عن تجميع ومعالجة البيانات وتهيئتها كمعلومات يمكن ان تحقق الاستفادة من قبل مستخدميها الذين لهم علاقات ـ مباشرة او غير مباشرة ـ مع الوحدة الاقتصادية المعنيَة ، ومن هنا يمكن القول ان ظهور المحاسبة الادارية كان ” استجابة لحاجة الادارة العلمية الحديثة الى نوعية معينة من المعلومات المحاسبية اللازمة لأغراض التخطيط والرقابة واتخاذ القرارات ، وكذلك المساهمة بدور اكبر في حل المشكلات الادارية التي يمكن ان تواجهها ادارة الوحدة الاقتصادية ، وعلى هذا الاساس اخذت توصف المحاسبة الادارية بانها : امتزاج عملي بين المحاسبة والادارة “(1)

وان تطور الحاجة الى تفصيل وتحليل اكثر للبيانات والمعلومات المحاسبية لتلبية الاحتياجات الداخلية والخارجية قد تطلب ان يكون هناك اندماجا وتكاملا بين نظم المعلومات الفرعية على مستوى الوحدة الاقتصادية وخاصة بين نظامي المعلومات الاساسيين في اي وحدة اقتصادية وهما : نظام المعلومات المحاسبية AIS (بكافة نظمه الفرعية ) ونظام المعلومات الادارية MIS (بكافة نظمه الفرعية ) انطلاقا من ان وظائف المحاسبة والادارة تكمل بعضها بعضا ، وانهاء الفكرة الخاطئة بان المحاسبة اداة لخدمة ادارة الوحدة الاقتصادية التي حلت محلها فكرة ان كلا من المحاسبة والادارة اداتين تنفيذيتين في خدمة اهداف الوحدة الاقتصادية ، فالمحاسب ليس مسؤولا عن حل مشكلات الوظائف الادارية بل يشارك الادارة في حل المشكلات التي تجابه الوحدة الاقتصادية (2) ، كما ان المحاسب اذا ما كان يعمل كجزء من الادارة الاساسية فانه سوف يساهم في اضافة قيمة الى العمل الاداري (3) . وعليه فان الامر قد تطلب تطور نظم المعلومات الفرعية ضمن الوحدة الاقتصادية بحيث تعمل تحت نظام كلي ومتكامل للمعلومات اطلق عليه : النظام المتكامل للمعلومات المحاسبية والاداريـةintegration System of Accounting & Administration Information والذي يتمثل بنظام المحاسبة الادارية MAS .

واذا ما عدنا الى القرن العشرين والقينا نظرة تاريخية على اهم المظاهر التي اتسم بها القرن الماضي ومدى تأثيرها على المحاسبة الادارية فسوف نلاحظ مجموعة من التغيرات التي ساهمت في تطوير المحاسبة الادارية من حيث مفهومها واساليبها ودورها في الوحدة الاقتصادية ، وذلك من خلال التقسيم الزمني الاتي :ـ

1ـ بدايات القرن العشرين حتى نهاية الاربعينات .

لقد شهدت بدايات القرن العشرين ظهور حركة الادارة العلمية الحديثة التي ركزت على ضرورة استخدام الاساليب العلمية في الادارة وما يتعلق بها من وظائف يمكن ممارستها في الوحدات الاقتصادية ، كما اتسمت هذه الحقبة الزمنية بما اطلق عليه ” الثورة الصناعية ” ، حيث تم التركيز على عمليات الانتاج في الوحدات الاقتصادية وضرورة تحديد تكاليف المنتجات ، ومن هنا بدا الاهتمام بـ ” محاسبة التكاليف ” وهو ما يمثل بداية الاهتمام بالمحاسبة الادارية خلال هذه الفترة،على اعتبار ان محاسبة التكاليف اخذت تمثل ـ فيما بعد ـ احد المقومات الاساسية ضمن نظام المحاسبة الادارية .

2- بداية الخمسينات حتى بداية الثمانينات .

تمثل هذه الحقبة الزمنية المساحة الواسعة التي شهدت فيها المحاسبة الادارية تطورات عديدة خاصة فيما يتعلق في تحديد مفهومها ومقوماتها واهدافها واساليبها العلمية التي نشأت نتيجة الحاجة اليها في ضوء التطورات العديدة التي شهدتها هذه الفترة ، وكما يأتي :ـ

ا ـ من حيث المفهوم ، فقد تحدد مفهوم خاص بالمحاسبة الادارية تطور بتطور الحاجة اليها وعلاقتها مع فروع المحاسبة الاخرى وكذلك مع الادارة، حيث اُخذ ينظَر اليها بدايةَ على انها : تطوير او تعديل بيانات المحاسبة المالية لتناسب الاحتياجات الادارية ، ثم : اختصاصها بتقديم بيانات مفيدة عن نشاط الوحدة الاقتصادية لإدارتها الداخلية التي تعتمد في اتخاذ قراراتها على هذه البيانات وكذلك فان المحاسبة الادارية تكمل وظائف المحاسبة والادارة مع بعضها البعض من حيث انها تبحث في دراسة البيانات المحاسبية اللازمة للادارة والبيانات الادارية اللازمة للمحاسبة ، كما ان مفهوم ” المحاسبة الادارية ” يعد مفهوما تطويريا في النظرة الى المفهوم الحديث لمحاسبة التكاليف ، حيث يؤكد Horngran انه ” عادة ما يطلق على محاسبة التكاليف الحديثة المحاسبة الادارية ” (4) .

 

واخيرا فان النظرة الحديثة للمحاسبة الادارية من خلال مفاهيم نظم المعلومات من حيث انها تمثل النظام الشامل للمعلومات في الوحدة الاقتصادية من خلال نظم المعلومات المحاســبية ( بكافة نظمه الفرعية ) ونظام المعلومات الادارية ( بكافة نظمه الفرعية ) اضافة الى قدرته على التعامل مع فروع المعرفة الاخرى والاستعانة بها وخاصة : العلوم الادارية والاقتصادية والاحصاء وبحوث العمليات والحاسبات الالكترونية والعلوم السلوكية ….. الخ (5) .

ب ـ من حيث المقومات ، ان النظرة الى المحاسبة الادارية كنظام للمعلومات استوجب ان يكون هناك مقومات يستند اليها في عمله ، وقد تكونت هذه المقومات اعتمادا على الحاجة من البيانات اللازمة لتشغيل النظام، وعليه فقد تم تحديد مقومات نظام المحاسبة الادارية بكل من : النظام المحاسبي المالي ، النظام المحاسبي التكاليفي ، نظام الرقابة المالية (6) .

ج ـ من حيث الاهداف ، فقد تطورت اهداف المحاسبة الادارية انطلاقا من قدرتها في تحقيق اهداف الوحدة الاقتصادية والجهات ذات العلاقة معها ، ونظرا للحاجة الى بيانات ومعلومات للجهات الداخلية والخارجية معا فقد تم تطوير مخرجات النظام المحاسبي المالي للوفاء بهذه الاحتياجات ، كذلك فان الحاجة الى بيانات ومعلومات عن المدى المستقبلي طويل الاجل قد ادى الى تطوير اهداف النظام المحاسبي التكاليفي الذي يركز على المدى المستقبلي قصير الاجل .

د ـ من حيث الاساليب العلمية ، فقد تطورت الحاجة الى وجود اساليب علمية خاصة بالمحاسبة الادارية تتمكن من خلالها توصيل البيانات والمعلومات المحاسبية الى كافة الجهات التي تحتاج اليها وتمكينها من اتخاذ القرارات المناسبة في ضوئها ، وعليه فقد تطورت الاساليب العلمية للمحاسبة الادارية حتى شملت كلا من : اسلوب الموازنات ، اسلوب التكاليف المعيارية ، اسلوب محاسبة المسؤولية ، اسلوب تحليل التعادل ( اسلوب علاقات التكلفة ـ الحجم ـ الربح ) ، اسلوب اسعار التحويل ، اسلوب تحليل المدخلات والمخرجات .

3 ـ بداية الثمانينات حتى بداية التسعينات .

تركز الاهتمام خلال هذه الفترة الزمنية بإمكانية التوصل الى الاحتساب الدقيق للتكاليف وذلك من خلال الاعتماد على اساس او اسلوب اكثر علمية ودقة في تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة Overhead Costyng باستخدام اسلوب التكاليف على اساس الانشــطة ( Activity Based Costing ABC ) ، وقد بدا الاهتمام باستخدام اسلوب ABC في الوحدات الصناعية الا انه ما لبث ان استخدم في الوحدات الخدمية ومن ثم المالية ( وخاصة في مجال المصارف ) .

4ـ اواسط التسعينات حتى بدايات القرن الحادي والعشرين .

تمثل هذه الفترة الزمنية احدث ما حصل للمحاسبة من تطورات مازالت في بداياتها ، وهي ما يتوقع ان تساهم في تطوير المحاسبة الادارية خلال القرن الحادي والعشرين ، حيث حدثت ثورة في الاستخدامات المعتمدة على التكنولوجيا سواءً فيما يتعلق باعتماد اساليب التصنيع الحديثة او في استخداماتها لأغراض التجارة ( التجارة الالكترونية ) او فيما يتعلق بكيفية الحصول على البيانات وتشغيلها من خلال الاستفادة من تقنيات الحاسبات الالكترونية وامكانية التعامل مع الانترنيت .

ويلاحظ خلال هذه الفترة ظهور اساليب فنية وادوات متطورة مثل اساليب المحاسبة عن التكاليف على اساس الانشطة ABC، وتقنية ضبط الوقت JIT لكافة الانشطة ، وادارة الجودة الشاملة TQM، وضبط الجودة الشاملة TQC، والتكاليف المستهدفة TC،والعيوب الصفريةZD ودوائر الجودة QC واساليب التحسين المستمر CI ، وبعض الاساليب الفنية التي تساير نظم التصنيع الحديثة مثل نظم التصنيع المرنة F MS ، ونظم التصنيع الالية ذاتية التشغيل F M A ونظم التصنيع المتكاملة المراقبة الكترونيا في جميع مراحل التشغيل C I M ، وغيرها من النظم (7) .

________________________________________________________________

1- زياد هاشم يحيى ، فاعلية نظام المعلومات المحاسبية في وحدات القطاع الأشتراكي ـ دراسة ميدانية في المنشأة العامة لصناعة الألبسة الجاهزة في الموصل ، رسالة ماجستير في المحاسبة ، كلية الأدارة والأقتصاد – جامعة الموصل ، نيسان 1990 . ص 25-28 .

2- د . مكرم عبد المسيح باسيلي ، المحاسبة الأدارية ـ مدخل معاصر في التخطيط والرقابة وتقويم الأداء ، ط 3 ، المكتبة العصرية ، ج . م . ع ، 2001.

3- D.C. Basu , cost & Management Accountants , Vision in the Emergin Environment , The Management Accountant , January, 2001. P 24 .

4- هورنجرن ويخرون ، محاسبة التكاليف ، ترجمة دار المريخ ، المملكة العربية السعودية ، 1996 . ص 18 .

5- زياد هاشم يحيى ، وآخرون ، أهمية تطبيق اساليب المحاسبة الأدارية في المنشآت العراقيـة ـ دراسة ميدانية في منشآت مختارة ، مجلة تنمية الرافدين ، العدد 61 ، 2000 . ص 161 .

6- أحمد محمد بسيوني هاشم ، المحاسبة الأدارية ـ إطار نظري ـ أساليب عملية ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ،1988 ، ص 37 .

7-  باسيلي ، مصدر سابق ، ص 117 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى