تنمية بشرية

لا تحاول تغيير العالم من حولك

يحكى عن ملك كان يحكم دولة ممتدة الأطراف ،وأراد هذا الملك يوماً أن يقوم برحلة برية تستغرق منه أيام وليالي طوالاً ، وبالفعل قامالملك بجولته ، لكنه وفي طريق العودة شعر بألم في قدميه ،وطالعهما فإذا هم متورمتان بشكل كبير ومؤلم ، بسبب الطريق ووعورته.

فأصدر الملك مرسوما ملكيا يقضي بتغطية شوارع المملكة كلها بالجلد ، كي لا تتورم قدماه مرة أخرى .
لكن المسألة كانت صعبة، فليس من السهل أن تُغطى كل المملكة بالجلد ، وهنا كان لوزير الملك ذو العقل النبيه رأي آخر ،فقال لسيده : مولاي ولما لا تغطي قدميك بالجلد ، وتحكم تغطيتهما فهذا أسهل وأيسر في التطبيق .

وكانت هذه قصة أول نعل في العالم.

ومن هذه القصة أقطف حكمة ، فحينما يكون العالم غير مهيأ للسير فيه، فلا تحاول أن تغير من طبيعته ، فهذا ليس بالأمر السهل الهين ، بل غير من أساليبك ، فالتغيير حينما يكون في محيطك يكون ممكنا، وأكثر تأثيرا.

أما أن تحاول تغيير العالم ، وتطالبه بأن يعمل على التحرك وفق رؤيتك فهذا شيء صعب المنال .

يقول الرافعي في وحي القلم ألا ما أشبه الإنسان في الحياة بالسفينة في أمواج هذا البحر إن ارتفعت السفينة أو انخفضت أو مادت ، فليس ذلك منها وحدها ، بل مما حولها . ولن تستطيع هذه السفينة أن تملك من قانون ما حولها شيئاً ،ولكن قانونها هي الثبات ، والتوازن والاهتداء إلى قصدها ونجاتها في قانونها .فلا يعْتِبَنَّ الإنسان على الدنيا وأحكامها ،ولكن فليجتهد أن يحكم نفسه)

أنت ربان حياتك وقائدها ، والأعاصير لم تأت يوما بأمر بشر ، ولم تذهب إرضاء لأحد ، نحن من نحدد الوجهة ، ونوجه الشراع ، ونختار الاتجاه . حتى الذين كان لهم كلمة وأثر في تغيير بعض أحداث الحياة ،كانت سطوتهم أول الأمر ذاتية ، حتى إذا سيطروا على أنفسهم وملكوا زمامها ،حولوا وجهتهم إلى دائرة أوسع .. فأوسع .

أما أن تصارع العالم ،صارخاً فيه أن يكون كما تريد فهذا وهم وجرأة قد تدفع ثمنها غاليا .

إشـــراقة : مهما كانت حياتك قاسية،تعايش معها: لا تلعنها أو تسبها. لا تنشغل بمحاولة الحصول على أشياء جديدة… فالأشياء لا تتغير، بل نحن من يتغير…هنريدافيد ثورو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى