تنمية بشرية

ذو القرنين ما بين الكفاءة والفاعلية كمدير

ان تحقيق الكفاءة

(efficiency) والفاعلية (effectiveness) فى وقت واحد فى علم الادارة امر فى غاية الصعوبة فالمدير أمامه أمران إما الوصول الى هدف المؤسسة دون النظر الى التوظيف الأمثل للموارد واما يتنازل عن بعض الاهداف من أجل تحقيق أعلى توظيف للموارد المتاحة. لذلك تحقيق أعلى درجة من الكفاءة مع أعلى درجة من الفاعلية أمر لا يمكن الوصول إليه على الاطلاق طبقا للنظريات الإدارية وما على المدير إلا ليحقق شئ من التوازن بينهما ولكن نجد فى القصص القرآنى العجب كل العجب فهناك نموذج من المديرين حقق أعلى معدل للكفاءة بتوظيف الموارد المتاحة التوظيف الأمثل وفى نفس الوقت كان فعالا إلى أقصى درجة بوصوله الى الهدف المرجو من العملية الإدالية بل حقق بالفعل مستهدفا اكبر من الهدف الاساسى ؟ بالفعل لقد تحقق هذا على يد نموذج فريد من المديرين إنه ذو القرنين هذا الرجل الى ذكرت قصته فى القرآن الكريم بسورة الكهف
ليس هناك مجال لسرد تفاصيل قصة ذى القرنين ورحلته الأولى حيث ذهب الى اقصى مغرب الارض والثانية حيث اقصى مشرقها ولكن التركيز على بعض المعانى من رحلته الثالثة التى ذكرها الله عز وجل فى اللآيات التاليه
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا* قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا*  آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا *فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا *قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا
 وصل ذو القرنين الى قوم يعيشون بين جبلين يعانون من قوم همج هم يأجوج و مأجوج وهؤلاء لهم طبيعة مأساوية كما وضح فضيلة الدكتور على محمد الصلابى فى كتابه فقه النصر والتمكن فى القرآن الكريم حيث انهم  متخلفون: “لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً” لا يفقهون لغة الغير ولا يتفاعلون مع التقدم الحضارى  وضعفاء, ولذلك عجزوا عن صد هجمات يأجوج ومأجوج وعاجزون عن الدفاع عن أرضهم, ومقاومة المعتدين و اتكاليون كسالى, لا يريدون أن يبذلوا جهدًا ولا أن يقوموا بعمل وهذه هى نوعية الموارد البشرية التى سيستعين بها ذى القرنين مؤخرا كمدير لتحقيق الهدف ولكن ما هو الهدف ؟ تأتى الايه الكريمة التالية لتوضح لنا الهدف “قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا” فالهدف اصبح واضحا هو بناء سد لحمايتهم فبمجرد بناء هذا السد اكتمل الهدف وتحقق جانب الفاعلية (effectiveness) من العملية الإدارية القائم عليها ذى القرنين ولكن يأتى ذو القرنين ليرفع سقف الأهداف كما وضحت اللآية الكريمة القادمه “قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا” من بناء مجرد سد الى بناء ردم اكثر صلابة ومتانه من السد ليكون نموذج رائع للمدير الطموح الذى يبحث عن الافضل والأمثل وليس مجرد القيام بالمهام . ولكن كيف سيحقق هذا الهدف؟ هل بالطريقة التى ارتضاها هؤلاء القوم بمجرد دفع المال له ولجيشه لتحقيق هذا المستهدف فلو كان السيناريو هكذا لحقق ذو القرنين أعلى درجات الفاعلية (effectiveness) وأدنى درجات الكفاءة (efficiency).
كان لذى القرنين العديد من الموارد الحالية أهما المورد البشرى الذى كان لديه الكثير نقاط الضعف كما ذكرت سابقا بالاضافة الى المواد الخام من الحديد والنحاس والمال الذى عف عنه ليعطينا درسا اخر فى سمات المدير العفيف نظيف اليد وكان همه الاكبر هو نقل هؤلاء القوم نقلة حضارية بإخراجهم من الإتكال والكسل الى العمل والنشاط “فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ” فأراد ان يبعث فيهم روح الجد والتعب والعمل الجماعى ” آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا “ فقد كان ذو القرنين حريصا على مصلحتهم بجعلهم هم انفسهم من يشاركون لتحقيق هدفهم فقد وظفهم التوظيف الامثل تحت قيادته وخلع عنهم الروح الانهزامية التى تملكتهم سنين وهذا واجب المدير تجاه من يرأسهم أن يفجر فيهم الطاقات ويشجع المواهب والابتكارات الامثل بجانب ان ذو القرنين كان مثقف الفكر بدليل استغلاله الاستغلال الامثل للمواد الخام من حديد ونحاس وعمل سبيكة من تلك المعدنين لإحكام عمل الردم (المستهدف) وبذلك استطاع ذو القرنين تحقيق أعلى درجات الكفاءة (efficiency) فقد كان يستطيع بناء مجرد سد بتوظيف جيشه وبذلك فقد حقق الهدف ولكن ماذا عن الجانب البشرى هل يتركهم تنابله كما هم؟ إن النقله الحضارية الانسانية التى قام بها ذو القرنين انه بنى العنصر البشرى قبل بناء الردم نفسه جعل منهم عناصر منتجه فعاله تشعر بقيمتها فى الحياة وجعلهم هم من يحققون مستهدفهم من بناء الردم حتى يشعروا بقيمة ما وصلو اليه .زرع  ذو القرنين فيهم قيمة العمل الجماعى وكسر حاجز الانعزالية داخلهم فإذا ارادو بناء ردم ثانى وثالث حتى فى عدم وجود ذى القرنين لفعلوا فقد اثار فيهم قيمة الانسان قبل ان يبنى البنيان إن ذى القرنين أحد النماذج التى أشار القرآن الكريم  إليها كقائد ومدير نحن فى أشد الاحتياج إليه فى مؤسساتنا الأن خصوصا بعد زوال دولة الظلم والرشوة والتطلع الى بناء مصر النهضة مصر ذات المرجعية الاسلامية.
 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى