اعداد محاسب

توضيح كل شى عن خطابات الضمان (خطاب الضمان)

كل شى عن خطابات الضمان

لا جدال إطلاقاً في أن الحياة الاقتصادية تعتمد اعتماداً كبيراً على عاملين هما :
عامل السرعة و ذلكنظراً للتطورات الكثيرة التي تحدث في عصرنا و التي تتلاحق باستمرار . و عامل الثقةفي الائتمان المصرفي.
و من الظواهر الملفتة للنظر كثرة هذه التطورات في ميدانالإنتاج و تزايد الأهمية للتجارة الدولية ، و التي تقفز معدلاتها باستمرار إلى أعلىبنسب كبيرة ، و نظراً لتقريب المسافات بين الدول ، و تشابك المصالح فيها لدرجةكبيرة لم تحدث من قبل استوجب الأمر ضرورة السرعة في الوفاء بالتعهدات الدولية مثلالإيفاء بأثمان البضائع المتبادلة ، و ضمان حق الدولة و الهيئات و الأفراد فيالمعاملات و أعمال المقاولات و الخبرة و غيرها مما يشكل عنصراً من عناصر الأمان والاستقرار لهذه المعاملات ، و يؤدي إلى إنمائها و تطورها تطرواً سليماً فيزيد فيالنهاية من صور التعاون البناء بين الدول خاصة بين الدول النامية التي تولي هذهالعمليات اهتماماً بالغاً مما يؤدي في النهاية إلى القفز بمعدلات التنمية في بلادهالاجتياز الفسحة بينها و بين البلاد المتقدمة .
إذ كثيراً ما تدعو الحاجة فينطاق المعاملات اليومية إلى قيام أحد الأطراف في تعاقد خاص بتوريد سلع أو خدماتبإيداع مبلغ نقدي لضمان حسن تنفيذ التزامه أو لتفادي الإخلال بشروط التعاقد ، و يتمالتأمين النقدي عادة بأداء نسبة معينة من قيمة التعاقد نفسه على أن يقوم المتعاقدباسترداد ما أودعه عقب تنفيذ التعاقد المبرم على الوجه المتفق عليه.
وقد يحدث فيالعمل أن يسبق هذا التعاقد إجراء مناقصة عامة يتقدم فيها بعطاء من يرغب في التعاقدبشأنها ، و قد تشترط الجهة التي أعلنت عن المناقصة وجوب إرفاق المقدم بتأمين نقديمعين ، و ذلك حتى تضمن جدية الرغبة لدى المتقدمين بعطاءاتهم .
و هنا نجد أنالجهاز المصرفي يقوم بدور هام في مختلف الخدمات المصرفية التي يقدمها لبلاده ولعملائه و المتعاونين معهم في البلدان الأخرى.
كتلك الخدمات التي تقدم عن طريقفتح الاعتمادات المستندية ، أو إصدار خطابات الضمان أو تحصيل الكبيالات المستندية وكذلك إتاحة استعمال رسائل الائتمان المصرفي بأشكاله المتنوعة .
كما أن الدول – وخاصة الدول النامية ذات الموارد النفطية – تقوم عادة بأعمال إنشائية من اجل التنميةو التعمير كبناء المدارس و الوحدات الصحية و الجامعات و الإسكان و بناء المصانع والمعامل مما يستدعي حركة عمران نشطة يعهد بها في الغالب إلى شركات عالمية ذات خبرةو اختصاص في هذا المجال.
و من هنا تقوم الدولة بالتعاقد مع الموردين سواءبالداخل أو بالخارج لتغطية احتياجاتها ، و قد يستدعي الأمر دفع الثمن مقدماً ، وهنا لا بد من ضمان حق الدولة في هذه المبالغ فيأتي دور الجهاز المصرفي في تأمينمصالح الدولة بوسيلة أقوى و هي خطابات الضمان التي تصدرها المصارف المحلية أو تقومبإصدارها لحساب المصارف الخارجية نيابة عن عملائها في البلاد الأجنبية ، وفاءاً لمادفع لهم مقدماً أو ضماناً لحسن تنفيذ تعاقداتهم .
هذه بعض الأمثلة التي تصدربشأنها خطابات الضمان ، و ليس هناك حصر شامل لأنواع تلك الخطابات لأنها غير متناهيةإذ يمكن أن تطلب من المصرف حيثما دعت الحاجة إلى توفير الثقة بين المتعاملين .
و من هنا يمكن القول أن خطابات الضمان من حيث الواقع تعتبر نوعاً منالتسهيلات الائتمانية التي تقدمها المصارف لزبائنها ، و قد أشارت محكمة النقضالمصرية صراحة إلى هذا المعنى فقالت :
” من الجائز أن يتخذ عقد القرض صورةمختلفة غير صورته المألوفة من قبيل الخصم و فتح الاعتمادات و خطابات الضمان باعتبارأنه يجمع بينها كلها وصف التسهيلات الائتمانية ، و يصدق عليها تعريف القرض بوجه عامالوارد في المادة 538 من القانون المدني ” .
و قد درجت المصارف عندنا فيليبيا عندما توافق على منح زبون تسهيلات مصرفية أن تذكر صراحة أن هذه التسهيلاتتمنح في صورة سحب على المكشوف ، و فتح اعتمادات مستندية ، و كمبيالات مخصومة ، وخطابات ضمان و تحدد لكل هذه الأنواع رقماً محدداًَ .
و معلوم أن المصارف لا تقومبهذه الخدمات دون مقابل فهي تحصل على عمولات مجزية نظير إصدارها لهذه الخطابات فيمقابل مسؤولية تنفيذ تعهداتها إذ في بعض الأحيان تجد نفسها مضطرة للوفاء بقيمةالضمانات ، و تظهر خطورة ذلك في حالة إعسار الزبون التي أصدرت الضمانة بناءاً علىطلبه و لحسابه .
أو أن الضمان المقدم من جانب الآمر ” الزبون” غير كاف أو قلتقيمته أو استولت عليه الدولة بدون مقابل كعقار نزعت ملكيته للمنفعة العامة ….

و خلاصة القول :
أن لخطابات الضمان أهمية تتضح في الآتي :
فيأن خطابات الضمان ارتبطت بأعمال المقاولات ، و التوريدات العامة ، و كذلك فيالمناقصات العامة .
و أن الشركات العامة و المقاولون يفضلون خطابات الضمان علىتقديم الضمان النقدي عندما يتعاملون مع أجهزة الدولة لعدة أسباب منها لأن خطاباتالضمان تعتبر نوعاً من التسهيلات الائتمانية التي يحصل عليها المقاولون من المصارف. و لسهولة استرجاعها بخلاف فيما لو قاموا بإيداع مبالغ نقدية حيث يتعذر ترجيعالمبالغ من خزائن الجهات العامة إلا بعد مطالبة ثم مرور بالروتين الإداري المميت ،و أحياناً تخصم نسبة لصالح خزينة الجهة العامة . كما أن المقاولين يفضلون خطاباتالضمان عن الصكوك المصدقة كضمان لأن الصكوك المصدقة تعني تجميد لجزء من أموالهمفترة من الزمن هم بأشد الحاجة إليها.
و ان المصارف لا تقوم بإصدار خطاباتالضمان لحساب عملائها مجاناً بل نظير عمولة ، و من ثم فإن المصارف تجني من وراءعملية إصدار خطابات الضمان مبالغ لا بأس بها تضيفها إلى دخلها هذا بالإضافة إلىتجميع مبالغ أخرى في حساب التأمين النقدي لخطابات الضمان طرفها ، و هذه المبالغتستطيع المصارف استثمارها خلال فترات قصيرة في قروض صغيرة الأجل ، و هي مطمئنة إلىأن هذه المبالغ لن تطلب من قبل العملاء.

 

المبحث الثاني :الحالات التي يحتاج فيها إلى إصدار خطابات الضمان

متى يصدر المصرف خطابالضمان؟
يصدر المصرف خطاب الضمان عندما يطلب منه عميله ، و يسمى بالآمر أي أنههو الذي يـأمر المصرف بإصدار خطاب الضمان ، و ذلك في الحالات التي يحتاج إليهاالزبون أو الآمر ، و إليك بعضاً من هذه الحالات على سبيل الذكر لا الحصر.
1 إذاتقدم المقاول في الدخول في عطاء فإنه يطلب منه تقديم ضمان إما في صورة نقد صكمصدق أو خطاب الضمان المصرفي غير المشروط و الخيار للمقاول ، و ذلك من أجل ضمانجدية دخوله في العطاء حتى لا يتراجع المقاول إذا ما ارتفعت الأسعار أو أنه أخطأ فيالتقدير ، وعادة يفضل المقاول تقديم خطاب ضمان طالما أن الخيار بيده لسببين :
لأنه يحصل على هذا الخطاب من مصرفه في صورة تسهيل .
و لسهولة ترجيعه عنتحقيق الغرض المطلوب منه بخلاف النقود فإن المبالغ المودعة بخزانة الجهات العامةترجيعها ليس بالأمر الهين .
2 و قد يحصل المقاول أو الآمر زبون المصرف علىدفعة مقدمة عند رسو العطاء عليه حتى يتمكن من مباشرة عمله، و في هذه الحالة لا يتمصرف الدفعة المقدمة إلا بعد أن يقدم المقاول لرب العمل خطاب ضمان يمثل قيمة ما صرفإليه تتناقص بنسبة الأعمال المنجزة فيما بعد.
و يشترط عادة في الدفعة المقدمة أنيتم دفعها في حساب المقاول لدى المصرف و الغرض من خطاب الضمان هو لحماية رب العمل وهو المستفيد في خطاب الضمان فإذا تبيّن له أن المقاول لم يلتزم بالتنفيذ عندئذ يطلبمن المصرف تسييل قيمة خطاب الضمان لاسترداد ما سبق أن دفعه للمقاول كدفعة مقدمة .
وتعرف خطابات الضمان التي سبق ذكرها باسم خطابات ضمان المناقصات و المزايدات .
و نرى أن خطابات الضمان الدفعة المقدمة ينبغي إلا تكون داخلة في ضمن خطاباتالضمان التي تقدم من أجل الدخول في المناقصات و المزايدات لاختلاف خصائص خطاباتالضمان الدفعة المقدمة عن خطابات الضمان التي تقدم عند المناقصات و المزايداتفالأولى تتناقص قيمتها بنسبة المستخلصات المستحقة للمقاول إلى أن تنتهي هذا إذا تمالتنفيذ ، و إذا لم يتم فمن حق رب العمل ” المستفيد” مطالبة المصرف بالتسييل بخلافخطابات الضمان التي تقدم عند المناقصات و المزايدات و التي يفترض أنها قدمت لضمانالجدية في الدخول للمناقصة أو المزايدة و أنه بدخول المقاول لتلك الجلسة ، و فضالمظاريف يفترض أن خطاب الضمان قد أدى الغرض ، و يرجع للآمر.
ثم أن الغرض أوالهدف من كل خطاب يختلف عن الآخر و بالتالي لا يجوز أن يعتبرا من نوع واحد .
3 خطابات الضمان الملاحية : و هي التي تقدم إلى وكالات الشركات الخاصة بالنقل البحريعند وصول بضائع من الخارج قبل وصول بوالص الشحن Bill of Lading وفي هذه الحالة لايستطيع المستورد أن يستلم البضاعة إلا إذا كان بيده بوليص الشحن ، و حتى يتم التغلبعلى هذه العقبة يقدم المستورد خطاب الضمان صادراً عن مصرفه إلى وكيل الباخرة لكييتمكن من استلام البضاعة و عندما يحصل على بوليصة الشحن يسلمها إلى وكيل الباخرةمقابل استلامه لأصل خطاب الضمان الملاحي حتى يعيده للمصرف .
و جدير بالذكر أنخطاب الضمان الملاحي لا يتضمن لذكر مبلغ معين ، و إنما يذكر فيه وصف مجمل للبضاعةالتي استلمت بموجبه كان يقال في خطاب الضمان الملاحي عدد عشرون كرتونة أحذية نسائيبكل كرتونة خمسين زوجاً أرقامها من 3240.
عدد خمسون كرتونة أحذية أطفال بناتي وولادي بكل كرتونة خمسين زوجاً من الأحذية أرقامها من 2036 .و هذه الأحذية من منشأإيطالي مع ذكر قم بوليصة الشحن و مينائي الشحن و التفريغ ، و يلاحظ على هذا النوعمن خطابات الضمان لم يحدد فيه أجلاً أو تاريخ استحقاق ، ولكن في اعتقادنا لا يظلالالتزام قائماً إلى الأبد بل لابد من أجل ينتهي فيه مفعول هذا الخطاب ، و إن كانتلم تحدد فلا شك أن موضوع التقادم ينطبق بشأنها.
أما علة عدم تحديد المبلغ فيخطاب الضمان الملاحي فتأتي أهميته في أمرين :
أولهما أن هذه الخطابات الملاحيةلا يدفع بشأنها ضريبة دمغة لعدم ذكر المبلغ و قد استفاد الزبون من هذه المسألة .
ثانيهما لا يمكن تحديد المبلغ مقدماً لأنه و إن كانت قيمة البضائع بموجبالفواتير معلومة المقدار إلا أنه لا يمكن أن يتم التحديد مقدماً قيمة التعويضات والمصروفات التي تستجد في المستقبل بما فيها أتعاب المحامين و أجرة الشحن أو عوارياتالتأمين .
و قد قبل المستورد بموجب إصداره الأمر للمصرف أن يصدر خطاب الضمانالملاحي تحمل كل هذه المبالغ و التعويضات و التي يجهل مقدارها سلفاً .
4 خطاباتالضمان الجمركية : و هي التي تقدم في حالات كثيرة لغرض التيسير في الإجراءاتالجمركية مثل حالة السماح للمستورد بتسلم البضاعة مقابل تقديم خطاب ضمان إلى أن يتمتقدير الرسوم الجمركية المستحقة على تلك البضاعة أو أن شركة من شركات المقاولاتالأجنبية أحضرت معدات للعمل فهنا يجب أن تقدم تلك الشركة خطاب ضمان لمصلحة الجماركمع كتاب تتعهد فيه بترجيع تلك المعدات لبلادها بعد الانتهاء من العمل في خلال مدةمعينة قد ذكرت في خطاب الضمان ، و إلا جاز لمصلحة الجمارك أن تسييل قيمة خطابالضمان و ذلك حتى لا تبيع الشركة معداتها بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع حتى لاتضيع على الخزانة العامة الرسوم المستحقة ، و التي كان يجب تحصيلها قبل أن تستلمالشركة المعدات .
5 خطابات الضمان المهنية : و هي التي تقدم من طرف ممن يرغبونفي ممارسة مهنة معينة ، و من هذا النوع خطابات الضمان التي يقدمها أصحاب المستودعاتالجمركية إلى مصلحة الجمارك ضماناً لما قد يصدر عنهم مما يتوقع فرض عليه غرامةجمركية ، و كذلك خطابات الضمان التي يقدمها سماسرة بورصة الأوراق المالية.
6 خطابات الضمان الخارجية : و هي الخطابات التي يكون فيها العميل أو المستفيد أوكلاهما شخصاً غير مقيم في ليبيا ، و قد يكون موضوعها مناقصة أو مزايدة أو متعلقةبمسائل جمركية أو ملاحية .
7 و هنالك خطابات الضمان التي يمكن أن تقدم من قبلالأجانب الذين كانوا يقيمون في ليبيا ، أو عن طريق وكلاء لهم في مقابل سداد ماعليهم من التزامات هاتف ، كهرباء ، مياه ، أجرة سكن … عند خروجهم منليبيا.

و خلاصة القول أن ما تقدم ذكره ليس حصراً شاملاً لأنواع خطاباتالضمان بل أمثلة عليها لأنها في الواقع غير متناهية .
و نختم هذا المبحث فنقول :
أن خطاب الضمان يحقق مصلحة لأطرافه الثلاثة إذ يفيد منه البنك المصرف لأنهيتقاضى عمولة نظير إصداره ، و يفيد منه العميل لأنه يجنيه تقد\يم تأمين نقدي ، ويفيد منه المستفيد الذي صدر الخطاب لصالحه إذ يعتبر الخطاب الذي تحت يده بمثابةالنقود لأنه يتضمن التزاماً صادراً من الملتزم ذي مركز مالي مضمون هو البنك.
كمايؤدي البنك المصرف بهذا الضمان خدمة كبيرة لعملائه و للاقتصاد القومي و ذلك لمالخطاب الضمان من أهمية كبيرة في الحياة العملية إذ يغلب في العمليات الانشائية والمقاولات و التوريدات أن يشترط صاحب المشروع على المقاول أو المورد الذي يسند إليهالعملية أن يقدم تأميناً نقدياً لضمان تنفيذ العملية المسندة إليه ، و لكن تقديمهذه الضمانة النقدية يضر بالمقاول أو المورد لن فيه تجميداً لمبلغ كبير مدة طويلةبينما هو في حاجة ماسة إليه في تنفيذ العملية ، كما أن إجراءات استرداده –كما ذكرناآنفاً – بعد انتهاء العملية معقدة و طويلة لذلك يفضل أن يقدم لصاحب المشروع خطاباًمن البنك يحل محل هذا التأمين بحيث إذا دخل بالتزاماته رجع صاحب المشروع على البنكالضامن بموجب التزامه الثابت بخطاب الضمان الصادر منه .

الفصلالثاني
تعريف خطاب الضمان ، و بيان العلاقة بين أطرافه
المبحث الأول :تعريف خطاب الضمان

اختلفت آراء الباحثين والكتاب في تعريف خطاب الضمان
فالأستاذ راغب حبشي يعرف خطاب الضمان بقوله :
” تعهد كتابي صادر من أحدالبنوك بان يدفع نيابة عن أحد عملائه مبلغاً لا يتجاوز قدراً معيناً ، و ذلك خلالفترة زمنية تحدد عادة في الخطاب ذاته” .
و يؤخذ على هذا التعريف أنه استبعدخطابات الضمان الملاحية من قوله ” مبلغاً لا يتجاوز قدراً معيناً ” و ما ورد في عجزالتعريف في قوله ” خلال فترة زمنية تحدد عادة في الخطاب ذاته”
ذلك لأن خطاباتالضمان الملاحية تصدر بدون تحديد مبلغ ، و غنما يشار إلى أن خطاب الضمان الملاحييغطي قيمة البضاعة الوارد ذكرها في بوليصة الشحن رقم و المحملة على الباخرة
كماأن خطاب الضمان الملاحي لم تحدد فيه مدة لسريانه حتى يقال أنه بعد ذلك التاريخ يفقدصلاحيته ، و غنما يظل ساري المفعول إلى أن يحضر المستورد بوليصة الشحن ليسلمها إلىوكيل الباخرة حتى يسترجع خطاب الضمان الملاحي.
و يعرف الأستاذ علم الدين خطابالضمان بقوله :
” كتاب يوجهه البنك بناء على طلب عميله إلى شخص معين يسمىالمستفيد ، و يتعهد فيه بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين عند أول طلب من هذاالمستفيد و رغم كل معارضة قد يبديها العميل” .
و هذا التعريف في تقديرنا أفضلمن سابقه لأنه شمل في فحواه خطابات الضمان الملاحية بقوله : ” بدفع مبلغ معين أوقابل للتعيين ” لأن خطابات الضمان الملاحية ، و إن كانت غير محددة المبلغ أصلاً إلاأنه يمكن تحديدها لأنها قابلة للتعيين حيث تشير إلى البضاعة الموصوفة في بوليصةالشحن رقم كذا ، و بالتالي يسهل تقديرها.
كما عرف الأستاذ على جمال الدين عوضخطاب الضمان بقوله ” تعهد كتابي يصدر من البنك بناء على طلب عميله و نسميه الآمربدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعيين بمجرد أن يطلب المستفيد ذلك من البنك خلالالمدة المحددة ” .
و هذا التعريف قد أضاف شيئاً جديداً على ما سبقه ، و هو أنما يدفعه المصرف للمستفيد هو دائماً مبلغ نقدي معين أو قابل للتعين ، و هذه الإضافةلها ما يبررها حيث تبعد تكييّف خطاب الضمان عن الكفالة حيث يعتبر الكفيل ملزماًبالتنفيذ العيني و إذا تعذر عليه ذلك يرجع عليه بدفع المقابل النقدي أما خطابالضمان فالتزام المصرف محدد سلفاً بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعين .
وقداستبعدت المصارف الليبية نوعاً من خطابات الضمان المطبقة في أمريكا وهي Performance bond لأنها ترى فيها نوعاً من الكفالة ، وهي عادة تأتي في التزام المصدر بتركيباتالمصانع و المعامل و الآليات حيث يلتزم المصرف إذا لم يقم المصدر بإرسال المهندسينو الفنيين لتركيب الآليات و المصانع بأن يحضر من يقوم بهذا العمل على حسابالمصدر.
و يعرف الأستاذ محمد طاهر العشري خطاب الضمان بقوله :
” خطاب الضمانيصدره البنك إلى شخص ، اصطلح على تعريفه بالمستفيد ، و ذلك كطلب من عميل من عملاءالبنك ، و يتعهد البنك المصدر بموجب هذا الخطاب بأن يدفع للمستفيد مبلغاً معيناً منالمال في غضون أجل معين ، و لغرض معين محدد بالضمان ، و ذلك بموجب مطالبة يتلقاهامن هذا المستفيد ، و قد يصح أن تكون المطالبة بدون أية شروط و لكنها في أي الأحواليجب أن تكون في حدود المهلة المحددة بخطاب الضمان ، و يوصف هذا الخطاب بأنه شخصيبمعنى أنه غير قابل للتداول كالأوراق التجارية مثل الصكوك ، و الكمبيالات ، و ينبغيملاحظة أن البنك بإصداره لخطاب الضمان إنما ينشئ في ذمته التزاماً مباشراً تجاهالمستفيد ، و يوصف هذا الالتزام بأنه التزام أصلي ، و ليس تابعاً لأية التزاماتأخرى تكون بين عميل البنك و المستفيد بل أن هذا الالتزام أي التزام البنك مستقلتماماً عن أي التزام أخر بين الطرفين سالفي الذكر ” .
و يؤخذ على هذا التعريفأنه بدلاً من أن يعرف ماهية خطاب الضمان تناول البحث في خصائصه عندما قال أنه شخصيغير قابل للتداول ثم استغرق البحث أيضاً في مسألة العلاقة بين أطرافه ، و من ثم فهولم يعرفه التعريف الفقهي الصحيح.
كما عرفه الأستاذ مصطفى كمال طه بقوله ” تقعالكفالة المصرفية بخطاب يوجهه البنك إلى دائن العميل يضمن فيه تنفيذ العميللالتزاماته ، و يسمى بخطاب الضمان ” .
و هذا التعريف لا يسلم لصاحبه من النقد، و عليه عدة مآخذ منها :
أنه لا يفرق بين خطاب الضمان و الكفالة .
يبدوأن هذا التعريف بقد استبعد خطابات الضمان الملاحية بقوله :
” ….بخطاب يوجههالبنك إلى دائن العميل ” لأن خطابات الضمان الملاحية توجه لوكيل الباخرة ، و هو ليسدائناً للمستورد ، و إنما دائنه الحقيقي هو المورد .
خطاب الضمان لم ينشأ لأجلأن يضمن فيه تنفيذ التزامات العميل ، و إنما محله دفع مبلغ نقدي معين أو قابللتعيين عند أول طلب خلال مدة سريان الخطاب.
كما أن العبارة الواردة في نصالتعريف من انه:
” …يضمن فيه تنفيذ العميل التزاماته” توحي بأن العميل إذا لميستطع الوفاء بالتزاماته يجوز لدائن العميل أن يطلب التنفيذ العيني للالتزام من قبلالمصرف و هذا لا يجوز إطلاقاً .
و يعرف الدكتور فريدي باز عقد الكفالة المصرفيةبأنه :” تامين تضامني مع أحد العملاء يعطيه المصرف لحساب شخص ثالث” و هو بالنسبةإلى المصرف عملية تسليفة لأن المصرف لا يقرض أموالاً بصورة فعلية لزبونه إلا فيحالة تخلف هذا الأخير عن تنفيذ التزامه فيطلب المستفيد من المصرف التسييل.
و منهنا يمكن استخلاص أهم صفات الضمانة المصرفية عند فريدي باز :
‌أ الصفة التجارية، و يترتب على هذه الصفة أنها عمل بمقابل فهذه الخدمة لا تتم مجاناً لا سيما حيثيكون الضامن مصرفاً لا يهدف طبعاً إلى القيام بأعمال البر و الإحسان ، و إنما إلىتحقيق المكاسب و الأرباح.
و أنها عمل تضامني و هنا التضامن مفترض في المجالالتجاري ثم أن التضامن الذي كان هو الاستثناء في مجال الكفالات بات هو القاعدة ، وجميع الكفالات المصرفية الصادرة اليوم هي تضامنية ن و النتيجة الرئيسية للتضامن هيالتخلي عن حق الاستفادة من تجزئة الدعوى الرئيسية و عن حق التجريد الدفع بطلبمقاضاة المدين أولاً .
‌ب صفة أحادية الجانب : أن عقد الكفالة المصرفية هو عقدملزم لطرف واحد ، لأن أحد الأطراف المصرف الكفيل في هذه الحالة يتعهد تجاهالطرف الآخر الدائن أو المستفيد دون مبادلة. وعليه فإن الطرف الأول هو فقط مدينبالتزام بدفع مبلغ من المال ، و الطرف الثاني هو فقط دائن بهذا الالتزامنفسه.

‌ج الصفة الرضائية: إن عقد الكفالة رضائي بلا ريب فهو يصير ناجزاًبمجرد تبادل الموافقة بين الكفيل و الدائن .
و هذا القول في اعتقادنا محل نظرإذ الثابت في العمل أن المصارف لا تبحث في مثل هذا الرضا مع الدائن و هو المستفيد ،و يفترض انه لا كلام و لا حديث بينهما إلى أن يصل بيد المستفيد خطاب الضمان بأيكيفية كانت بالبريد أو عن طريق الآمر . و يبدو أن المقصود هو رضا المدين و هو الآمرزبون المصرف و هذا مطلوب بكل تأكيد إذا لا يستطيع أن يلزم المصرف زبونه بالتزام لايرغب فيه أو بدون رضاه. كما نحب أن ننوه هنا أن الدكتور فريدي باز قد استعمل لفظعقد الكفالة اكثر من مرة ، و الظاهر عندي أن هذا التعبير قد جانبه الصواب لأن فيمصطلح العقد يفترض هو ما تم الاتفاق عليه بين طرفين فأكثر مذيلاً بالتوقيع . في حيننجد أن في خطاب الضمان موقع من قبل المصرف فقط و لا يعتبر المستفيد طرفاً فيه ، وأما الآمر فقد تقدم بطلب إلى المصرف يطلب فيه إصدار خطاب الضمان لصالح عميله وفقالشروط المتفق عليها ، و إن جاز إطلاق طلب الزبون لمصرفه بإصدار خطاب الضمان بالعقدفإنه لا علاقة للمستفيدبه.

 

تعريف خطاب الضمان

” خطاب الضمان هو تعهد كتابي غير قابل للإلغاء يصدر عن المصرفبناءاً على طلب عميله – و يسمى بالآمر – بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعين إلىالمستفيد الذي صدر لصالحه خطاب الضمان شخصياً عند أول طلب منه خلال مدة سريانالخطاب “

شرح مفردات التعريف

معنى قولنا تعهد كتابي :

أي لابد أن يكون هذا التعهد أو الالتزام المصرفي قد صيغ في شكل محدد مكتوب كسند يحتج بهعلى الكافة ، و هو خطاب الضمان.

و معنى قولنا غير قابل للإلغاء :

أنهمتى قبل المصرف و تعهد في متن خطاب الضمان من انه سوف يدفع عند أول طلب ، و بدونأية معارضة من عميله فإن هذا التعهد متى وصل مجسماً في سند مكتوب إلى يد المستفيدفإن المصرف قد ألزم نفسه به ، و لا يستطيع أن يتخلص من التزامه مهما كانت المبرراتو الأسباب كأن يقول أنه قد غرر به أو وقع في غلط أو أن عميله قد عدل عن رأيه ….الخ.

و معنى قولنا أنه يصدر من المصرف :

لأن خطابات الضمان لا تصدرعن أفراد طبيعيين و لا تصدر عن شركات ، و جهات اعتبارية أخرى ، و إنما تصدر فقط عنالمصارف التجارية ، و هذا شرط جوهري في خطاب الضمان لأن المصارف التجارية هيالمختصة أصلاً بإصدار خطابات الضمان ، ومن ثم فلا نتصور إطلاقاً أن يصدر خطابالضمان عن جهات سميت بالمصارف ، و هي في الواقع ليست مصارف كالمصرف الزراعي أو مصرفالتنمية أو مصرف الادخار و الاستثمار العقاري لأن هذه المسميات في الواقع ليستمصارف و إنما شركات كل واحدة متخصصة في مجال معين ، و قد جاءت تسميتها بالمصارف علىسبيل المجاز بالمخالفة لنص المادة 151 الفقرة الأخيرة من القانون رقم 4/1963 قانونالبنوك و التي تنص على الآتي :
” ……..و يحظر على أية منشأة غير مأذون لهابمزاولة الأعمال المصرفية طبقاً لأحكام هذا القانون أن تستعمل كلمة ” مصرف” ومرادفاتها و أي تعبير يماثلها في أي لغة سواء في تسميتها الخاصة أو عنوانها التجاريأو في دعايتها”.
كما عرفت المادة 500 من قانون البنوك ” المصارف” رقم 4/1963بقولها
” يعتبر مصرفاً كل منشأة تقوم بصفة معتادة بقبول الودائع في حساباتجارية تدفع عند الطلب أو الأجل ، و فتح الاعتمادات ، و تحصيل الصكوك المسحوبة منالعملاء أو عليهم و منح السلفيات و غير ذلك من الأعمال المصرفية .
و لا يعتبرمصرفاً تجارياً في تطبيق أحكام هذا القانون المصارف التي يكون عملها الرئيسيالتمويل العقاري أو الزراعي أو الصناعي أو التي لا يكون قبول الودائع تحت الطلب منأوجه نشاطها الأساسي”

إذن كما تقدم شرط أساسي أن يكون خطاب الضمان قد أصدره مصرف، ومن ثم فلو حاولت بعض الجهات العامة أو شركات التأمين أو غيرها أن تخلق نظاماًيماثل خطابات الضمان ، و حاولت أن تقنع بقبولها الغير فلن يقبل منها.

و معنىقولنا بناءاً على طلب العميل :

أن المصرف لا يصدر خطاب الضمان لصالحالمستفيد تطوعاً عن عميله أو بدون موافقته و رضاه و إنما بناء على طلب ذلك العميل ،و تنفيذاً لرغبته لأن خطاب الضمان في حد ذاته التزام و لا يملك المصرف أن يحملعميله التزاماً دون موافقته و رضاه.
ثم إذا افترضنا أن المصرف أصدر خطاب الضمانبدون طلب من العميل فكيف يحصل من العميل على عمولته في نظير إصدار خطاب الضمان ورسوم ضريبة الدمغة. و ما قيل عن ضرورة موافقة عميل المصرف على إصدار خطاب الضمانيقال أيضاً عندما يطلب المستفيد تمديد خطاب الضمان أو تجديده إذ في كلتا الحالتينلا يأتي ذلك إلا بناء على طلب العميل أو عندما يكون طلب المستفيد قد جاء على سبيلالتخيير مدد أو سييل كما سنشرحه في موضوعه فيما بعد إن شاء الله تعالى .

و معنى قولنا بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعين :

أن محل التزامالمصرف قد تحدد سلفاً ، و هو قيامه بدفع مبلغ نقدي عندما يطلب منه ذلك ، و من هنايستبعد أن يقوم المصرف بالتنفيذ العيني نيابة عن عميله لصالح المستفيد لن المصرفليس كفيلاً للعميل في تنفيذ التزامه العيني .
و كما يفهم من قولنا أن المبلغالنقدي معين أو قابل للتعيين هو شموله هذا التعريف لجميع أنواع خطابات الضمان التييقوم المصرف بإصدارها إذ معظمها يكون المبلغ محدداً في متنها إلا نوعاً واحداً منهاو هو خطابات الضمان الملاحية فإنه لا يحدد فيها المبلغ ، و إنما يكتفي بوصف موجزللبضاعة من حيث أنواعها و كمياتها و هي المحملة على الباخرة كذا بموجب بوليصة الشحنرقم كذا و هنا يكون محل الالتزام قابلاً للتعيين في المستقبل ، و ليس التزام بعملتسليم بوليصة الشحن كما يعتقد البعض إذ أن التسليم يتم من قبل الآمر لاالمصرف.

و معنى قولنا إلى المستفيد الذي صدر لصالحه خطاب الضمان شخصياً :

المقصود بذلك هو أن خطاب الضمان شخصي لا يجوز دفع قيمته عند الطلب إلا لمنصدر له شخصياً ، و من ثم فلو دفع المصرف إلى خلاف المستفيد الخاص أو العام أو شخصاًآخر غيره يكون ملزماً تجاه عميله لأن خطاب الضمان ليس ورقة تجارية تتداول بالتظهيرأو بالمناولة.

و معنى قولنا عند أول طلب منه خلال مدة سريان الخطاب :

معنى ذلك أنه لابد أن يكون طلب التسييل في وقت سريان الخطاب ، و بطلب منالمستفيد ذاته ، و من هنا فلو طلب دائن المستفيد التسييل فلن يجاب إلى طلبه ، و لوكان ذلك الطلب قد ورد إلى المصرف في خلال مدة سريان خطاب الضمان.

كذلك و إذااستلم المصرف طلب المستفيد بالتسييل بعد تاريخ صلاحية خطاب الضمان أيضاً لا يجابالمستفيد إلى طلبه لأن المصرف بانتهاء الفترة الزمنية لاستحقاق خطاب الضمان أصبح فيحل من التزامه تجاه المستفيد ، و أنه قد قام بترجيع التأمين النقدي و هو غطاء خطابالضمان لصالح عميله.

منقول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى