اعداد محاسب

الضوابط المنهجية في إنجاز مهام التدقيق الداخلي

تختلف طريقة عمل المدققين الداخليين تبعا لإختلاف طبيعة نشاط المنشأة، ونوعية المشكلات التي تؤثر على أداء عملياتها، إلا أنهم يخضعون في إنجاز مهام التدقيق إلى معايير التدقيق الداخلي المتعارف عليها، والتي تتضمن قواعد

وإرشادات عامة، يضمن الإلتزام بها الإنسجام في أعمال المدققين، وبالتالي إكمال المهمة بنجاح، وفي هذا السياق يؤكدAl twaijri (Al twaijri, 2004) أن فعالية التدقيق الداخلي تتأثر بشكل جوهري بالطريقة التي تؤدي بها. تتلخص الضوابط المنهجية التي يجب مراعاتها في إنجاز مهام التدقيق الداخلي، وفق قواعد و إرشادات معايير التدقيق الداخلي الدولية (طبيعة 2008)، فيما يلي:

– تحديد الجهة المراد تدقيقها، وقد يكون ذلك ناتج عن رغبة مسؤول التدقيق الداخلي، الذي يستند في إختياره على خطة التدقيق السنوية المصادق عليها من الهيئات العليا للمنشأة (khelassi, 2007) ، ويمكن أن يكون ذلك بناءً على طلب جهات أخرى داخل المنشأة مثل الإدارة العليا، والتي تريد رأي التدقيق في حالة أو مشكلة مستعجلة (Schick, 2007)، أو أن يكون بناءً على طلب الجهة الخاضعة للتدقيق نفسها، والتي تطلب مساعدة التدقيق الداخلي بتقديم خدمات إستشارية تتعلق بنظام الرقابة الداخلية وعملية إدارة المخاطر الخاصة بالنشاط الخاضع لإدارتها.

– يعمل المدقق الداخلي أثناء المرحلة التمهيدية من المهمة على تحديد مجال التدقيق، وتعيين الأشخاص المراد مقابلتهم، جمع الوثائق حول النظم المراد تدقيقها، والحصول على المعلومات الرقمية والوصفية للمجال المراد تدقيقه، و يتم تحليلها من أجل تحديد وتقييم المخاطر تطبيقاً للمعيار 2210A1.، الذي ينص على أنه ” يجب على المدقق الداخلي تحديد وتقييم المخاطر المرتبطة بالنشاط الخاضع للتدقيق،…” (IIA, 2008)، وهي خطوة ذات أهمية بالغة بالنسبة للمدقق الداخلي، حيث يستند عليها في إعداد برنامج تفصيلي للفحص، وتساعده في توجيه وتوزيع الموارد المخصصة لمهمة التدقيق على مناطق الخطر الأكثر أهمية، والتي هي بحاجة للتدقيق أكثر من غيرها. وفي هذا الإطار، يشير(Al-twaijri, 2004) إلى أن عملية تحليل وتقييم المخاطر هي مرحلة مهمة تميز التدقيق الداخلي الفعال اليوم، الذي أصبح يعتمد مقاربة حديثة تتمثل في التدقيق القائم على المخاطر(Risk-based auditing) بعدما كانت نظم الرقابة الداخلية العامل المسيطر في تحسين أداء التدقيق الداخلي، و إدارة مخاطر المنظمة. إن فحص وتحليل المعلومات التي تم الحصول عليها أثناء مرحلة التعرف على النشاط أو الوحدة الخاضعة للتدقيق تساعد فريق التدقيق في تحديد التغطية المبرمجة للتدقيق، وتحديد أهداف و مناطق الخطر في نظام الرقابة الداخلية، وبالتالي تحديد مستوى خطر الرقابة والخطر الملازم الخاص بهذا النشاط أو الوحدة محل التدقيق (Renard, 2007).

– تبتدأ مرحلة تنفيذ المهمة بإعداد “برنامج الفحص” بشكل مكتوب، من طرف فريق التدقيق، وتحت إشراف رئيس المهمة، ثم يتم إرساله إلى مسؤول التدقيق الداخلي للإطلاع والمصادقة عليه، طبقا للمعيار رقم A1.2240، و تقع على رئيس المهمة مسؤولية الإحتفاظ به في ملف التدقيق، المُكوَن من أوراق العمل. يعتبر هذا البرنامج بمثابة وثيقة داخلية تستعملها إدارة التدقيق الداخلي لمتابعة وتقييم أعمال المدققين الداخليين(Lemant, 2007, p.77). تتضمن هذه المرحلة الهامة وصف، تحليل وتقييم نظام الرقابة الداخلية للوحدة أو النشاط الخاضع للتدقيق، ومن ثم إعادة تقييم درجة المخاطرة، حيث ستحدد نتائج إعادة التقييم فيما إذا كان المدقق الداخلي سيقرر القيام بإختبارات موسعة لنظام الرقابة الداخلية، أم سيكتفي بإختبارات محدودة للتأكيد، والتي يمكن أن تسمح نتائجها بتحرير تقرير التدقيق الخاص بالمهمة(Pikett, 2005).
– من المتفق عليه في ميدان التدقيق -عموما- أن كل مهمة تدقيق يجب أن تنتهي بتقرير، وهو وسيلة لتوصيل المنتج النهائي للمهمة المنجزة. وفي إطار مهام التدقيق الداخلي، تنطوي هذه المرحلة على تلخيص ما تم إنجازه من أعمال التدقيق و وضعها تحت تصرف الإدارة العليا، والأطراف الأخرى المعنية بتلك المهمة( الوردات، 2006). ولهذا، يمكن أن يكون التقرير أداة قوية لإبراز أهمية التدقيق الداخلي في المنشأة، لما لهذا التقرير من فوائد لجميع أعضاء المنشأة؛ غير أن ذلك يتوقف على تتوفر مجموعة من الصفات النوعية في محتوى التقرير النهائي للتدقيق الداخلي، التي حددها المعيار رقم 2420، ألا وهي: الدقة، الموضوعية، الوضوح، الإختصار، الكمال، الأثر البناء(IIA, 2008). يجب على مسؤول المهمة مناقشة النتائج مع الأشخاص الخاضعين للتدقيق، وأخذ إجاباتهم و ملاحظاتهم بعين الإعتبار، قبل تحرير التقرير النهائي وإرساله للإدارة العليا ومجلس الإدارة )أو لجنة التدقيق(؛ وذالك لتجنب سوء فهم أو سوء تفسير الحقائق من طرف فريق التدقيق. لقد أكد المعيار رقم 2420 على أن إعداد التقرير النهائي ونشره في الوقت المحدد والمناسب هو من صفات التقرير الجيد، وبعبارة أخرى، فإن تحقيق الفائدة من مهمة التدقيق يقتضي الإسراع في إصدار التقرير وإرساله إلى الجهات المعنية، من أجل إتخاذ الإجراءات اللازمة بفعالية، وكل تأخير في إعداد التقرير النهائي ونشره سيجعله قليل الفائدة، لأن الأحوال تكون قد تغيرت، والمعلومات أصبحت قديمة، وبالتالي فأي إجراء سيُتخذ سيكون غير مناسب.

– إن دور المدقق الداخلي لا ينتهي بمجرد إرسال التقرير النهائي للجهات المناسبة المعنية بالمهمة المُكلّف بها كما ينص على ذلك المعيار رقم 2440، وإنما عليه أن يتأكد من اتخاذ الإجراءات التصحيحية الملائمة من قبل الجهات المسؤولة، وعليه متابعة عملية تنفيذها وتقييمها. و في هذا الإطار، فقد أكد المعيار رقم 2500A1. على وجوب وضع مسؤول التدقيق الداخلي إجراءات المتابعة للتأكد من أن الإدارة قد اتخذت فعلا الإجراءات اللازمة، أو أن الإدارة العليا قد قررت تحمل المخاطر الناجمة عن عدم إتخاذ أي إجراء(IIA, 2008). مرحلة المتابعة لا تقل أهمية عن المراحل السابقة، فهي مرحلة تتحدد فيها المسؤوليات، وقد فرّق المعيار رقم 2500 بين مسؤولية الإدارة عن إتخاذ الإجراءات اللازمة إستجابة لتقرير التدقيق الداخلي، وبين مسؤولية مدير التدقيق الداخلي عن تقييم الإجراءات المتخذة من قبل الإدارة، بإعتبار أن إدارة التدقيق الداخلي ليس لها أي سلطة (Authority)تمكنها من فرض تنفيذ التوصيات و الإقتراحات الواردة في التقرير النهائي لمهمة التدقيق، فما هي إلا وظيفة إستشارية. وإذا قررت إدارة المنشأة تحمل مخاطر عدم تصحيح الحالة التي تم التقرير عنها بسبب التكلفة أو أي سبب آخر، رغم أنها تمثل مخاطر غير مقبولة للمنشأة، فيجب على مسؤول التدقيق الداخلي إخطار مجلس الإدارة بذلك طبقا للمعيار رقم 2600(IIA, 2008). هنا تتأثر إستقلالية المدقق الداخلي، وتصبح مقيدة بنشوء خلاف بينه وبين الإدارة العليا، والذي يجب أن يفصل في هذا الخلاف هو مجلس الإدارة ذاته، أو لجنة التدقيق، و هذا ما يجعل وجود هذه الأخيرة أمر ضروري لحماية إستقلالية نشاط التدقيق الداخلي في المنشأة.

إن توفر البيئة التنظيمية الملائمة، و الكادر الكفؤ والمناسب لهذه الوظيفة، وتطبيق الأساليب و الأدوات المطلوبة في إدارة و تنفيذ مهام التدقيق الداخلي، أمور من شأنها ضمان جودة تقارير عمليات التدقيق الداخلي، وما تحتوي عليه من نتائج وتوصيات موضوعية، والتي ستدفع إدارة المنشأة إلى التغيير أو التصرف عندما تُقدّر أهمية ما ورد في هذه التقارير، وتقتنع بأن نشاط التدقيق الداخلي قد أضاف قيمة لعمليات وأنشطة المنظمة، مما يساعد هذه الأخيرة على بلوغ أهدافها، وهو غاية وظيفة التدقيق الداخلي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى