اعداد محاسب

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة النسوية ومساهمتها في الحد من البطالة

تؤدي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورًا رياديًا في إيجاد فرص عمل، واستيعاب نسبة كبيرة من القوى

العاملة بمستوياتها المختلفة، ومن ثم مساهمتها في التخفيف من حدة مشكلة البطالة، وضمان استدامة عملية التنمية الاقتصادية، فالمصدر الحقيقي لتكوين القدرات التنافسية واستمرارها هو”المورد البشري”الفعال، وعلى هذا الأساس، تجلى الاهتمام بها من قبل الحكومات والأفراد في الوقت الراهن، نظرا للأدوار التي تسعى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى تحقيقها، إذ تعتبر:
– مصدر كبير منتج وخالق لفرص العمل: لأﻧﻬا تعتمد على تكثيف العمالة عكس المؤسسات الكبرى التي تتطلب استثمارات رأسمالية كبيرة، وأنماط تكنولوجيا كثيفة رأس المال وقليلة العمالة، ومهارات فنية متخصصة ومتطورة لا تتوفر معظمها في البلدان النامية، إذ تستوعب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ما بين 60 إلى 80% من مجموع الوظائف في سوق العمل، فعلى سبيل المثال – وفرت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة (1992-1998 ) أكثر من 15 مليون فرصة عمل جديدة، مما خفف من حدة البطالة وآثارها السيئة، وفي دراسة عن دول الإتحاد الأوربي في عام1998 ، تبين أن هذه المؤسسات توفر حوالي %70 من فرص العمل بدول الإتحاد الأوربي، وفي البلدان العربية توفر هذه المؤسسات حوالي% 57 من إجمالي العمالة بالقطاع الصناعي في ﻧﻬاية التسعينات.
– مصدر لتنمية المواهب والإبداعات والابتكارات وإرساء قواعد التنمية الصناعية، إذ تشير الدراسات المتخصصة في هذا الميدان إلى أن عدد الاختراعات التي تحققت عن طريق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تزيد عن ضعف مثيلاتها في المؤسسات الكبرى.
– مصدر لإتاحة الفرص لجميع شرائح المجتمع ولجميع المناطق، ليكون لهم دورًا فاعلا ومؤثرًا على الاقتصاد الوطني، من خلال تعبئة رؤوس الأموال من الأفراد والجمعيات والهيئات غير الحكومية، وبالتالي تعمل على تنمية السلوك الادخاري لدى الأفراد، وغيرها من مصادر التمويل الذاتي.
وتدعم منظمة العمل العربية هذا التوجه، في مقابل تركيز البنك الدولي على السياسات والإجراءات المالية والنقدية لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية في العديد من البلدان العربية، خاصة وأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتميز بانخفاض حجم رأس المال المستثمر، واعتمادها على المواد الأولية المحلية، وعلى وجه الخصوص في المناطق الريفية، ومرونتها في الانتشار في مختلف المناطق، والقدرة على التوسع بما يؤدي إلى تحقيق التنمية المتوازنة جغرافيًا، وإمكاناتها في التجديد والمرونة والتكيف مع تغيرات السوق، فضلا عن أن استثمار رؤوس الأموال في مشروع صناعي صغير أو متوسط يخلق فرص عمل أكثر من استثمار ذات المبلغ في مشروع صناعي كبير، ويحقق بالتالي مجالات واسعة في توليد فرص العمل، بحيث أصبحت المشروعات الصغيرة تمثل “مستودعًا” لفرص العمل الجديدة، وأداة من أدوات وبرامج مكافحة البطالة، والحد من العمل غير المنظم.
تعاني معظم البلدان النامية عمومًا والجزائر خصوصًا من مشكلة البطالة بمختلف أشكالها كالبطالة السافرة والبطالة المقنعة(لأﻧﻬا تتصف بالنمو السريع للسكان، فعدد السكان في الجزائر يزداد في المتوسط بمقدار 500.000 نسمة سنويًا، والقوى العاملة أيضا بدورها تزداد بمقدار لا يقل في المتوسط عن 300.000 فرد سنويًا، بالإضافة إلى توظيف الأعداد الكبيرة من العمالة غير المدربة عادًة في أعمال منتجة يمثل مشكلة حقيقية.
كما أن هناك شبه إجماع بين الاقتصاديين على عدم قدرة المؤسسات الكبيرة على توفير فرص عمل كافية لامتصاص البطالة المنتشرة سواءً في البلدان النامية أو المتقدمة على حد سواء، أو استيعاب الأعداد المتزايدة من القوى العاملة التي تعرض خدماتها كل عام في سوق العمل، ومن هنا أدركت دول العالم الدور المهم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في استيعاب أعداد كبيرة من العمالة، والإسهام في حل مشكلة البطالة، واحتواء الكوادر البشرية في سوق العمل، وتحويلها إلى قوة عمل حقيقية ومنتجة من خلال انخراطها في حركة الإنتاج داخل هذه المؤسسات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى